تحليل تصريحات ليبرمان حرب نفسيّة أمْ دقّ طبول الحرب

الساعة 08:19 ص|11 أكتوبر 2017

فلسطين اليوم

الجوقة كانت حاضرةً وجاهزةً، الإعلام العبريّ المُدجج بسلاح “الإجماع القوميّ الصهيونيّ” ردّدّ الكلمات عينها، تمامًا كما أرادت وزارة الأمن « الإسرائيليّة »: رفع سقف التهديدات ضدّ حزب الله، سوريّة، لبنان وحركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) في قطاع غزّة، والتأكيد على أنّ التناغم بين وزير الأمن، اليمينيّ المُتشدّد، أفيغدور ليبرمان، ورئيس هيئة الأركان العامّة في جيش الاحتلال، الجنرال غادي آيزنكوط، وصل إلى أعلى مراحله في المسألة اللبنانيّة، وتحديدًا بضرورة تدميرها كليًّا في حرب لبنان الثالثة.

وهذه النظرية ليست جديدةً، فقد وضعها قبل عدّة سنوات الجنرال آيزنكوط، عندما كان قائدًا للمنطقة الشماليّة في جيش الاحتلال، حيث قال في مقابلةٍ أجرتها معه صحيفة (يديعوت أحرونوت)، إنّه في المُواجهة القادمة مع حزب الله، سيقوم الجيش « الإسرائيليّ » بتطبيق نظرية الضاحية الجنوبيّة في العاصمة بيروت، أيْ تدميرها بشكلٍ كاملٍ، على الدولة اللبنانيّة برّمتها، متوعدًا بإعادة لبنان سنواتٍ إلى الوراء.

الاثنان، أكّد مُحلل الشؤون العسكريّة في القناة الثانية بالتلفزيون العبريّ، روني دانئيل، يؤمنان بأنّ المُواجهة القادمة لن تشمل حزب الله فقط، بل الدولة اللبنانيّة برّمتها، لأنّ الجيش اللبنانيّ، أكّدت المصادر الأمنيّة في « تل أبيب »، بات ذراعًا لحزب الله.

ووصلت الفظاظة إلى حدٍّ كبيرٍ في القناة العاشرة بالتلفزيون العبريّ، عندما أكّد مراسل الشؤون العسكريّة أور هيلر على أنّ جيش بلاد الأرز، “تشيّع″، أيْ بات شيعيًا، ومن هنا أضاف، فإنّ القيادة الأمنيّة والسياسيّة بالدولة العبريّة أعدّت الخطط اللازمة لتدمير البنية التحتيّة اللبنانيّة، مهما كلّف الأمر، على حدّ تعبيره.

وبحسب التقارير العبريّة، فإنّ وزير الحرب ليبرمان استضاف أمس في وزارته في الكريا بـ« تل أبيب »، جنودًا من تشكيلات ما تُسمى بالدفاع الجويّ، والمدرعات والمدفعية، لمناسبة احتفال اليهود بعيد المظلّة.

وأضافت التقارير، التي كانت شبه موحدّة، أنّ ليبرمان تحدّث عن احتمال حدوث تدهورٍ أمنيٍّ، مشيرًا في الوقت عينه إلى أنّه في الحرب المقبلة في الشمال لن تكون هناك فقط جبهة لبنان، وإنما جبهتا لبنان وسوريا معًا، مضيفًا أنّ الجيش اللبناني فقد استقلاليته، وأصبح جزءً لا ينفصل عن تشكيل حزب الله، ولا يوجد بعد الآن معركة في جبهة واحدة في الشمال أوْ في الجنوب، فالمعركة القادمة ستكون في جبهتين، على حدّ قوله.

علاوة على ذلك، أشار ليبرمان إلى أنّهم يسعون إلى منع الحرب المقبلة، لكن في الشرق الأوسط الجديد، فإنّ التقديرات نفسها التي عشناها سابقًا، تؤكّد على أنّ هناك إمكانيةٍ منخفضةٍ لحصول حربٍ، وهي ببساطة تقديرات ليست ذات صلة، لأنّ الواقع هش، وهذا يمكن أنْ يحصل في أيّ لحظةٍ وفي أيّ يومٍ، وفق أقواله.

وفي السياق عينه، لفت وزير الحرب إلى أنّ كلّ شيء مرتكز على أننا ملزمون بالتخطيط لمناورة (توغل) جديّة، ولا يوجد مناورة بدون نيران قوية، والمدرعات والمدفعية من المتوقع أنْ يؤمنا نيران قوية، وتمامًا كما أنّ الدفاع الجوي من المفترض أن يمنع تعرض « إسرائيل » للقصف الصاروخيّ المُتوقّع، وبشكلٍ خاصٍّ من حزب الله في الشمال، وفق قوله.

وبحسب كلام ليبرمان، فإنّ « إسرائيل » يجب أنْ تكون مستعدة للمفاجآت، حيث قال: نحن من المفترض أنْ نستعد لكلّ سيناريو محتمل، والواقع الجديد يهيئ لنا تحديات جديدة.

ولخص ليبرمان كلامه بالقول إنّه حتى لو اندلعت الحرب المقبلة، ولا يهم أين ستندلع، في الشمال أوْ الجنوب، فإنها ستتحول فورًا إلى معركة في جبهتين، لا يوجد بعد الآن معركة في جبهةٍ واحدةٍ، وهذا هو الأساس الذي نرتكز عليه، لذلك نحن نقوم بتجهيز الجيش الإسرائيليّ، حسب تعبيره.

وخلُص وزير الحرب « الإسرائيليّ » إلى القول إنّ نظريتي الأساسيّة تتلخّص في أننّي أريد السلام وأستعد للحرب، ومَنْ يرغب بالسلام عليه الاستعداد للحرب، وأنا آمل بأنْ يفكر أعداؤنا في الطرف الثاني جيدًا بكلّ خطوةٍ وبالخطوة المقابلة لإسرائيل، كي لا نضطر لإظهار كامل قوة وقدرات الجيش الإسرائيليّ، على حدّ زعمه.

ويبقى السؤال: هل جاءت أقوال ليبرمان ردًّا على تصريحات سيّد المُقاومة، حسن نصر الله، الذي طالب اليهود بمُغادرة فلسطين، لأنّه في الحرب القادمة لن تكون أيّ منطقةٍ آمنةٍ في فلسطين المُحتلّة، على حدّ تعبيره، أمْ أنّ هذه الأقوال، التي تؤكّد المؤكّد، أي عنجهية « إسرائيل »، تدخل في إطار الحرب النفسيّة التي تخوضها دولة الاحتلال ضدّ محور المُقاومة والمُمانعة، والتي تنامت كثيرًا بعد فشل رهاناتها بتفتيت الدولة السوريّة وبإسقاط الرئيس، بشّار الأسد، عندما اعتبرت إنزاله من سُدّة الحكم هدفًا استراتيجيًا لـ« إسرائيل ».

كلمات دلالية