خبر التهدئة وتعايش من نوع آخر.. د. عصام شاور

الساعة 02:36 م|19 ديسمبر 2008

" التعايش " هو الفكرة الخادعة التي بنيت عليها اتفاقية أوسلو , فدولة الاحتلال (إسرائيل) حاولت تسويق إمكانية تعايش المغتصبين اليهود مع الفلسطينيين أصحاب الحق الشرعيين, ورغم أن الشعب الفلسطيني أعطى فرصة كافية للمحتل لكي يثبت حسن النية وصدق الشعار منذ انطلاق أوسلو وحتى اندلاع الانتفاضة الثانية إلا أن الاحتلال الصهيوني وعلى مدار سبع سنوات أثبت  أنه لا يمكن التعايش مع إسرائيلي مجرم لا يعترف باتفاقيات ولا يلتزم بعهود ولا يحترم شريكا ولا "صديقا " , وكل ما يعرفه أنه لا تعايش مع الضعفاء , لأن ضعف الضحية يغري (إسرائيل) ويشجعها على المزيد من الاستغلال , ولذلك فقد فشلت اتفاقية أوسلو.

 

اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية  أواخر عام 2000 ردا على الاحتلال وعلى كل ما اقترفته (إسرائيل) أثناء فترة "إثبات حسن النية " غير المجدية , وفشلت دولة الاحتلال في إخضاع الشعب الفلسطيني الذي امتلك على الدوام المقومات الكافية لمقاومة الاحتلال وجبروته, فأصبح وقف الانتفاضة من الضرورات الملحة بالنسبة لـ(إسرائيل) والتي اعترفت أنه لو استمرت  تلك الانتفاضة أكثر من أربع سنوات بنفس الوتيرة لتعرض الاقتصاد الإسرائيلي لانهيار من الصعب الخروج منه , فوجدت بعض المبادرات الداخلية طريقها لتهدئة الوضع , فكانت اتفاقية القاهرة وما نتج عنها من انتخابات بلدية وتشريعية وفوز حركة حماس , وكان الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وما تلاه من سيطرة لحماس على القطاع.

 

استطاعت حماس والمقاومة في القطاع فرض تعايش من نوع آخر, وهو تعايش المحتل أو قبوله بوجود مقاومة وإن كان ذلك القبول مرهونا ببعض الشروط , فكانت التهدئة بين المحتل وبين المقاومة  وفيها نوع من الندية المبنية على توازن الرعب الذي فرضته صواريخ المقاومة ودعمته قدرة المقاومة على التصدي لدبابات وجنود جيش الاحتلال عند اقتحام غزة وكذلك دعمه صمود أهل القطاع , وأعتقد أن المقاومة تكاد تنجح في فرض هذا النوع من التعايش الاضطراري القائم على تبادل المصالح دون تبادل الاعتراف , وبمجرد رفع الحصار عن قطاع غزة يكون النجاح قد اكتمل.

 

اليوم هو الأخير في عمر التهدئة بين المقاومة وبين (إسرائيل), تحاول دولة الاحتلال أن تكون التهدئة من جانب واحد وهو الفلسطيني على أن تستمر هي في اعتداءاتها , تحاول العودة إلى النموذج الأول من التعايش , أعتقد أن (إسرائيل) لن تتمكن من تحديد قواعد اللعبة في القطاع , لان التهديد بقطع الرؤوس لا يخيف أحداً مثله مثل التهديد بالاجتياح , والآن وبعد انتهاء التهدئة أعتقد أن (إسرائيل) سوف تحسب ألف حساب لأي خطوة ستتخذها ضد قطاع غزة , حيث لا أعتقد أن الثمن سيكون فقط بعض الصواريخ على سديروت والمناطق المجاورة.