على عكس المرات السابقة

خبر التوافق تتسلم إدارة غزة: المصالحة تدخل مرحلة الجدّ

الساعة 05:57 ص|03 أكتوبر 2017

فلسطين اليوم

تغيرت الأجواء في غزة مع وصول وفد حكومة « الوفاق الوطني » الفلسطينية إلى القطاع، أمس الإثنين، بعد التفاهمات الأخيرة التي أبرمتها « حماس » و« فتح » برعاية مصرية، على أنّ النوايا تبدو أكثر من صادقة هذه المرة عكس مرات سابقة كانت التفاصيل الصغيرة جداً كفيلة بتفجير الأوضاع وتأزيمها.

ومرّ اليوم الأول على حضور أقطاب الحكومة الفلسطينية والأمن من الضفة الغربية إلى قطاع غزة سلساً كما كان متوقعاً، فيما تعقد اليوم، الثلاثاء، جلسة موسعة لمجلس الوزراء في مقره بمدينة غزة، الذي كان قبل سنوات منزلاً للرئيس الفلسطيني محمود عباس، يُرجّح أن تصدر عنها مجموعة قرارات « مهمة » في طريق إنهاء الانقسام وإتمام المصالحة وتسلم الحكومة الوزارات والمؤسسات الحكومية.

ووجد الوفد الحكومي استقبالاً شعبياً لافتاً من قبل المواطنين الغزيين، الذين رافقوا الوفد وحاولوا الاقتراب منه على الرغم من التدابير الأمنية المشددة، التي اتخذتها الجهات الأمنية المرافقة للوفد والأجهزة الأمنية المكلفة بتأمينه في غزة.

ومع شعور الفلسطينيين في غزة بجدية مختلفة هذه المرة في التعاطي مع المصالحة من قبل الطرفين، وبدء إجراءات تمكين الحكومة من القيام بمهامها، استبشر الغزيون خيراً بإنهاء حقبة الانقسام والسنوات العشر الصعبة التي عاشوها بعد مرحلة من التشاؤم.

وتنتظر الحكومة ملفات كبيرة وصعبة ومطالبات بحل الأزمات المتراكمة في القطاع منذ سنوات الحصار الأولى وحتى الآن، لكن أكثر المحللين تشاؤماً في أوقات سابقة يعتقدون أن الأجواء مهيأة الآن أكثر من أي وقت مضى للمضي في المصالحة وتنفيذ الاتفاقيات السابقة الموقعة، والتي تضمن إنهاءً للانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.

وحملت تصريحات الحمدالله عند وصوله إلى حاجز بيت حانون/ إيرز الذي تسيطر عليه إسرائيل شمال قطاع غزة، تأكيداً على التوجه نحو إنهاء الانقسام ومعالجة تداعياته، بقوله إنّ حكومته تعود إلى القطاع من أجل تحقيق المصالحة والوحدة وإنهاء مظاهر وتداعيات الانقسام الداخلي، داعياً إلى استثمار الأجواء الحالية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.

وقال الحمدالله، في مؤتمر صحافي، « إنّ الطريق الوحيد للوصول للأهداف الوطنية الجامعة هو الوحدة وطي هذه الصفحة (الانقسام) ». واستُقبل الحمدالله ووفد حكومته الذي ضم رئيس جهاز الاستخبارات العامة، ماجد فرج، بمراسم رسمية، وبحضور دولي رسمي، ومن قبل الوفد الأمني المصري الموجود منذ أمس في غزة، إلى جانب شخصيات فصائلية من حركتي « حماس » و« فتح » وعشرات الفلسطينيين.

وأكدّ رئيس حكومة الوفاق الوطني أنّ « الكل من الآن فصاعداً منخرط ومسؤول في جهود إعمار القطاع وتعزيز صمود المواطنين وصون الحريات العامة والحقوق »، مثمناً الدور المصري منذ تشكيل حكومته وحتى اللحظة لإتمام المصالحة، مبدياً تقديره للفصائل والقوى ولكل أبناء الشعب الفلسطيني، الذين وقفوا خلف تحقيق المصالحة والوحدة. وأشار إلى أنّ الحكومة ستتسلم مسؤولياتها في إدارة شؤون القطاع، حيث تم تشكيل عددٍ من اللجان لممارسة عملها، وستتم معالجة القضايا الإدارية العالقة وعلى رأسها قضية الموظفين (الذين عينتهم حماس عقب الانقسام) ضمن اتفاق القاهرة.

