خبر سيناريوهات ما بعد التهدئة ...مصطفى الصواف

الساعة 02:18 م|19 ديسمبر 2008

دخلت التهدئة نهايتها وأعلنت فصائل المقاومة، أنها في حل من اتفاق التهدئة الذي تم بينها وبين الإسرائيليين بطريقة غير مباشرة وبوساطة مصرية وذلك بعد أن خرق الاحتلال اتفاق التهدئة على مدى الشهور الستة السابقة التي قدم فيها الشعب الفلسطيني أكثر من واحد وعشرين شهيدا وعشرات الجرحى، وعدوان إسرائيلي متواصل وردود من قبل المقاومة على الخرق الإسرائيلي مع التزامها باتفاق التهدئة حتى نهايتها، وأعمال المقاومة التي جرت كانت رداً طبيعياً على العدوان الإسرائيلي الذي شهد تصعيداً في الأيام الأخيرة من التهدئة والتي كان آخرها الليلة الماضية وما قبلها، والتي شهدت غارات جوية وقصفاً بالصواريخ والأسلحة الرشاشة استهدفت منازل الآمنين وورشاً للخراطة.

 

السيناريو الأول لما بعد التهدئة، الحرب الإعلامية والنفسية من قبل قوات الاحتلال ضد المقاومة وقادتها، وكان هذا واضحاً من القائمة التي نشرت أمس من قبل القيادة العسكرية الإسرائيلية لاستهداف قيادات سياسية وعسكرية وميدانية.

 

المرحلة الثانية من السيناريو الأول ستدخل مع صباح الجمعة، وستعمل (إسرائيل) على إرسال رسائلها للمقاومة عبر القيام بعمليات عسكرية جوية وبرية، وستعمل على تكثيف عمليات في الأربع والعشرين ساعة القادمة، لتقول إن الجيش الإسرائيلي لن يقف مكتوف الأيدي وإنه سيضرب بيد قوية مع سقوط كل صاروخ نحو البلدات الإسرائيلية المجاورة لقطاع غزة، وستعمل (إسرائيل) في البداية على استهداف القيادات الميدانية والقائمين على إطلاق القذائف الصاروخية سواء من خلال طائرات الاباتشي أو الاستطلاع والتي ستنتشر بكثافة في سماء القطاع.

 

المرحلة الثالثة من السيناريو الأول، القيام بعمليات اغتيال لبعض قيادات المستوى السياسي من مختلف القوى، والتركيز على قيادات حركة حماس والجهاد الإسلامي.

 

سيناريو متكرر من قبل قوات الاحتلال وسينتهي بعمليات اجتياح وتوغل من قبل قوات الاحتلال والعمل على استنزاف المقاومة من خلال استخدام كل الأساليب والأدوات العسكرية الإسرائيلية بهدف إيقاع أكبر عدد من القتلى والجرحى، ونعتقد أن (إسرائيل) لن تكرر الخطأ الذي ارتكبته في العدوان الأخير الذي وقع شمال قطاع غزة قبل التهدئة بقليل، وهو استهداف أهداف مدنية ومنازل بشكل عشوائي لان هذه المسألة أثارت الرأي العام العالمي على (إسرائيل) حتى أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني خرجت عقب العدوان إلى أوروبا لتصحيح وجهة النظر، وقالت: إن الأمر صعب وإن الرأي العام ضد السياسة الإسرائيلية، ولكن لا يعني ذلك أن لا تقوم (إسرائيل) ببعض العمليات ضد أهداف مدنية لأن هذا جزء من سياستها.

 

السيناريو الثاني هو قيام (إسرائيل) بالاتصال مع بعض الأطراف العربية وعلى رأسها مصر من أجل التدخل لدى قوى المقاومة من أجل وقف عملياتها والعودة إلى تجديد التهدئة، وهذا يعود إلى أن (إسرائيل) على الأقل في هذه المرحلة غير مهيأة لخوض عمليات عسكرية أو قيام المقاومة الفلسطينية باستهداف البلدات المحيطة في القطاع أو أن تمتد صواريخ المقاومة إلى أبعاد أكثر عمقا وهذا تعتبره (إسرائيل) تجاوزاً للخطوط الحمر.

 

أما المقاومة الفلسطينية، فالسيناريو الأول لها هو القيام بقصف البلدات الإسرائيلية بالقذائف الصاروخية وقذائف الهاون والاستمرار على نفس النهج، وسيكون رد المقاومة رداً منضبطاً بحيث لا يكون هناك قصف مكثف أو استخدام قذائف متطورة على الأقل في الأيام الأولى وبقاء العدوان الإسرائيلي على ما هو عليه من عمليات محدودة ونمطية.

 

المرحلة الثانية هو اختراق المدى المعروف والأهداف التقليدية، وقد تستخدم المقاومة الفلسطينية أسلحة أكثر تقنية وابعد مدى إذا كانت تمتلك هذه القذائف، ونعتقد أن قوى المقاومة طورت أدواتها محلية الصنع وربما تكون قد أدخلت أنواعاً متطورة من الأسلحة خلال فترة التهدئة وهذا أشارت إليه (إسرائيل) كثيراً.

