خبر شهداء نفق « الحرية » .. وخيارات المقاومة.. صالح المصري

الساعة 11:56 ص|03 نوفمبر 2017

بقلم

لا شك أن الخسارة كبيرة باستشهاد هذا العدد الكبير من المقاومين من سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي وكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس داخل "نفق الحرية" الذي قصفته "إسرائيل" بالطائرات والمدفعية وسط قطاع غزة كما كشفت وسائل الاعلام الاسرائيلية.

دلالات توقيت قصف النفق كثيرة منها ما له علاقة بخلط الأوراق على الساحة الفلسطينية عشية تنفيذ بنود المصالحة وتمكين حكومة التوافق ومنها ما له علاقة بالأزمات الكبيرة التي يمر بها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.. لكن الأهم من ذلك كله هي اللحظات التي أعقبت الغارة الإسرائيلية والتي تبين فيما بعد ارتقاء نحو أثني عشر شهيداً على رأسهم قائد كبير في سرايا القدس.

قدرة المقاومة على ضبط نفسها وإدارة المعركة وفق لرؤيتها عكس حجم التطور الذي تتحلى به فصائل المقاومة والذي لم يعد تتحكم فيه العاطفة أو الأهواء النفسية للمقاومين وإنما القرار العسكري الذي يوازن بين متطلبات وضرورة الرد على العدوان وبين ما يريده العدو من فرض سياسة جديدة وواقع جديدة على الأرض.

إدارة الأزمة أو المعركة في منذ اللحظات الأولى لقصف نفق المقاومة جعل الاحتلال يتخبط وينتظر الرد فمنذ ان أعلنت سرايا القدس حالة الاستنفار القصوى والاحتلال يترقب نوعية الرد الذي تقوم به.

وقد عكست التصريحات التي أطلقها قادة الجهاد الإسلامي بأن الرد ليس بالضرورة أن يكون بالطريقة المعتادة أي بقصف المستوطنات الإسرائيلية بالصواريخ ما يعني أن الاحتلال سيتوقع رد مفاجئ ربما يكون من خلال أحد الانفاق أو الأسلحة الأخرى التي تمتلكها المقاومة من قنص أو بالأسلحة المضادة للدروع ما يعني أن زمان ومكان الرد ستحدده المقاومة.

لقد استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تفوت الفرصة على الاحتلال وتتحلى بحس وطني حين اعتبرت سرايا القدس أن المقاومين المفقودين هم في عداد الشهداء فقطعت الطريق على الاحتلال باستخدام ورقة جديدة ضد المقاومة ومساومتها بالحصول على معلومات حول الجنود المختطفين لدى المقاومة.

المفاجأة التي أطلقتها سرايا القدس في بيانها التي زفت فيه الشهداء الخمسة إنه وبالرغم من الإجراءات الأمنية المعقدة واستخدام "إسرائيل" للتكنولوجيا في حربها ضد الأنفاق، وغازات سامة محرمة دوليا، استطاع مقاومي سرايا القدس العبور من خلال (نفق الحرية) لمسافة مئات الأمتار إلى داخل الاراضي المحتلة، وكشفها أن هذا النفق ليس الأول الذي استطاع المجاهدين فيه الوصول إلى عمق المستوطنات الاسرائيلية ما يعني أنه لم يعد الأمر مقتصرا على حركة حماس في حفر الانفاق واختراق التحصينات الاسرائيلية.

الأهم من ذلك كله أن المقاومة بعثت برسائل أمل جديدة للأسرى أن الامكانات التي تمتلكها على كافة المستويات، ومنها سلاح الأنفاق، تبعث بالطمأنينة وتبشر بكل خير ما يعني أن أمل الحرية للأسرى في سجون الاحتلال بدى يلوح في الافق.

الرسالة الثانية للمقاومة هي رسالة الرعب وقد انعكست منذ اللحظة الأولى للغارة التي استهدفت "نفق الحرية" من حيث إعلان حالة التأهب القصوى والشلل التام لحركة الآليات الإسرائيلية ومنع المزارعين من الاقتراب من الشريط الحدودي وقد أصاب الرعب مدن أخرى داخل كيان الاحتلال حيث اطلقت صافرات الانذار بالخطأ ليلة الخميس الماضي مما دفع بنحو 2 مليون مستوطن من سكان  يافا وتل أبيب و"حولون" و"بات يام"، إلى الهرولة إلى الغرف الآمنة والملاجئ خشية من رد سرايا القدس.

الرسالة الأبلغ هي صمود عوائل الشهداء وتليهم بهذه برباطة الجأش والعزيمة وحتى ذوي الشهداء الذي فقدوا تحت تراب الارض الفلسطينية داخل النفق.. وربما هذا يقودني للحديث عن العبارة التي على جدار النفق الممتد من الاراضي الفلسطينية لنحو مئات الامتار داخل الاراضي المحتلة.. الطريق إلى الجنة تبدأ من هنا.. وهي أبلغ رسالة ممكن أن يفهمها الاحتلال أن المقاومين يعبدون طريقهم للحرية والجنة .. لذلك ليس لنا أن نقول لهم إلا .. ربح البيع.

كلمات دلالية