خبر عباس في الرياض: استدعاء على عجل لمقايضة سلاح « حماس »

الساعة 07:41 ص|08 نوفمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم : صالح النعامي

تدل المؤشرات على أن الزيارة المفاجئة وغير المخطط لها، التي بدأها، أمس الإثنين، رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى الرياض، بناء على دعوة عاجلة من القيادة السعودية، مرتبطة بترتيبات تم التوافق عليها مسبقًا بين إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لإعادة صياغة المشهد الإقليمي، بما يتوافق مع المصالح الأميركية والسعودية والإسرائيلية.

فحسب ما كشفت عنه صحيفة « هآرتس »، اليوم الثلاثاء، فقد تم استدعاء عباس على عجل إلى الرياض على الرغم من التحولات والتطورات الداخلية الدراماتيكية التي تعصف بالسعودية، للتباحث معه حول سبل تطبيق التصور المشترك الذي صاغه كل من بن سلمان وجاريد كوشنر، كبير مستشاري ترامب وصهره، خلال زيارة الأخير السرية للرياض قبل أسبوعين.

وحسب الصحيفة، فإن كوشنر وبن سلمان توافقا على اتخاذ إجراءات لتقليص « النفوذ الإيراني في الساحة الفلسطينية »، مشيرة إلى أن كلًّا من الرياض وواشنطن أبدتا قلقًا من الوتيرة العالية للزيارات التي قامت بها وفود تمثل حركة « حماس » لطهران أخيرًا.

وأشارت الصحيفة، التي استندت إلى مصادر مقربة من عباس، إلى أن « بن سلمان ناقش مع عباس الآليات الواجب اتباعها لتقليص مظاهر التأثير الإيراني في الساحة الفلسطينية »، مشيرة إلى أن « الأميركيين والسعوديين يقترحون احتواء التدخل الإيراني في الشأن الفلسطيني من خلال التوافق على إعادة إعمار قطاع غزة، وتقديم رزمة مساعدات للسلطة الفلسطينية تساعدها على استثمار اتفاق المصالحة الأخير مع حماس ».

لكن ما لم تشر إليه « هارتس » هو حقيقة أن أي توافق إقليمي أميركي إسرائيلي على إعادة إعمار قطاع غزة يحمل مطامع أبعد من مجرد السعي لتقليص تأثير إيران على الساحة الفلسطينية. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن كوشنر قد زار تل أبيب علنًا قبل زيارته السرية للرياض، والتقى برئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وقادة أجهزته الأمنية، فإنه يمكن الافتراض أن تل أبيب وضعت كوشنر في صورة رؤيتها لآليات توظيف مشاريع إعادة إعمار قطاع غزة.

وحسب التصور الذي كشفت عنه دراسة صدرت عن « مركز أبحاث الأمن القومي » الإسرائيلي قبل ثلاثة أشهر، فإن إسرائيل تقترح أن تتم مقايضة مشاريع إعادة الإعمار في القطاع، التي ترى أن تتولى الدول الخليجية تمويلها، بموافقة حركة « حماس » على التخلي عن قوتها العسكرية. وحسب التصور الإسرائيلي أيضًا، فإن إنجاز هذا الهدف يضمن أيضًا إخراج قطر وتركيا من المشهد الفلسطيني وليس فقط إيران.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو المطلوب من السلطة الفلسطينية ورئيسها، محمود عباس، القيام به من أجل إنجاز هذه الأهداف، لا سيما بعد التوصل لاتفاق المصالحة بين حركتي « فتح » و« حماس »، والذي يراوح مكانه؟ فهل سيواصل عباس إجراءاته العقابية ضد قطاع غزة التي تعاظمت بعد اتفاق المصالحة من أجل دفع « حماس » إلى الموافقة على تقليص ارتباطها بإيران، وإجبارها على مقايضة قوتها العسكرية بتحسين الأوضاع الاقتصادية في القطاع وتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار؟

إزاء ذلك، قدمت السلطة مؤخرًا مؤشرات على أنها معنية بتوظيف اتفاق المصالحة في تصفية مقدرات المقاومة في غزة، عندما أكّد مقربون من عباس أن تمكين السلطة في قطاع غزة بعد المصالحة يعني ضمان السيطرة على الأرض، وهو ما مثل إشارة إلى الرغبة في وضع حد للأنفاق التي حفرتها المقاومة الفلسطينية لمواجهة الاحتلال.

ولما كان عباس قد التقى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قبيل توجهه للرياض، فثمة احتمال أن يكون المصريون والسعوديون قد نصحوه بأن يحاول احتواء « حماس » من خلال المبادرة باتخاذ إجراءات تفضي إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في قطاع غزة بشكل فوري، حتى يتم إيصال الغزيين إلى قناعة بأن هناك الكثير سيخسرونه في حال رفضت « حماس » التخلي عن قوتها العسكرية، أو على الأقل وقف جهودها الهادفة لتعزيز هذه القوة؛ فاستخدام العصا في التعامل مع « حماس »، بعد اتفاق المصالحة، كما يفعل عباس حاليًا، قد يدفعها لخلط الأوراق وقلب الطاولة على الجميع، من خلال المبادرة بشن مواجهة ضد إسرائيل تزيد الأمور تعقيدًا بما لا يخدم الرؤية السعودية الأميركية للمنطقة. وهذا ما يدركه الجانب المصري الذي يبدي تحفظا على سلوك عباس الأخير تجاه غزة.

لكن من الواضح أن الحراك السعودي الأميركي لا يستهدف بحال من الأحوال سلوك حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، التي لا تواصل الاستيطان والتهويد فحسب؛ بل وتعلن أنها لن توافق على تفكيك ولو مستوطنة واحدة.

كلمات دلالية