 

لكن ماذا لو اجتاحت قوات الاحتلال مساحات واسعة من قطاع غزة؟ كيف سيكون موقف قوى المقاومة؟، نعتقد أن قوى المقاومة وضعت لنفسها خطة للدفاع عن قطاع غزة واتخذت الاحتياطات اللازمة بما لديها من إمكانيات، وجهزت نفسها لهذه المرحلة، بحيث أصبحت (إسرائيل) تفكر ألف مرة قبل الإقدام على مثل هذه العمليات لأنها تدرك أن الاستعدادات النفسية والمعنوية قد تكون أكبر من الإمكانيات المادية، وأكثر ما تخشاه (إسرائيل) هو أن تتحول شوارع ومنازل وسكان القطاع إلى قنابل متفجرة في وجه قوات الاحتلال والتي تخشى النزول على الأرض وخوض مواجهة مع سكان القطاع ومقاومتهم، لأنها تخشى أولا من حجم الشهداء الفلسطينيين وحجم الخسائر التي ربما تقع في صفوف الجنود الإسرائيليين.

 

أمام ذلك، هل هذه المرحلة ستطول، ولن يكون هناك تدخل من أطراف مختلفة لوقف إطلاق النار والعودة إلى التفاوض عبر الوسيط المصري الذي لم يبد أي تحرك نحو وقف التصعيد الإسرائيلي والطلب من قوى المقاومة ضبط النفس ومن ثم الحديث عن تهدئة وشروط لها؟ نعم الأمر سيستغرق وقتا قد يصل إلى اسبوعين أو ثلاثة أسابيع لكن أعتقد أن ما نشرته الصحف العبرية اليوم من أن أطرافا عربية طالبتها بتصفية قيادات حماس وقطع رأسها، ليس من فراغ وقد لا يكون توجهاً رسمياً ولكن ربما سمعه الإسرائيليون من بعض القيادات العربية بشكل شخصي وليس موقفاً رسمياً، لأن هناك من يرى ما تراه (إسرائيل) من ضرورة القضاء على حماس.

 

لن يكون هناك تحرك مصري متعجل، وستراقب القاهرة المواقف وأعتقد أن لديها موقفاً إسرائيلياً خاصة بعد زيارة عاموس جلعاد للقاهرة، ولكن على ما يبدو أن الجميع سينتظر إلى ماذا ستؤدي حالة الاشتباك مع نهاية التهدئة بين قوى المقاومة والاحتلال الإسرائيلي؟ وإلى أين (إسرائيل) ماضية؟.

 

يبدو أن قوى المقاومة ماضية في خياراتها ولن تتراجع، موقفها من التهدئة واضح وان (إسرائيل) لم تلتزم بهذه التهدئة ولم تحقق شروطها وباتت حملا ثقيلا على الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة بل ضج الناس من التهدئة وطالبوا قوى المقاومة بضرورة التفكير بإنهائها وعدم تجديدها.

 

إذا كانت (إسرائيل) وبعض الأطراف العربية تعتقد أنها يمكن لها كسر المقاومة وقطع رأسها وإنهاء الموقف المقلق للجميع فهذا بعيد وصعب المنال، وهذا الهدف بعد ما شاهد الجميع مهرجان حركة حماس والذي بحاجة إلى تقييم من كل الدول العربية والدولية وعلى رأسهم إسرائيل وهو أن كل الشعب الفلسطيني في قطاع غزة شعب مقاوم، وكذلك في الضفة الغربية والتي قد نرى منها ما كنا نراه رغم العهود المقطوعة والإرهاب الممارس من الأجهزة الأمنية وقوات الاحتلال، ولكن قدر الله سيكون نافذاً ولن يقدر على الوقوف أمامه احد، وكم تعهد من سبق مثلما تعهد متعهد اليوم وكانت المقاومة تقوم بما تريد.

 

الصورة ليست بالوضوح الذي يمكن أن يمكن المراقب للوضع الفلسطيني الإسرائيلي من رسم سيناريوهات دقيقه أو تفصيل المواقف ورسم الأحداث المتوقعة بناء على معطيات الواقع، والأيام القادمة ستحمل مفاجآت غير متوقعة أو خاضعة لحسابات ألف باء التقدير والقياس.

 

يبدو أن قطاع غزة والمقاومة لازالت بحاجة إلى وقت إضافي من الهدوء بعد الستة أشهر التي منحت في التهدئة الأولى، ولكن إذا لم تلتزم (إسرائيل) بوقف العدوان وسحب التهدئة الى الضفة الغربية وفتح المعابر ورفع الحصار وفتح معبر رفح، دون ذلك لن تتمكن قوى المقاومة من تجديد التهدئة، وإن كانت المواجهة فالموقف لدى قوى المقاومة معروف والرد عندها جاهز، ولكن نحذر من لعبة الاستنزاف الإسرائيلي.