بالصور الشهيد القائد « عرفات أبو عبد الله »: ثائر صلب صدق الله فصدقه

الساعة 01:18 م|07 نوفمبر 2017

فلسطين اليوم

« عاش رجلاً قائداً وثائراً فلسطينياً » هكذا تحدث رفاق الشهيد عرفات مرشد أبو عبد الله قائد لواء الوسطى في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، عنه لـ « الإعلام الحربي ».

« فلم يكن الشهيد أبا عبد الله قائداً عادياً، بل كان مدرسة في البذل والصبر والعطاء، فكانت شهادته تتويجاً لدوره الذي بدأه في مدرسة المعلم فتحي الشقاقي، لتغسل دمائه التي أُريقت في قلب ثرى فلسطين عار أمة رضيَ بِضعٌ منها  أن يكونوا  أذلاء وأدوات لأعداء الله والمؤمنين اليهود والذين أشركوا .. ».

ميلاده فخراً واشراقة نور

الحديث عن الشهداء له رونقه الخاص ورحيقه الذي يثلج الصدور، كيف لا ..! وهم من جادوا بأرواحهم وكل ما يملكون من أجلنا، تعالوا لنبحر سوياً في حياة شهيدٍ عاش مدرسة فكانت شهادته جامعة لكل أحرار العالم.

على أرض فلسطين المباركة، كان إشراقة ميلاد الفارس الصنديد عرفات مرشد أبو عبد الله (أبو عبد الله) في الثاني عشر من يوليو لعام ألف وتسعمائة وتسعة وستون، حين جاء لأمه المخاض تحت سقف منزل من الكرميد بمخيم البريج العصي على الانكسار قاهر الأعداء صانع الرجال..

والشهيد أبو عبد الله هو الابن السابع لأسرته التي تنحدر من قرية « يبنا » قضاء مدينة الرملة المحتلة منذ عام 1948م، فعاش طفولته كما هي حياة السواد الأعظم من أبناء شعبنا الفلسطيني في مخيمات الشتات واللجوء على أمل العودة إلى ديارهم، فمع اشراقة كل صباح كان ينظر إلى الأفق البعيد لعله يرى طيف بلدته التي هجرَّ أهله منها عنوة.

كبر الشهيد عرفات وكبرت معه رؤيته للحقيقة المرة التي ألقت بأسرته في هذا المخيم الضيق الواسع بكرم أهله، فتشرب من الجد والجدة, حكايات النكبة ومأساتها وحياة المر وشقائها, وقصة أرضهم التي تركها أجداده مزروعة بالحمضيات واللوزيات والخضار والسمسم والقمح، بعدما قيل لهم أن هجرتهم لن تتجاوز اليوم أو الأسبوع على أكثر تقدير لتمتد إلى نحو سبعون عاماً، ولازال الأمل بالعودة يسكن صدورهم ..فأصبح أكثر ما يكره في هذه الدنيا أعداء الله اليهود المغتصبين الذين قتلوا وشردوا أهله من ديارهم.

بهذا الوعي والإدراك انتقل فارسنا إلى مرحلة جديدة من حياته، فدرس المرحلة الابتدائية والإعدادية في مدارس وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، ثم التحق بالثانوية العامة، وحباً في العلم ودرجة أهل العلم أكمل أبو عبد الله دراسته الجامعية متأخراً رغم أعباء العمل الجهادي وانشغاله الدائم إلا أنه نجح وتخرج من جامعة الأمة في العام 2012 م.

وينتمي شهيدنا القائد عرفات« إلى عائلة مجاهدة تعرف واجبها نحو دينها ووطنها، وتُعرف بانتمائها لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وقد قدمت العديد من أبناءها الأبرار في سبيل الله على طريق تحرير فلسطين، ومنهم: الشهيد القائد شقيقه محمد أبو عبد الله » أبو مرشد « قائد لواء الوسطى سابقاً والذي اغتيل بتاريخ 27/12/2007م.

أخلاق وصفات صادقة

وتمتع شهيدنا القائد عرفات أبو عبد الله بأخلاق الإسلام العظيم، كيف لا وهو أحد أركان ورواد مسجد النور بالمخيم، التزم على الهدى والصلاح وتربى على موائد القرآن والذكر فأضحى مثالاً يحتذى به في الأخلاق العالية الرفيعة, فكان لا يتوانى عن فعل الخير، ويذكر شقيقه »أبو عمر«  أن أحد المحتاجين بالمخيم كانوا يرتاد إليه كل عام ليجلب له مساعدة خاصة لكرسيه المتحرك الذي يعمل بالبطارية باهظة الثمن.

