خبر طعام برائحة الكاز وأفران الطين تعود للحياة بعد انقراضها في غزة

الساعة 06:37 ص|20 ديسمبر 2008

 فلسطين اليوم-غزة

تشكو المواطنة أم أحمد بركات (49 عاما) من رائحة الكاز التي تنتشر في كل ارجاء منزلها، وباتت تصطدم بها في مذاق الخبز والطعام وحتى في الهواء الذي تتنفسه.

 

وأوضحت بركات وهي أم لثمانية أطفال وتسكن محافظة غزة أنها اضطرت إلى استخدام بابور الكاز بعد اختفاء غاز الطهي من الاسواق، مشيرة الى انها تشعل أحياناً الحطب باستخدام الكاز والبلاستيك والورق من اجل اعداد الخبز والطعام الذي يحتاج طهيه لوقت طويل.

 

وقالت الأم التي تسكن غزة، إن الحياة في ظل استمرار الحصار لم تعد تطاق وعادت الى الوراء بمعدل قرن من الزمن، مشيرة إلى أن هاجس جميع الأسر الفلسطينية اصبح توفير متطلبات الحياة اليومية، وتخزين المستلزمات التي تضمن لها الاستمرارية.

 

وكانت شريحة أخرى من المواطنين تغلبت على نقص الغاز المنزلي وانقطاع التيار الكهربائي بمواقد الحطب، أو بتشييد "أفران الطين" التي يعود استخدامها إلى ما قبل نصف قرن، وذلك بسبب اشتداد أزمة الحصار.

 

وأوضح المواطن أبو علي القريناوي أنه اشترى فرنا من الطين، وهو فرن يصنع من الطين والقش، لاستخدامه في اعداد الخبز والطهي وتسخين المياه ، مشيراً إلى أن التكيف مع ظروف الحصار بات أمرا إجباريا ولم يعد هناك بريق أمل في انتهاء الأزمة في وقت قريب.

وتجتمع النساء أمام الأفران صباحا لتحضير متطلبات المنزل بعد تحضيرهن كمية من الحطب تكفي لانجاز ما يردن تحضيره، كبديل عن الأفران الحديثة التي هجرت كونها تعمل بالغاز والكهرباء، إضافة إلى وضع الملح في السولار للحصول على الكاز الأبيض اللازم لتشغيل البوابير واللمبات.

وبذل المواطن محمود أبو سرور (39 عاما) جهدًا كبيرًا في البحث عن بديل لأزمة الغاز التي يعاني منها وأفراد أسرته، فراح يبحث عن بدائل تمكِّنه من التغلب عليها بشتى الوسائل، حتى اهتدى إلى صنع فرن طيني يستعيض به عن الغاز الطبيعي.

وأوضح المواطن الذي يسكن محافظة رفح أن مراحل صناعة فرن الطين تبدأ بجبل الطينة، ومن ثم خلطها بالتبن، وبعد ذلك تعجن وتفرد على الأرض لتتشكل في هيئتها المتعارف عليها وتوضع في الهواء لتجف.

وأشار أبو سرور إلى أن فكرة صنع فرن طيني صغير الحجم راودته حين واجهت أسرته مشكلة خانقة بعد نفاد غاز الطهي بصورة كاملة من منزله، مشيرا إلى أنه في البداية كان يشعل الحطب، إلا أن الأمر كان غير مُجدٍ ففكر في صناعة فرن الطين.

ويبذل العديد من المواطنين جهدا في صنع المزيد من أفران الطين لمواجهة آثار الحصار، واعتبره البعض حلا لتجاوز الازمة التي يعيشونها بسبب استمرار الحصار.

وأوضح أبو سرور الذي أعجبته الفكرة فأخذ يصنع الأفران الطينية ويبيعها للمواطنين، أنه أصبح يشتري الطين بثمن قليل من حافري الأنفاق لبناء أفران خاصة تستخدم بعد إشعال الأوراق والحطب فيها لإعداد الخبز وطهي الطعام.

وبين أن سعر هذا الطين ارتفع إلى حد كبير مؤخرا، بسبب الحصار الإسرائيلي وتزايد الطلب على الأفران، ما اضطره لرفع سعر أفرانه الطينية المتنقلة والتي ازداد الطلب عليها كثيرا وتضاعف ثمنها مرات عدة، فيما يضطر الكثير من الأسر، خصوصا الفقيرة منها، الى التشارك في فرن واحد.

وارتفع سعر الفرن الطيني الواحد من 70 شيكلا قبل إغلاق معابر قطاع غزة إلى 200 شيكل (نحو 50 دولارا) حالياً، وهو الأمر المرشح للزيادة مع مرور الوقت واشتداد الحصار.

وتجمع أم محمود ضهير (46 عاماً) صباح كل يوم بعض الحطب والأعواد الصغيرة لتشعل النار في فرن الطين لتسخين الماء من اجل اعداد الشاي وتحضير الطعام لزوجها.

وتشير ضهير إلى أنها لم تكن تعلم أن الأقدار ستعيدها لاستخدام بابور الكاز وفرن الطين بعد أن هجرتهما منذ زمن، إلا أن الحصار جعل كل شيء مباحا في قطاع غزة، كما تقول.

وأوضحت أن زوجها مريض وليس لديه راتب ثابت، بينما وصل ثمن اسطوانة الغاز إلى 350 شيكلا في ظل استمرار الحصار، مشيرة إلى أنها اضطرت للعودة إلى فرن الطين لمواجهة الغلاء المعيشي الذي يعيشه قطاع غزة.

 

ويفكر العديد من المواطنين في إعداد أفران الطين لكي يسدوا حاجاتهم بدلا من الوقوف في طوابير أفران الخبز الشعبية، مشيرين إلى أن أسرهم وخاصة نساءهم تقف أمام حرارة الأفران ساعات طويلة من أجل التغلب على مشاكل الحصار.