خبر انتصار فلسطيني جديد في عالم المعرفة..بقلم: د.صبري صيدم

الساعة 06:46 ص|19 أكتوبر 2017

فلسطين اليوم

 وزير التربية والتعليم العالي

لم يكنْ غريباً أن تظفر فلسطين بالجائزة الأولى في مسابقة تحدّي القراءة العربي عبر الطالبة عفاف شريف من مدرسة بنات البيرة الثانوية الجديدة، إذ جاءت هذه النتيجة لتكون محصّلةً لجهود تربوية جماعية راكمت هذا النجاح، ونتاج عمل مدروس، جعل طالبتنا المبدعة عفاف شريف، تفوز بهذه الجائزة من بين سبعة ملايين طالب/ة تنافسوا على اللقب، الأمر الذي أدخل البهجة والسرور إلى صدورنا وقلوبنا جميعاً، وجعلنا فخورين بأسرتنا التربوية، رافعين الهامات بما سطّرت من إبداع وتميّز في سفر الخالدين.

هذا التفوّق الفلسطيني الفريد والرائع، تحقّق رغم إمكاناتنا المحدودة، ورغم انتهاكات الاحتلال السافرة ضد طلبتنا ومعلّمينا ومدارسنا، بصورة جعلتنا نتذوّق طعم الفوز والنصر الممزوجين بالفخر والإباء والشموخ، لأننا قبلنا التحدي، ولم نقنع بما دون النجوم في ركب العلم والمعرفة، وهكذا كان، بما نلمسه كلّ يوم على صعيد تحقيق النجاحات المحلية والعربية والدولية، متجاوزين شكوك البعض واستخفافهم بحجم المنجزات، ومواصلين البناء على ما تحقّق لتجذير حضور الإبداع في المنظومة التربوية، وتوفير ضمانات الاستدامة للاهتمام بالتميّز، وهو ما كان حاضراً لدى تطويرنا في الوزارة جائزة صندوق الإنجاز والتميز.

إن القراءة النقديّة الواقعيّة المتفحّصة للواقع التربوي، تشير بوضوح إلى حجم الحراك التطويري التعليمي التعلّمي النوعي، على صعيدي التعليم العام والتعليم العالي، الذي بات يؤسّس لكل نجاح وفوز، بجهود جماعية تسير على بصيرة من أمرها، ووفق نهجٍ قويم، ينطلق من فلسطين، الوطن والهوية، والأرض والإنسان، ومن كانت هذه بوصلته فلن يضلّ أبداً، وستتحقّق جهوده ومساعيه.

لقد باتت فلسطين على موعد يومي مع الرفعة والتألّق والتميّز، الذي تسجله الأسرة التربوية، من رفح جنوباً إلى جنين شمالاً، ويشهد لها القاصي والداني، باعتبارها معقل المعلم الأول على مستوى العالم، وصاحبة الطالب الأفضل، والمدرسة الأولى، ومدارسها هي الأفضل على مستوى بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وطلبتها يتألّقون في المحافل الدوليّة المهمّة، في العديد من الأنشطة المختلفة، ومعلّموها ومدارسها كذلك، وهم روّادٌ في محافل الإباء والعطاء، وأساتذة في عوالم الإبداع والتميّز، وأصحاب مبادرات خلاّقة، وذوو أفكار تطويرية متجدّدة، لأنّهم آمنوا بربهم، وبوطنهم الغالي، وبعدالة قضيّتهم، واستثمروا عقولهم في ميادين العلم والمعرفة، والثقافة والأدب، فأصبحوا رُسلَ تنوير في المحافل جميعها، بشهادة البعيد قبل القريب، لتُحنى لحُسنِ صنيعهم الهامات شكراً وتقديراً.

هذه الإطلالة المتجددة، تؤكد أن مرورنا في سماء الإبداع لم يكن عابراً، بل كان محكوماً برؤية إبداعيّة استشرافيّة، أسّست لها خطط تربوية تطويرية مدروسة، قام عليها نخبة من القيادات التربوية والفكرية.

اليوم، نؤكد أن توطين الإبداع بات حالة تُعاش، لا مجرّد برنامج هنا أو هناك، ونؤكد أن الطالبة عفاف نموذج من آلاف النماذج المعبّرة عن مدى ما يحرزه معلّمونا وطلبتنا من إبداعات وطاقات خلاّقة، وهنا نشيد بإبداعات الصامدين من معلّمينا ومعلماتنا في مدارس التحدي، ومدارس البلدة القديمة من الخليل، ومدارس القدس وغزة، وكلّ مدارس الوطن، وهم يواصلون الذّود عن حياض الكبرياء بسيف الصمود، وكم كنا نتمنّى مشاركة طلبة القطاع أصحاب الإرادة، لكن الاحتلال البغيض أبى إلا أن ينغّص علينا فرحتنا، حتى باتت منقوصة.

وبهذه المناسبة نزجي آيات الشكر والتقدير للقيادة ولأسرة الوزارة، على الدور العظيم الذي يضطلعوا به في مجال العلم والمعرفة والإبداع، والشكر موصول لمدرسة البحث العلمي الإماراتية التي تشرف على تنفيذ هذه الجائزة، ولجميع الطواقم التربوية التي تتابع تنفيذ نشاطاتها داخل مدارس الوطن ممثلة بالإدارة العامة للنشاطات وطواقمها في المديريات والمعلمين ومديري المدارس ولجان التحكيم.

وأستثمر هذه الإطلالة للتأكيد على أننا سنطلق هذا العام برنامج تحدي القراءة في الجامعات ليكون أحد المدخلات التي نتوخاها لتشكل رافداً من روافد الاهتمام بالتعليم العالي في عالم التعليم العالي.

إن المتتبع لمسيرتنا التربوية يلحظ أننا نسير وفق مُخطط واضح المعالم، بعيداً عن التجريب والارتجالي، متطلّعين إلى تعليم يصنع تحريراً قولاً وفعلاً، وهو ما نعمل على توطينه في مناهجنا الفلسطينية الجديدة، وفي مختلف البرامج والمشاريع التي ننفّذها، الأمر الذي يهيّئ لنا قطف ثمار روح التفاؤل والأمل التي نسعى لترسيخها، بعيداً عن التشاؤم والإحباط، ورحم الله شاعر فلسطين الكبير الراحل إبراهيم طوقان القائل:

ما ضلّ ذو أملٍ سعى يوماً وحكمته الدليلُ...

كلا ولا خاب امرؤٌ يوماً ومقصده نبيــــلُ

كلمات دلالية