ويقول ابن شقيقه الشهيد محمد »أبو مرشد« لـ »الإعلام الحربي« : » عمي عرفات-رحمه الله- كان دائماً واصلاً لرحمه ملبياً كل متطلبات العائلة من كافة الاحتياجات حنوناً وباراً عطوفاً علينا« .

ويصفه أحد أصدقائه المقربين بالهادئ المتواضع والأسد الهصور في الحق.

ويواصل صديقه المقرب حديثه لـ »الإعلام الحربي« قائلاً: »أبو عبد الله حرص كل الحرص على أداء مناسك الحج منذ سنوات، فلبى الله ندائه وأكرمه بأدائها بعد جهد طويل، فعاد منها صدره منشرح للقاء الله مقبلاً على الشهادة« ، داعياً الله -عز وجل- أن يتقبله في علياء المجد شهيداً مقبلاً غير مدبر.

طريق العزة والكرامة

لا يمكن لمن احتضنته المساجد إلا أن يكون مجاهداً في سبيل الله،عاملاً لرفع راية التوحيد عالية خفاقة, لتعلو راية القرآن ويرتفع اسم الله في كل مكان.

و في مسجد »النور« كانت انطلاقته حيث التحق في العام 1987م في صفوف حركة الجهاد الإسلامي، ليشارك في فعاليات الانتفاضة خلال عمله في اللجان الشعبية لحركة الجهاد الإسلامي، بكل قوة وعنفوان تقدم الصفوف وبيده الحجارة و وزجاجات »الملتوف« ليذيق جيش الاحتلال كأس الذل والهوان.

وفي تاريخ 13/12/1987م أصيب أبو عبد الله برصاصة أثناء تصديه لدوريات الاحتلال، لكن هذا الأمر لم يفت من عضده بل واصل المسير ليصاب مرة أخرى، ولكن في هذه المرة تم اعتقاله عام1988م وحكم عليه بالسجن لمدة عام، إلا أن ذلك لم يثنيه أيضاً عن مواصلة مسيرته الجهادية.

ويسجل للشهيد دوره البارز في تشكيل أولى خلايا العمل العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في مخيم البريج بعد خروجه من السجن ورغم ملاحقة الأجهزة الأمنية له في ذلك الوقت.

في انتفاضة الأقصى المباركة شارك أبو عبد الله في رحلة الجهاد والمقاومة التي آمن بها فكرةً ونهجاً لتحرير الأرض، قام بتشكيل المجموعات العسكرية في المخيم، وشارك في كافة محطات العمل الجهادي، حيث تولى مسئولية سرايا القدس في مخيم البريج حيث شارك في مهمات إطلاق الصواريخ وصد الاجتياحات الصهيونية المتكررة على الحدود الشرقية للمخيم، فتنقل في دوائر العمل العسكري لسرايا القدس حتى أصبح الذراع الأيمن لشقيقه الشهيد القائد محمد (أبو مرشد) مسئول اللواء السابق.

مسئول لواء الوسطى وعضو المجلس العسكري

وقع اختيار قيادة سرايا القدس على الشهيد عرفات أبو عبدالله ليتولى مسئولية لواء الوسطى في سرايا القدس بعد استشهاد أخيه القائد محمد مرشد أبو عبدالله، حيث كان أبرز الأخوة المجاهدين وأكثرهم خبرة في العمل العسكري، ومنذ اللحظات الأولى لتوليه مسئولية اللواء قام أبو عبدالله بإنجاز كافة المهام الموكلة له من القيادة، وكان نعم القائد الذي خلف القائد أبو مرشد.

