خبر تحدث مع حماس يا اولمرت..هآرتس

الساعة 02:49 م|21 ديسمبر 2008

بقلم: جدعون ليفي

الوضع في الجنوب يبعث على اليأس، من قلب منطقة محاصرة ومقاطعة من قبل العالم كله، في وضع مستحيل صارخ، تطلق صواريخ القسام على التجمعات الاسرائيلية، وهذا ايضا وضع لا يطاق بصورة صارخة، وجهاز الدفاع الاسرائيلي يعترف بانه لا يمتلك ردا حقيقيا. اغلبية الشخصيات المرموقة في البلاد تعرف الحقيقة باستثناء بعض السياسيين المتحمسين في موسم الانتخابات: ليس هناك حل عسكري. لا "عملية كبيرة". ولا صغيرة. لا تصفيات ولا قصف. كما ان وضع جلعاد شاليت بلا حق عسكري. فما العمل اذا؟، شد الكتفين والاستغراب. غزة غارقة في النكران والعزلة والالام، وازديروت في فزعها ويأسها، ولا يخطر ببال احد ان يحاول كسر هذه الدائرة السحرية المغلقة.

 

رئيس الوزراء المغادر ايضا، ايهود اولمرت، والذي يظهر في اواخر ايامه السياسية مع بضعة تصريحات حازمة قاطعة واستثنائية في مدى حقيقتها وفي الجرأة التي تنطوي عليها، شريك في الهوس الذي الم بالخطاب الشعبي الدائر. النقاش الوحيد الجاري هذا ان كان هناك نقاش، هو مع او ضد "العملية الكبيرة". يجلس المحللون في الاستديوهات ويتبادلون النصائح، كلها عسكرية وحربجية. يعرف السياسيون والجنرالات والالاف، ان كل عملية عسكرية تعني الدخول الى غزة، الامر الذي سينزل المصائب فقط على رؤوسنا، ورغم ذلك لا يسأل احد لماذا بحق السماء لا يحاولون التفاوض مع حماس مباشرة.

 

هناك حكم في غزة، وحماس فازت فيه عبر صناديق الاقتراع ومن ثم عبر البندقية، وقد برهنت على انها قادرة على السيطرة على مجريات الامور. هذه بحد ذاتها بشارة غير سيئة، بعد فترة الفوضى التي شهدت حكم العصابات. اسرائيل والعالم لا يحبون هذا الحكم. فليكن. وهنا يسعون لاسقاط هذا الحكم الا ان الامر لا ينجح بطريقة ما. بعد حصار ومقاطعة لاكثر من عامين، بما في ذلك عملية تجويع وضجيج وتعتيم، ليس هناك اي مؤشر على ان حماس قد ضعفت. بل على العكس. كما ان التهدئة التي اخترقت لاول مرة من قبل اسرائيل – يجب ان نتذكر ذلك- من خلال عملية بلا داع تمثلت بقصف نفق ايل للسقوط. الامر الذي كان واضحا مسبقا- انه ليس من الممكن تغيير خيار شعب بوسائل عنيفة، وانه ليس من الممكن تحويل سكان غزة الى عشاق لصهيون من خلال التنكيل بهم- اصبح الان وبتاخر كبير جدا ظاهرا للعيان. هناك حاجة الان اخيرا لتغيير الاتجاه وتجربة ما لم يتم تجربته، ولو فقط لاننا لا نمتلك امكانية وخيارات حقيقية اخرى.

كل الذرائع المناهضة لمثل هذه المحاولة قابلة لدحض بسهولة: حماس لا تعترف باسرائيل؟ فمن الذي يهمه ذلك. حماس حركة اصولية؟ وما هي علاقة ذلك بالامر، حماس تتوانى وتماطل؟ علينا ان نحثها ونحفزها. المفاوضات المباشرة مع حماس تضعف ابو مازن؟ هو ضعيف من دون ذلك. ذلك لانه ليس هناك لاسرائيل ما تخسره من مثل هذه المحاولة باستثناء العملية العسكرية الكبيرة المنشودة التي يمكن ان تنفذ في اية لحظة. لماذا لا نجرب النهج السياسي قبل التوجه للحل العسكري وليس بالعكس، كما اعتدنا؟.

 

الامور مثيرة للاستغراب بصورة خاصة في ظل حقيقة انه لا يوجد لرجل السلام – المتأخر ايهود اولمرت ما يخسره الان. محاولاته للتقدم في المسار السوري بما في ذلك زيارته لتركيا، تبعث على التقدير، ولكن كان عليه في طريقه لانقرة ان يحاول المرور عبر حاجز ايرز. او دعوة اولمرت لاسماعيل هنية للالتقاء معه والتداول في الوضع الامني، وفي صفقة شاليت كان بامكانها ان تفترس كل اوراق حماس.

 

 لم تكن اسرائيل لتخسر شيئا من ذلك. ولكن هذا هو حال سياستنا: ابو مازن ضعيف جدا- ولذلك لن نتقدم معه، هنية قوي جدا لذلك لن نجربه.

اسرائيل من الاصل تجري المفاوضات مع حماس، ولكن عبر القاهرة. لماذا؟ اوليس من الاكثر منطقية اجراء هذه المفاوضات بصورة مباشرة؟ سنعود ونذكر بالعبارة المجترة: المفاوضات تجري مع الد الاعداء. هذا ما سيكون، بعد الدائرة الدموية القادمة- اذا لماذا لا نحاول منع ذلك. اولم نكن في مثل هذه الحكاية في السابق: قلنا لا لـ م ت ف لسنوات طويلة فما الذي نتج عنه ذلك؟ انتفاضة لعينة ولا داعي لها، قمنا بعدها بالتفاوض مع م ت ف.

 

ليست هناك احتمالية بان تغير حماس جلدها، ولكن هناك احتمالية بان تظهر في المفاوضات المباشرة كحركة اكثر دراماتيكية مما تبدو عليه. ففيها ايضا اشخاص منطقيون يحبون الحياة ويريدون تحسين وضع بلادهم البائس. هناك ايضا يدركون ان الطريق الحالي بلا مخرج، لنا ولهم. على اسرائيل ان تقترح عليهم ايقاف الحصار والمقاطعة مقابل التهدئة الدائمة. ولكننا كعادتنا خارقين في تفكيرنا: متى سنقوم بالقصف المنشود، وكيف سنحتل غزة ومن الذي سنغتاله. حقيقة ان كل هذه الامور قد جربت حتى الثمالة، لم توصلنا الى اي مكان، ولا تزحزحنا عن موقفنا العنيد.

 

لذلك نوجه من هنا نداءا يائسا اخيرا لرئيس الوزراء: فلتكسر الطابو. وجه دعوة جريئة لنظيرك هنية بالتقاء معا. وكما قلت في اخر الاسبوع حول المفاوضات مع سورية: "كيف سنعرف ان لم نجرب"؟ نتنياهو ، لفني وباراك لن يرتاحوا لذلك، ولكن موقفهم ليس مهما بالنسبة لك بالتاكيد الان.