خبر مشعل سيقود، هنية يقرر، باراك يتلعثم..هآرتس

الساعة 02:51 م|21 ديسمبر 2008

بقلم: تسفي برئيل

اي توتر، واية حالة فزع نشأت مع نهاية الاسبوع. حماس ستمدد التهدئة ام لا؟ كيف يمكن بالضبط تفسير ال "لا" التي صدرت عن خالد مشعل، و "ربما" التي صدرت عن محمود الزهار، والتلعثم المبهم الذي صدر عن اسماعيل هنية؟ اقتباسات الجزيرة اصبحت بالنسبة للناس في تجمعات غرب النقب اكثر اهمية من التقارير التي تبثها القنوات الاعلامية الاسرائيلية. هناك، اي هنا، يدركون جيدا انه ليس من المهم كثيرا ما يقوله ايهود باراك او تسيبي لفني، وان حماس هي التي ستقرر وليس الدولة.

 

وقد قررت: التهدئة- انتهت. كما يبدو للوهلة الاولى، اصبح هناك نوع من التوازن بين حماس واسرائيل بصورة مفهومة ومتفق عليها: حما س تطلق النار- اسرائيل تغلق المعابر. حماس تجلس بهدوء- اسرائيل تفتح المعابر. الجانبان يعرفان، ان الخيارات العسكرية محدودة. حماس لن تتسبب في انهيار اسرائيل ببضعة عشرات من صواريخ القسام، واسرائيل تعترف انها لا تستطيع في هذه المرحلة توفير اكثر من رد محدود والاستمرار في العقوبات.

 

الا ان هذا الحوار العنيف يوفر لحماس تفوقا كبيرا وتميزا. قرار الاستمرار في التهدئة او عدمه اصبح بيديها. اسرائيل بقيت في موقع المدافع عن النفس. وفي ذلك بضعة انجازات ايضا لحماس. العقوبات الاسرائيلية تثقل الامور عليها من جهة، ولكن شبكة الانفاق التي تربط القطاع بمصر تعتبر من الناحية الاخرى بنية تحتية بديلة للامدادات المعقولة. الخدمات العامة مثل الشرطة، المدارس، العيادات، المواصلات، تؤدي دورها وفي بعض الاحيان تؤدي بصورة جيدة، صحيح ان العمل غير متوفر في القطاع، ولكن هناك مال يمر مباشرة للمؤسسات الخيرية والمحتاجين اي اغلبية السكان. الحكم الذاتي الفلسطيني في غزة يبرهن عن انه قادر على اداء دوره ايضا في اصعب الظروف.

 

الاهم من ذلك، بعد عام ونصف من الحكم في القطاع من دون مصر، يبدو ان المواطنين قد اعتادوا على الوضع مضطرين في ظل عدم وجود خيارات اخرى. حماس تستطيع الاطمئنان وعدم القلق من حدوث عصيان مدني مضاد، المسوغ الاسرائيلي الكامن من وراء فرض العقوبات قد تبدد من تلقاء نفسه. حكومة اسرائيل بالتحديد هي التي يتوجب عليها ان تقلق من رد فعل مواطنيها في النقب. خصوصا بعد ان لم يعد بامكان اركادي كايدماك ان يدخل لنعليها.

 

الا ان حماس قد حققت في الوقت الحالي اكثر من القدرة على التكيف والقدرة على ادارة منطقتها الجنوبية. حماس بفضل اسرائيل، تحولت الى طرف استراتيجي في الشرق الاوسط كله. مصر ترى بها امتدادا ايرانيا وتجري معها حوارا وكأنها دولة معادية. كذلك الحال مع السعودية، التي كانت ذات مرة توفر رعايتها الاساسية لحماس والان فقدت مكانتها لصالح ايران. الاردن، من ناحيته، يحاول بالتحديد تقريب قيادة حماس اليه. حماس هي الضمانة كي لا تجعل السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس الاردن دولة فلسطينية بديلة. سورية تحرك حماس بمقبض تحكم في العملية السياسية، التي لا تشارك فيها من الناحية الظاهرية، وهي حتى تدافع عن التنظيم، الذي لم يتوجه للقاءات المصالحة في القاهرة في شهر تشرين الثاني، وتتهم مصر بانها لا تتصرف كوسيط نزيه في الصراع بين حماس وفتح. النتيجة توتر جديد بين مصر وسورية بسبب حماس.

 

اطلاق النار على اسرائيل وعقوباتها المفروضة على القطاع يضمنان استمرار تأييد الرأي العام العربي لحماس، وبذلك تحافظ حماس على مكانتها في مواجهة الانظمة العربية. ضعف حكم عباس وحقيقة انه لا يستطيع توفير انجازات حقيقية في مواجهة اسرائيل، وانهيار الحوار السياسي وتوقع صعود اليمين الى سدة الحكم في اسرائيل- كلها عوامل تحول حماس الى " الرد الفلسطيني الملائم" على المجريات. اغلبية الدولة الفلسطينية تقع في الضفة، ولكنها ستقاد من القطاع. ذلك لانه ان فشل محمود عباس في مواجهة ايهود اولمرت – فكيف سينجح في مواجهة بنيامين نتنياهو؟. من الممكن التقدير من الان انه ان جرت انتخابات البرلمان الفلسطيني بعد سنة ، في ظل حكم نتنياهو ، فيتوقع ان تحرز حماس انتصارا ساحقا. لا يمكن ايضا التقدير ان تنتنياهو ليس قلقا من هذه الامكانية، التي ستبرهن مجددا انه لا يوجد شريك فلسطيني، وتتيح له التنصل من اي اتفاق تم التوصل اليه مع عباس.

 

ثلاث سنوات مرت منذ تنظيم الانتخابات في السلطة، انتخابات لم توصل حماس الى القيادة فقط، وانما تسببت ايضا بامكانية التوصل الى اقصى قدر ممكن من الاتفاق القابل لتحقيق بينها وبين اسرائيل. ليس اعترافا، وانما تعاون عملي، ليس سلام ولكن ادارة مشتركة للمشاريع. اسرائيل فضلت المبادىء والايديولوجيا على السياسة، والرمز على الفطنة التكتيكية. الان هي التي تمسك بالمنظار الموجه نحو غزة، منتظرة معرفة ما ستقرره حماس.