كما تجدر الإشارة إلى، أن الأخ أبو عبد الله لم ينظر لنفسه يوماً بأن مسئول لواء ولديه أعباء كثيرة، بل كان في مقدمة الصفوف وبين الجنود، ويشارك في كل عمل مهماً صغر أو كبر، حيث له بصمة في كل مكان وعمل جهادي ويتابع بنفسه ويشرف على كل المهمات والأعمال الجهادية رغم وجود المسئولين والمشرفين إلا أنه كان – رحمه الله- متواجداً ومشرفاً في كل محطة ويوجه المجاهدين، في التدريب والتشكيل العسكري والتصنيع، وعمل بيده في تصنيع وتربيض الصواريخ،  وسعى أبو عبد الله لتطوير البنية التحتية لسرايا القدس من خلال منظومة الأنفاق، التي كان يشرف عليها بنفسه.

وأصبح الشهيد عرفات أبو عبد الله عضو المجلس العسكري لسرايا القدس ليشارك إخوانه في قيادة السرايا وتزداد المهام على عاتقه ولكنه كما كان في كل محطة ينجز كل المهام الموكلة له، فشارك في أكثر من مهمة قيادية بنجاح.

كما أشرف الشهيدان عرفات أبو عبد الله وحسن أبو حسنين على ضرب »تل أبيب« لأول مرة في تاريخ المقاومة الفلسطينية بصاروخ »فجر5« ، رداً على اغتيال القائد في كتائب القسام أحمد الجعبري.

مجاهد لا تثنيه التحديات

تعرض الشهيد عرفات لعدة محاولات اغتيال أحدها عندما قصفت الطائرات الصهيونية شقته خلال معركة السماء الزرقاء عام 2012م، حيث كان يتواجد برفقة الشهيد حسن أبو حسنين، ومرة أخرى في معركة البنيان المرصوص عام2014م، و في كل مرة كان يزداد قوة وصلابة على مواصلة طريق المقاومة والجهاد، ويقول للمقربين من حوله: »متى أنال شرف الشهادة فهذا أسمى ما أتمنى« .

رحلة الخلود

ارتقى شهيدنا أبو عبد الله الذي كانت الشهادة أغنية حياته ولحن أنفاسه ظهر يوم الثلاثين من أكتوبر لعام ألفين وسبعة عشر بعد أن لبى نداء الدين والوطن وصرخات إخوانه الذين استنجدوا به من تحت نفق الحرية الذي قصفته قوات الاحتلال الصهيوني.

وعن اللحظات الأخيرة في حياته تحدث شقيقه أبو عمر قائلاً: »في ظهيرة يوم الاثنين 30/10/2017م على غير العادة قدم أبو عبد الله إلى البيت، وجلس مع الأولاد وقبلهم واطمأن عليهم، ثم خلد للنوم للحظات، تلقى حينها اتصالاً هرع على إثره دون أن ينطق بكلمة واحدة، مسرعاً نحو قدر الله ..« .

وتابع: »أخذت الأنباء تتوارد إلينا حول استشهاد أحد أفراد عائلتنا، ثم جاء الخبر الأكيد باستشهاده، بعد أن دخل إلى النفق بالقوة، رغم محاولات المتواجدين في المكان منعه، حتى تشققت ملابسه في أيديهم وهو يصرخ بهم ويقول« حياتي ليست أغلى من حياة أبنائي الذين هم تحت الأرض » ، ليرحل الشهيد القائد أبو عبد الله ملبياً نداء إخوانه منقذاً ومضحياً في نفق الحرية.

نعم لقد رحل القائد الأشم جسداً لكن روحه وعطائه وبذله لا زال حاضراً في وجدان كل حر عاشق متعطشاً للانعتاق من نير الاحتلال ...لقد كان بذرة _الوعي والإيمان والثورة _التي زرعها الشقاقي لتثمر اليوم جيشاً قرآنياً يعد العدة لـ « أم المعارك » التي نحرر بها أرضنا من دنس بني صهيون.

 



القائد عرفات ابو عبد الله (4)

القائد عرفات ابو عبد الله (5)

القائد عرفات ابو عبد الله (6)

القائد عرفات ابو عبد الله (7)

القائد عرفات ابو عبد الله (8)

القائد عرفات ابو عبد الله (1)

القائد عرفات ابو عبد الله (9)

القائد عرفات ابو عبد الله (4)

القائد عرفات ابو عبد الله (1)

القائد عرفات ابو عبد الله (1)

القائد عرفات ابو عبد الله (2)

القائد عرفات ابو عبد الله (2)

القائد عرفات ابو عبد الله (3)

القائد عرفات ابو عبد الله (3)

كلمات دلالية