خبر هآرتس: الفلسطينيون أداروا محادثات أوسلو بسذاجة وغباء واهمال وفساد وحسابات شخصية

الساعة 02:31 م|05 نوفمبر 2017

فلسطين اليوم

قالت الصحافية الاسرائيلية عميرة هس، في صحيفة « هآرتس » العبرية، إن إحدى تصريحات الهراء، التي كان يرددها ياسر عرفات بشكل دائم، ونواصل سماعها حتى يومنا هذا من قبل بعض رجاله - أنه لو لم يقم يغئال عمير باغتيال اسحق رابين، لتواصلت عملية أوسلو، ووصلت الى نهاية جيدة. دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل.

لقد كان عرفات والدوائر المحيطة به، ملزمين على تبرير اتفاق أوسلو في نظرهم وفي نظر شعبهم. كان عليهم تبرير الأخطاء الجسيمة التي ارتكبوها خلال المفاوضات (في البداية ببراءة واهمال، وبعد ذلك بمزيج من السذاجة، الاهمال، الغباء، وفقدان المشورة والعجز، والضعف المتزايد، وغض الطرف، والحسابات الشخصية للبقاء على قيد الحياة، والفساد). لم يتم ولا يتم تصميم السياسة الإسرائيلية وفقا لقرارات رجل واحد. وبالتأكيد ليس عندما يتعلق الأمر بالسؤال المركزي حول حاضرنا الصهيوني: ماذا سنفعل، بحق الجحيم، مع كل هؤلاء العرب الذين اندفعوا الى بيتنا اليهودي. الرد الصهيوني المفاخر على هذا السؤال اليوم، هو واقع الجيوب الفلسطينية المكتظة، التي تتقزم القطاع اليهودي الجشع للعقارات التي وعدنا بها الله، سواء كان موجودا أم لا.

لا يمكن لشخص واحد، أن يكون مسؤولا عن هذا الواقع المريح، ولا حتى مفكرينا الجيو- سياسيين البارزين، شمعون بيرس أو أريئيل شارون، أو شلومو موسكوفيتش، الذي ترأس بين عام 1988 وعام 2013 مجلس التخطيط الأعلى للإدارة المدنية، التي رسخت الفصل العنصري بواسطة التخطيط في الضفة الغربية.

 ومن أجل تصميم واقع الجيوب، كانت هناك حاجة إلى نسيج كامل من الأيديولوجيين والجنرالات والقانونيين والمسؤولين والمدافعين عن تحسين الإسكان والحاخامات والسياسيين والجغرافيين والمؤرخين والمقاولين وغيرهم.

ولذلك، لا يكفي حتى شخص واحد، لمنع السياسة التي يصممها النسيج الكامل، العازم والمنسق. ولا حتى رابين، حتى لو كنا نفترض للحظة، أنه كان يفهم فعلا أن الترتيب المنطقي يمكن أن يقوم فقط على دولة فلسطينية ذات تواصل اقليمي.

صحيح، رابين نعت المستوطنين في هضبة الجولان بالمراوح. لكنه قال أيضا، انه يتمنى بأن تغرق غزة في البحر. كما انه اجاد وصف توقعات إسرائيل من المقاول الفلسطيني الثانوي، عندما قال: « السلطة الفلسطينية ستحكم بدون محكمة عليا وبدون »بتسيلم« . ومع ذلك، فإن الأمر الأكثر اهمية من تصريحات الجناح الأحمر لديه، هي الحقائق على أرض الواقع، والتي تم ترسيخها حتى قبل قتله.

وهذه هي أسس واقع الجيوب، وهي عكس الدولة: فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، فصل القدس الشرقية عن باقي الأراضي الفلسطينية، المنطقة C ، قيادة فلسطينية ضعيفة، تضخيم المستوطنات والمستوطنين، منظومتان للبنى التحتية وقانون غير متساوي – واحد لليهود وآخر للفلسطينيين، استخدام الذريعة الأمنية كأداة استعمارية. هذا واقع لا يمكن أن ينشأ خلال يوم واحد. خلال عهد رابين، تم تعزيز إغلاق قطاع غزة، أي نظام حظر الحركة، واصبح أكثر حزما. ولم يسمح للطلاب بالعودة إلى دراستهم في الضفة الغربية. وفجأة، سمح فقط بعودة طلاب جامعة بير زيت. سألوه لماذا سمح لهم فقط، فأجاب، كما قال لي أحد أعضاء لجنة الارتباط الفلسطينية: »عندما طلب مني عرفات السماح للطلاب بالعودة، ذكر جامعة بيرزيت فقط« .

لقد دعم رابين شق شبكة الطرق الالتفافية في الضفة الغربية- وهو شرط مهم لجذب المستوطنين الجدد وتقطيع التواصل الجغرافي الفلسطيني. وبعبارة أخرى، تعزيز المرحلة الانتقالية مقابل التخلي عن مرحلة الدولة الفلسطينية. في حينه، وبمزيج من اللهو والجدية، كرر مروان البرغوثي على مسمعي هذه المحادثة بين رابين وعرفات – رابين: »ولكن كيف سيصل المستوطنون إلى بيوتهم خلال الفترة الانتقالية إذا لم يكن لديهم طرق منفصلة؟« عرفات: »أهلا وسهلا، انهم مدعوون للسفر عبر مدننا« . رابين: »ولكن إذا أًصابهم أحد، سنوقف المفاوضات وإعادة الانتشار« . عرفات: »لا سمح الله! حسنا، ابدأ ببناء هذه الطرق« .

عندما كان رئيسا للوزراء ووزيرا للأمن، عاقب رابين الفلسطينيين في الخليل على المذبحة التي ارتكبها بحقهم باروخ غولدشتاين. وقد فرض الجيش الخاضع لمسؤوليته على الفلسطينيين قيود الحركة المتشددة، التي أصبحت أكثر صرامة، وتسببت بتفريغ مركز المدينة من سكانها الفلسطينيين. وكان رابين هو الذي رفض اخلاء مستوطني الخليل. وبدأت سياسة الترانسفير الهادئ في القدس (سحب مكانة السكان الفلسطينيين في المدينة) سرا - كما جرت العادة بدون إعلان رسمي - خلال فترة ولايته كرئيس للوزراء.

ولم يبدأ الكفاح ضدها إلا بعد أن بدأت الافادات تتراكم في عام 1996. كما تم خلال المفاوضات المتعلقة بالاتفاق المرحلي الموقع في أيلول 1995، فرض التقسيم المصطنع لمناطق A وB وC، كتوجيه لإعادة الانتشار التدريجي للجيش. ومن المعروف أن هذا التقسيم كان من المفترض أن يختفي من الوجود في عام 1999. من المستحيل معرفة ما إذا كان رابين شريكا للخدعة الشريرة، التي أبقت، تحت ستار التدريجي لأسباب أمنية، على المنطقة C كمستودع أراضي لليهود، لكنه هو الذي رسخ المقولة المقدسة »ليس هناك تواريخ مقدسة"، فيما يتعلق بتنفيذ اتفاقات أوسلو.

لقد نجح القاتل جدا، لأنه على عكس دعاية اليمين، لم تنو الحكومة التي يرأسها حزب العمل في أي حال قطع الحبل السري الذي كان يرتبط بأساليبه وأهدافه الاستعمارية. النقاش مع المعارضين في الليكود ليس ولم يكن حول المبدأ، وانما حول عدد وحجم البانتوستانات التي ستمنح للفلسطينيين.

كلمات دلالية