واعتبر الحمدالله قرار حركة « حماس » بالاستجابة لمبادرة الرئيس محمود عباس وحل اللجنة الإدارية، « خطوة هامة سنبني عليها الكثير من العمل »، مشيراً إلى أنهم « واثقون من أنّ أجواء التفاهم والإيجابية ستسود، ونتطلع للعمل بإيجابية مع كل الفصائل والقوى والمؤسسات، لنجدة أهلنا في غزة، ومعالجة آثار الانقسام ». وشدد على أنّ نجاح عمل الحكومة سيكون مرهوناً بقدرتها التنفيذية على الأرض والميدان وإحداث تأثير واسع على المواطن، داعياً لرص الصفوف والوحدة وتغليب مصلحة الوطن والمواطن على تلك الفئوية.

وتوجّه الحمدالله إلى أهل غزة قائلاً « أولويتنا اليوم هي التخفيف من معاناتكم والتخفيف عنكم، نحن الآن أمام سلسلة خطوات وبرامج عمل من شأنها التخفيف عنكم، وباتخاذ الخطوات الجادة لتخفيف المعاناة، يصبح المجتمع الدولي مطالباً بالوقوف عند مسؤولياته، والمساهمة في دعم وإعادة إعمار غزة ». في المقابل، أكد « أنّ الطريق لا يزال طويلاً وشاقاً »، وأن الشعب الفلسطيني قادر على النهوض من جديد، مؤكداً أن « لا دولة دون غزة، ولا دولة في غزة ».

وزار الوفد الحكومي يرافقه الوفد الأمني المصري منزلاً أعيد إعماره في حيّ الشجاعية المدمر شرقي مدينة غزة قبل أن يتوجه إلى منزل قائد « فتح » في القطاع، أحمد حلس، في الحيّ ذاته، ومن ثم التحق بهم قياديون من الفصائل وحركة « حماس »، من بينهم رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، ورئيسها في غزة، يحيى السنوار، على مأدبة غداء.

وفي سياق ذي صلة، التحق وفد أمني مصري مكون من 14 شخصاً بالوفد الأمني السابق الموجود بالقطاع، وقد وصل الوفد الأمني الجديد عبر معبر رفح البري بين القطاع والأراضي المصرية، ومن المقرر أن يتابع تسلم حكومة الوفاق الوطني للوزارات والمؤسسات الحكومية اليوم الثلاثاء.

كما يصل إلى غزة، اليوم الثلاثاء، وزير الاستخبارات المصري، خالد فوزي، ووفد ثالث من الاستخبارات، لمتابعة الملفات المشتركة، وتسلم الحكومة مهامها، إضافة إلى إعطاء دفعة قوية للمباحثات المرتقبة في القاهرة والتي ستشكل الخطوة الثالثة من حيث الأهمية، بعد حل اللجنة الإدارية وحضور الحكومة للقطاع.

ومن المقرر أن يلتقي، يوم الإثنين المقبل، في القاهرة وفدان من حماس وفتح بدعوة مصرية، كما اتفق سابقاً، وسيتم خلال اللقاء بحث سبل تطبيق اتفاق القاهرة في 2011، والذي وضعت فيه مصر خريطة طريق لحل كل الملفات الخلافية بين الجانبين، ووقعه الجانبان ولم يطبق في حينه.

وبدأت الأجواء الإيجابية في ملف المصالحة الفلسطينية عقب إعلان « حماس » حل اللجنة الإدارية التي شكلتها في قطاع غزة، وهو الشرط الذي وضعه الرئيس الفلسطيني عباس قبل إرسال أي وفد للقطاع. وبحضور الحكومة إلى الشق الثاني من الأراضي الفلسطينية تكون السلطة قد قابلت خطوة « حماس » بخطوة أخرى، ومن المتوقع أن يستمر التدرج في حل الملفات لحين الوصول إلى حلحلة وإنهاء كل الملفات الخلافية بين طرفي الانقسام الفلسطيني.

كلمات دلالية