خبر رهان باراك .. هآرتس

الساعة 12:33 م|19 ديسمبر 2008

بقلم: الوف بن

الخلاف في اسرائيل على "العملية الكبيرة في غزة" يدفع الى الصدام بمفهومين للامن: الحرب الوقائية حيال تأجيل الحرب. مؤيدو اجتياح غزة ادعوا كل الوقت بان من الافضل ضرب حماس قبل أن تتعاظم وتتمترس وهكذا يكون اقل قتلى في الجانبين. وزير الدفاع، ايهود باراك، عرض نهجا مضادا، بموجبه، حتى لو كانت المواجهة مع حماس محتمة، من الافضل الانتظار. فلعله في هذه الاثناء يتغير شيء في الجانب الفلسطيني او في الدول العربية، واذا ما حصل تصعيد، سيكون من الاسهل تجنيد التأييد الداخلي والدولي لعملية اسرائيلية.

ويقتبس باراك دافيد بن غوريون واسحق رابين كأبوين لهذا المفهوم. وبنهجه، ففي الحروب بين اسرائيل والعرب لا توجد ضربة قاضية، فقط هدنات حتى الجولة التالية. واذا في نهاية الحرب مع حماس سنعود الى ذات التهدئة، فمن الافضل الانتظار، والسماح لمئات الضحايا المتوقعين لـ "العملية الكبرى" ان يبقوا في هذه الاثناء في اوساطنا.

باراك نجح في اقناع الحكومة بقبول نهجه، ولكنه يعرف بان ليس لديه اصدقاء بين الوزراء. تسيبي لفني، حاييم رامون وغيرهما، ممن روجوا لتشديد ردود الفعل على نار القسام، سيكونون اول من يتهموه بالقصور، اذا ما احتدمت هجمة الصواريخ.

وزير الدفاع راهن على حملته: اذا ما تحقق سيناريو الرعب لـ "قسام في روضة اطفال"، او ضربة مئات صواريخ على النقب من الان حتى الانتخابات – فالمسؤولية ستكون عليه فقط. فهو سيتهم بانه لم يخرج في الوقت المناسب للعملية الكبرى ضد حماس. وحقيقة أن رئيس الوزراء ورئيس الاركان تحفظا هما ايضا من العملية لن تساعد باراك وذلك لان ايهود اولمرت وغابي اشكنازي لا يتنافسان في الانتخابات اما هو فنعم. مراقب سياسي مجرب ذكر هذا الاسبوع بان حزب العمل خسر مرتين في الانتخابات (في 1988 و 1996) بسبب عمليات في اثناء الحملة. اذا ما حصل هذا مرة اخرى، فان العمل يخاطر بفرار المصوتين والمؤيدين الى كديما، الذي يعرض خطا اكثر حزما.

ولكن حتى اذا ما استمر الوضع القائم للنار الخفيفة حتى المتوسطة، فان باراك سيكون في مشكلة، وذلك لانه سيجد صعوبة في اظهار الانجازات. التهدئة مع حماس كانت الاتفاق الوحيد الذي حققته حكومة اولمرت مع الفلسطينيين. ولكن رئيس الوزراء والوزراء الاخرين فضلوا ان يكون هذا الاتفاق مسجل على اسم وزير الدفاع، وكأنهم ليسوا جزءا من التسوية.

التهدئة لم تنجح في تثبيت خط تعايش متوتر مع حماس، على نحو يشبه وقف النار مع حزب الله في الشمال. كما أنها لم تؤدي ايضا الى تحرير جلعاد شليت. فقد منحت سديروت ومحيطها بضعة اشهر من الهدوء النسبي، الى أن تضعضعت من جديد في اعقاب عملية للجيش الاسرائيلي ضد النفق قرب الجدار الحدودي في بداية تشرين الثاني – الامر الذي وفر لحماس الذريعة لاستئناف النار.

اسرائيل فضلت أن تضرب حماس باغلاق اقتصاد، ولكن يبدو أن حرية عملها ستتقلص مع تسلم ادارة اوباما مهامها في الولايات المتحدة. في الاسابيع الاخيرة تكثر المؤشرات على أن الصبر الدولي تجاه اغلاق المعابر الى غزة آخذ في النفاد، وعلى اسرائيل ضغط متعاظم للسماح بدخول البضائع الى القطاع.

في الاسبوع الماضي فقط دعت الرباعية الدولية، التي تضم في عضويتها ادارة بوش، اسرائيل الى رفع الحصار عن غزة والسماح بالدخول الحر للمؤن الانسانية (الغذاء، الوقود، الادوية ومعدات الصيانة لشبكات المياه والمجاري). مبعوث الرباعية طوني بلير، في مقابلة تنشر اليوم في "هآرتس" هذا الاسبوع، يقول ان سياسة الحصار يجب أن تتوقف ويلمح بان كبار مسؤولي ادارة اوباما – وزيرة الخارجية المرشحة هيلاري كلينتون، مستشار الامن القومي جيمس جونز – يفكرون مثله في أنه يجب وضع استراتيجية جديدة تجاه القطاع. واذا كانت حتى ادارة بوش – التي أيدت الخطوات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين – تدعو الى رفع الاغلاق، فان ادارة اوباما ستكون أكثر حزما، ولا سيما حيال حكومة يمينية في القدس. وهي لا بد ستدعي بانه لا يجب معاقبة مليون ونصف فلسطيني بالتجويع والنقص، فقط بسبب بضعة صواريخ. مثل هذا النهج سيعزز مؤيدي "العملية الكبرى" في اسرائيل.