تقرير أين سيصل تدهور اقتصاد غزة بعد مجزرة التقاعد المبكر؟

الساعة 07:09 م|10 نوفمبر 2017

فلسطين اليوم

لا زالت حالات التقاعد المبكر، و الإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة في الآونة الأخيرة تلقي بظلالها، و تؤثر تأثيراً حقيقياً على مختلف الفئات في القطاع دون استثناء، فلم يعد تأثير التقاعد المبكر على الموظفين فقط، بل طال المواطن العادي، لا سيما و أن رواتب موظفي السلطة كانت المحرك الأساسي للحياة الاقتصادية.

و تأتي هذه الاجراءات في وقت لا يزال قطاع غزة يخضع لحصار خانق، و إغلاق شامل لما يزيد عن 11 عاماً، تضاعفت خلالها نسبة البطالة، و قفزت معدلات الفقر لتصل الى أكثر من 65%، وفقاً لإحصائيات رسمية.

و على الرغم من الحديث مؤخراً عن تسلم حكومة الوفاق لمهامها في قطاع غزة، بعد اتمام المصالحة بين حركتي فتح و حماس، إلا أنا الظروف الاقتصادية في القطاع لاقت تدهوراً خطيراً في الأيام الماضية، بعكس ما توقع المواطنون من رفع للعقوبات، و فتح أفق جديد لهم بعد سنوات الإنقسام الماضية.

التجار في الأسواق، و العمال العاطلين أصلاً عن العمل، و الموظفين المحالين للتقاعد، و أصحاب المشاريع الصغيرة و الكبيرة, كلهم أصبحوا محالون للتقاعد بعد مجزرة الرواتب التي ارتكبتها السلطة، بدأً من الخصومات التي طالت الرواتب وصولاً الى التقاعد المبكر لآلاف العسكريين الذين يتلقون رواتب من السلطة الفلسطينية.

الكثير من المواطنين، من الشرائح المختلفة عبروا لمراسلة « وكالة فلسطين اليوم الإخبارية » عن مدى استيائهم من الوضع الراهن، و عن حالة القلق التي تساورهم جراء الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في القطاع، إلا حد أصبح فيه أصحاب محال تجارية ضخمة، ملاحقون بسبب الديون التي تراكمت عليهم، بسبب ضعف القدرة الشرائية، بالإضافة الى المبالغ المالية التي تراكمت على زبائنهم من الموظفين، و لا يستطيعون تحصيلها بسبب اجراءات السلطة الأخيرة.

« ت.ح »، و هو صاحب محل سوبرماركت تعرض للملاحقة من قبل الشرطة، بسبب عدم قدرته على تغطية قيمة شيك لأحد التجار.

و قال شقيقه لمراسلتنا: « إن معظم زبائن السوبرماركت من الموظفين، الذين يشترون ما يحتاجون بالبيع المؤجل، أي بالدين، و لكنهم في الآونة الأخيرة لم يسددوا ما عليهم من ديون للسوبرماركت بسبب الخصومات و قرارات التقاعد المبكر التي صدرت بحقهم.

و أشار الى أنه بالإضافة الى ضعف القدرة الشرائية، أصبح من الصعب مطالبة هؤلاء الزبائن بتسديد ما عليهم من ديون، و هذا ما تسبب في تراكم الديون على شقيقي للتجار، ما دفع بعضهم لتسليم الشيكات للنيابة التي بدورها أصدرت أمراً باعتقاله من منزله على هذه الخلفية.

و من جهته عبر المواطن هاني أحمد، صاحب أحد المحال التجارية عن استياءه من حالة الركود التي تسود الأسواق منذ أن بدأت الخصومات على رواتب الموظفين.

و لفت الى أن الظروف الحالية لا تبشر بخير، و إنما تنذر بانهيار شامل للحالة الاقتصادية على جميع المستويات في القطاع، لا سيما و أن الركود الحالي لم يسبق له مثيل خلال السنوات الماضية.

بدورها قالت المواطنة سهاد علي، و زوجها صدر بحقه قراراً للتقاعد المبكر مؤخراً : » أصبحنا نرتب أولويات احتياجاتنا المنزلية، و نضطر في ألب الأحيان للتخلي عن أمور لكي نوفر أموراً أكثر الحاحاً« .

و تضيف قائلة: »عائلتنا مكونة من 8 أفراد، و احتياجات الأبناء تزداد يوماً بعد يوم، و لا أعرف كيف سندبر امورنا بعد تقاعد زوجي، خصوصاً أن من أبنائنا طلاب في الجامعات، و آخرين في المدارس« .

من جهته أوضح المحلل و الخبير الاقتصادي، د. سمير أبو مدللة أن التدهور الحاصل على اقتصاد قطاع غزة يعود لعدة عوامل أهمها الحصار و الانقسام، وزاد على ذلك الأزمة الجديدة التي بدأت قبل 8 أشهر، و قامت السلطة خلالها بخصم 30% من رواتب موظفيها، و50% و 70% من فئات الأطباء و الحقوقيين، مشيراً الى أن ذلك أدخل غزة في أزمة جديدة.

و أشار أبو مدللة في حديث لــ »وكالة فلسطين اليوم الاخبارية« إلى أن تلك العوامل أدخلت غزة في أزمة جديدة عنوانها أن جزءً كبيراً من الموظفين لم يستطيعوا دفع أقساط و الالتزام بالكمبيالات للشركات و البنوك، وجعلت المواطنين جميعاً في حالة عوز و زادت نسبة الفقر، حيث أن 30% من الموظفين في حالة فقر، و أنهم يتقاضون راتباً أقل من 1500 شيكل، و يضاف الى ذلك الشيكات الراجعة أدخلت مؤسسات ضخمة و أصحاب مشاريع كبيرة و صغيرة في أزمة، و أصبح أصحابها ملاحقون، كما جرى اعتقال بعضهم على خلفية عدم مقدرتهم دفع ما عليهم من مستحقات.

و أضاف: »إن 70% من طلاب الجامعات لم يسددوا رسوم الجامعات الفلسطينية لهذا العام"، مبيناً بأن هذه الظروف عكست أزمة ثقة بين المواطن و أصحاب المصالح، و أصبح المواطن مدين.

و حول احتمال الخروج من الأزمة قريباً، أشار أبو مدللة الى أن الغاء الضرائب التي كانت مفروضة من قبل اللجنة الإدارية سابقاً، ستخفف عن القطاع الخاص، و سيصب ذلك في نهاية المطاف في صالح المواطن.

كما أشار الى أن فتح المعابر و ادخال المواد الخام سيوفر فرص عمل للخريجين بعد قانون التقاعد، حيث أن الرهان الأن يبقى على المشاريع الصغيرة، و لا يوجد رهان على التوظيف في الوظائف التابعة للسلطة.

و توقع الخبير أن يتم توفير فرص عمل للشباب و صغار العمال من خلال صندوق التشغيل وبنك التطوير الذي ستقوم بإنشائه الحكومة، كما وعد رئيس الحكومة في لقاء جمعه مع الشباب في غزة الشهر الماضي.

كلمات دلالية