خبر مئة سنة من تفويت الفرص- اسرائيل اليوم

الساعة 10:59 ص|02 نوفمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: رون بروشاور

(المضمون: سيدي الرئيس محمود عباس،حان وقتك لابداء الزعامة. حان وقتك لأخذ المسؤولية واعتزال اعمال تسويق الاوهام. لا تشوش شعبك بتوقعات شطب التاريخ، لا تشجعه بالأمل لبناء المستقبل، لا تبث فيه روح القتال على ما كان، بل روح التعاون بالنسبة لما سيكون - المصدر).

 

يا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس – هذا الاسبوع نحيي مئة سنة على تصريح بلفور، الاعتراف الرسمي بحق الشعب اليهودي بوطن قومي في بلاد اسرائيل. الكثير من الامور حصلت في المئة سنة هذه. في اثنائها اجتاز الشعب اليهودي مآس فظيعة، ولكن في اثنائها ايضا تمكن من استخدام كل الأدوات التي تحت تصرفه في الطريق لتحقيق حقه في تقرير المصير واقامة دولة مزدهرة.

 

في المئة سنة إياها، سيدي الرئيس، أنت وزعماء فلسطينيين آخرين، لم تكفوا عن تفويت الفرص. مرة إثر مرة كنتم مطالبين باتخاذ قرارات تاريخية وشجاعة، ومرة إثر مرة رفضتم بفظاظة اليد التي امتدت اليكم. اسباب وجيهة دوما كانت لكم. افعال طيبة – قليل جدا.

 

وها أنت، في السنة الاخيرة، قررت اختيار مسار آخر يقوم على أساس التنكر للواقع – وأهم ما فيه محاولة النفي للوجود الخالد لدولة اسرائيل. بدلا من الاعتراف بأن اسرائيل لن تذهب الى أي مكان، قررتم، أنت ورفاقك، العودة في الزمن مئة سنة الى الوراء ومحاولة تغيير التاريخ. تسلقتم على سلم وهمي المرحلة الاولى فيه كانت طلبك الاعتذار من الحكومة البريطانية على نشر

 

التصريح، في المرحلة الثانية حاولتم تجنيد الدول العربية لرفع دعوى تعويضات ضد الحكومة البريطانية وفي المرحلة الثالثة طلبتم الغاء تصريح بلفور.

 

أين بالضبط أين تعيش، سيدي الرئيس؟ بمطالباتك هذه أثبت لكل من لا يزال يحتاج الى الاثبات، بأن في نظرك التاريخ هو كقشرة الثوم وأن قيمته تتغير وفقا للحاجة. اذا شئت تبنيته ولوحت به بفخار، واذا شئت ببساطة طلبت الغاءه. أما الجمهور الذي يسمع اقوالك فملزم بأن يسأل نفسه اذا كنت هكذا تتعاطى مع الوثائق الرسمية والملزمة، فكيف سيكون ممكنا التوقع منك أن تلتزم باتفاق موقع؟ في اعمالك خدمت كل من يدعي بأن ليس لك وللمحيطين بك أي احترام للتعهدات والعقود.

 

سيدي الرئيس، بدعوتك الغاء تصريح بلفور، فانك في واقع الامر تطلب شطب الوطن القومي للشعب اليهودي فيما تزرع في جمهورك اوهاما في أنه فقط اذا انتظر ما يكفي من الوقت، فستكف دولة اسرائيل عن الوجود. يؤسفني، ولكن هذه المرة ايضا سينتهي هذا بالتضحية بالمستقبل الفلسطيني من اجل احبولة رخيصة من العلاقات العامة. أنت تعرف بأن مطالبك هي اضغاث أحلام لن تتحقق أبدا. كدبلوماسي خدم أكثر من 30 سنة في ارجاء المعمورة وفي كاملها، من الاهمية لي بمكان أن أشير أمامك ايضا – لا تتشوش وتسكر من التأييد العالمي الذي تتلقاه على تجارة الأوهام خاصتك.

 

صحيح أنه منذ قرار التقسيم في 29 تشرين الثاني تساعدكم الامم المتحدة والوكالات الدولية المتفرعة عنها في الكفاح المضاد لاسرائيل. وصحيح أن اغلبيتكم التلقائية في الهيئات الدولية، التي تسمح لكم بأن تمرروا كل قرار مناهض لاسرائيل تقريبا، تمنحكم احساسا كاذبا في أن ها أنتم، بعد جهد قليل آخر، ستتمكنون من محو الدولة اليهودية والديمقراطية من على الخريطة. ولكن من مثلك يعرف بأن هذه مجرد أوهام، ومرة إثر مرة، تتحطم هذه على مذبح الواقع، وذلك لأنه مثلك، العالم كله ايضا يعرف بأن دولة اسرائيل هي حقيقة ناجزة، دولة منتجة وذات مغزى، جزء لا يتجزأ من أسرة الشعوب.

 

يا سيد عباس، كنت صبيا وشخت ايضا، من زعيم في منظمة ارهابية أصبحت رئيس سلطة يحافظ منذ 15 سنة على كرسيه رغم المصاعب. والمرة تلو الاخرى جلست أمام زعماء

 

اسرائيل ورأيت أي شوط بعيد هم مستعدون لأن يقطعوه. المرة تلو الاخرى شهدت دولة اسرائيل تنفذ تنازلات من اجل التسوية، ومرة إثر اخرى فشلتم، أنت ورفاقك، في السمو الى عظمة اللحظة واتخاذ القرارات.

 

الآن، يا سيدي، حان وقتك لابداء الزعامة. حان وقتك لأخذ المسؤولية واعتزال اعمال تسويق الاوهام. لا تشوش شعبك بتوقعات شطب التاريخ، لا تشجعه بالأمل لبناء المستقبل، لا تبث فيه روح القتال على ما كان، بل روح التعاون بالنسبة لما سيكون.

 

مئة سنة من تفويت الفرص كافية، يا سيدي. لا تحكم على شعبك بمئة سنة اخرى من العزلة.

 

كلمات دلالية