خبر اسرائيل هنا..هآرتس

الساعة 09:36 ص|18 ديسمبر 2008

بقلم: يوآف شتيرن

رشقة من الرصاص قطعت الروتين السائد. رشقة اخرى ولكن متلاحقة في هذه المرة. من حي اخر يرد سلاح اخر لاطلاق نار اضافي ضعيف. "ربما مسدس؟" يسأل احد الحاضرين. رشقات اخرى والان مع خط ناري، وكل هذا يحدث بين اولئك الذين كانوا قبل لحظة يشربون فنجان قهوة عربية على الشرفة بهدوء، تحت الشمس والهواء النقي في ام الفحم.

 

سحب دخان خفيفة، كتلك التي تتركها الالعاب النارية من وراءها عادة تتصاعد نحو مركز ام الفحم. قبل ذلك بساعة اعلنت الشرطة عن الغاء او على الاقل تأجيل مسيرة اليمين في المدينة والضيف استنتج للحظة ان السكان في ام الفحم فرحون بالقرار- ليس هناك امر طبيعي اكثر من هذا القرار. هم بالتاكيد قرروا اهدار بعض الذخيرة التي كانوا قد احتفظوا بها للمسيرة ولعناصر اليمين، او للشرطة.

 

نشيط من سكان المدينة ابتسم عندما سمع بالفكرة. "هل انت طبيعي؟ اليوم عاد الحجاج الى منازلهم وهذه الالعاب النارية والرصاص احتفالا بعودتهم " قال " فلتتوقف عن الاعتقاد ان كل شيء يدور من حولكم وانكم محور الكون".

 

هناك اسلحة في ام الفحم وهي كثيرة. بعضها مرخص واغلبيتها غير مرخصة. احد سكان المدينة يقدر ان البندقية تساوي 30 وربما 40 الف شيكل . "الناس الذين يشعرون بالحاجة لابراز قوتهم وثرائهم يشترون السلاح. هذا درع يحميهم من التخاصم مع عائلة اخرى ويمكنهم من ابراز القوة في الاعراس. نحن في وضع صعب والشرطة لا تفعل شيئا".

 

ولكن السلاح لم يوجه ابدا ضد الشرطة حتى اليوم. وفي احداث تشرين الاول 2000 ايضا قتل الضحايا في المدينة بنيران الشرطة، الجميع يؤكدون بثقة تامة تقريبا انه لو جرت المسيرة في هذا الاسبوع فالوضع لم يكن ليتغير وليس من الممكن ان يوجه السلاح نحو الضيوف سواء كانوا مرغوبين او غير مرغوبين.

 

على اية حال، وحتى من دون تنظيم المسيرة، فقد كان لها تاثير حتى وان لم يكن ملائما بالضبط لما اراده منظموها: هي ادت الى تعزيز العلاقة بين المدينة وبين اسرائيل. مئات الاسرائيليين خصوصا اليهود تقاطروا على ام الفحم في الايام الاخيرة: معرض الفنون حصد ارباحا جيدة وكذلك المطاعم وحتى الحركة الاسلامية اضطرت لتوضيح موقفها: ام الفحم هي جزء لا يتجزأ من دولة "اسرائيل" قال رئيس البلدية الجديد من الحركة الاسلامية الشيخ حامد حمدان بالعربية امام عدسات الكاميرا.

 

الشيخ حمدان الذي علق على هذه الفوضى في ايامه الاولى في المنصب، نجح في الاختبار. الرسائل التي اطلقها كانت شبيهة برسائل من سبقه في المنصب والذي اتهم بالاقتراب المفرط من المؤسسة الرسمية او من الجيران اليهود. الشيخ حمدان قال: "ام الفحم تفتح ابوابها وترحب بكل زوارها اليهود والعرب من دون تمييز. يوجد في المدنية تواجد يومي لليهود الذين يرغبون بشتى مجالات الخدمات الحياتية ونحن نرحب بذلك".

 

المتظاهرون من اليمين خططوا للوصول الى المدينة تحت غطاء من محكمة العدل العليا ومع لي ذراع الشرطة من اجل التلويح باعلام اسرائيل باعتزاز. هم كانوا سيضطرون للدخول للمدينة من بوابتها الخلفية، ولكن ام الفحم من الامام او من الوراء ما زالت رمزا ومعقلا للحركة الاسلامية.

 

ام الفحم في الرواية الشعبية الفلسطينية هي "الاسم السري لفلسطين" ولكنها في نفس الوقت مدينة اسرائيلية جدا. اعلام الدولة ترفرف فيها في كل مكان- من فوق مبنى البلدية، والمدارس، والتأمين الوطني- من دون ان يعتبر ذلك امرا غريبا. اسرائيل موجودة وحاضرة هنا.

 

رغبة سكان المدينة بان يكونوا جزءا من الدولة واضحة جدا. استطلاع نظم مؤخرا في اوساط

500 مواطن عربي من ارجاء الدولة يظهر ذلك بصورة واضحة. وفقا لهذا الاستطلاع الذي اجراه الدكتور يوسف رفيق جبارين المحاضر البارز في كلية الهندسة المعمارية وبناء المدن في التخنيون يتبين ان، 89 في المائة من مجموع المواطنين العرب في اسرائيل يعارضون تبادل الاراضي مع دولة فلسطينية مستقبلية. المعارضة بارزة اكثر في المثلث الشمال بما فيه ام الفحم: 96 في المائة يعارضون نقل المنطقة التي يقطنون بها الى السيطرة الفلسطينية.

 

في ما يسمى بـ يوم الاستقلال وزعوا هنا اعلام اسرائيل مع الصحف اليومية مثلما هو الحال في باقي اجزاء البلاد. احمد محاميد صديقي القديم من سكان المدينة حصل على اكثر من علم. هو حدثني في هذا الاسبوع انه لم يعرف ماذا يتوجب ان يفعل بهذه الاعلام حيث وضعها في صندوق سيارته لفترة معينة وفي اخر المطاف شعر بالقلق في حالة مشاهدة احد اصدقائه العرب لهذه الاعلام والظن الذي سيظنه به. اما ان رآه يهودي فسيفكر نفس الشيء بحقه: "انه مجنون".

 

محاميد صحفي واستاذ في الاعلام في ثانوية عرعرة، يقول عن نفسه انه يميل لافكار حركة ابناء البلد وهذه الحركة تؤيد فكرة اقامة دولة واحدة لليهود والعرب على كل اراضي فلسطين التاريخية. اي الغاء الدولة اليهودية.

 

ولكن حتى من يؤيدون الغاء دولة اسرائيل يعرفون ان المسألة غير مطروحة على المحك الان. "فَمُنا موصول بانبوب مطحنة القمح في حيفا او ميناء اسدود. ان حدثت في المدينة اضطرابات ولم يرسلوا الطحين، لن يكون لدينا خبز. لن يقوم احد بانزال اكياس الطحين علينا من السماء، ولذلك ليس من الممكن اصلا التفكير بالاستقلال وانما فقط بالاندماج مع الدولة" قال محاميد.

 

خلال محادثة معه في هذا الاسبوع اوضح ان المستوطنين من امثال مرزيل يعملون بالتحديد وفقا لفلسفة حركته. " وهم ودولة اسرائيل معهم يبذلون كل ما بوسعهم لتوسيع المستوطنات وهم في الواقع يتصرفون من اجل حل الدولة الواحدة. ان كان مرزيل يريدنا خارج دولة اسرائيل فليشكل دولة فلسطين، ولكنه في هذه الحالة يقوم بعكس ذلك".