خبر ليس هكذا يحرر مخطوف.. يديعوت

الساعة 10:35 ص|17 ديسمبر 2008

بقلم: دوف فايسغلاس

مستشار رئيس الوزراء السابق شارون

بين وزيرة الخارجية ووزير الدفاع يجري في هذه الايام جدال عسير في مسألة "جدوى" الثمن المطلوب لتحرير جندي أسير. بالاجمال جدال موهوم، إذ ان كل واحد منهما – بتعبيره هو – يوافق عمليا على ان مفهوم "بكل ثمن" غير قائم، وان الحسم يجب أن يتحقق في كل الاحوال حسب الملابسات.

وبالفعل، لو جرى الخلاف الموصوف اعلاه كمسألة موضوعية للاخلاقيات الرسمية لكان ممكنا ان يكون مشوقا جدا. ولكن عندما ينشأ هذا الخلاف الموهوم في سياق الجندي جلعاد شليت بين اثنين من المسؤولين الثلاثة الكبار الذين يتخذون القرارات في اسرائيل – فان في ذلك موضوعا مغيظا ومثيرا للحفيظة.

واضح للجميع أن دولة اسرائيل عديمة الوسيلة حيال دول في نطاقها يحتجز اسرائيلي. مثل مساعد الطيار الذي ضاع في الرحاب الذي لا نهاية له لايران او الجنود الذين اسروا – او اختفوا – في ارجاء سوريا أو لبنان. كيف يمكن انقاذهم؟ كيف يمكن العمل ضد تلك الدول؟ شن الحرب؟ جواب قاطع غير موجود، وعندها، عندما تكون اسرائيل مطالبة بان تدفع ثمنا "باهظا" لقاء الاسير او لقاء معلومات بشأن مصيره، تنشأ بكامل وحشيتها مسألة "بكل ثمن".

جلعاد شليت حي يرزق على مسافة كيلو مترات معدودة من قوات الجيش الاسرائيلي. وهو لم يختفِ في ارجاء دولة ما. هو موجود في قطاع غزة في نقطة برية مغلقة ومكتومة، يمكن لاسرائيل أن تعمل ضدها، في داخلها، وخارجها دون أي عراقيل تقريبا.

كان محظورا على الحكومة أن توافق على دخول اتفاق التهدئة في غزة الى حيز التنفيذ دون أن يتفق في ذات الموقف على صفقة لتحرير شليت. احد الشروط المركزية التي كان يتوجب على الحكومة أن تعرضها لوقف النشاط العسكري، الاحباطات المركزة، والاجتياحات البرية، ورفع الاغلاق والحصار الاقتصادي، هو فتح وانهاء مفاوضات سريعة لاعادة الجندي. وبتعبير آخر: فليجلس المفاوضون ليل نهار، لاجمال قائمة السجناء المحررين، وما أن يعاد هؤلاء ويعود الجندي الى بيته عندها – وفقط عندها – تتوقف النار، يرفع الحصار وتفتح المعابر. ليس قبل دقيقة من ذلك.

لو هكذا تصرفت الحكومة لكانت حماس قصرت قدر الامكان المفاوضات ولكانت على أي حال لطفت قائمة القتلة الوقحة التي رفعتها كي تنقذ نفسها في اقرب وقت ممكن من ضربة اسرائيل. ولتذكيرنا، فان حماس ركضت لتولول لدى المصريين مستجدية التهدئة إذ ارادت جدا وقف النار. ضحاياها واصلوا الازدياد، والنقص الاقتصادي تفاقم وظهرت في غزة البوادر الاولى للاضطراب السياسي المهدد.

لو هكذا تصرفت الحكومة، لما طرحت مسألة "الثمن" هناك، او هنا. وما كانت اسرائيل لتتردد فيما اذا كان "ثمن" تحرير شليت اعلى مما ينبغي. الغزيون كان يتعين عليهم أن يسددوا الفاتورة الباهظة لمواصلة احتجازه.

غير أنه لشدة الاسف والعجب وافقت حكومة اسرائيل – بما في ذلك وزيرا الخارجية والدفاع – على التهدئة دون الشرط المذكور. وموضوع شليت "سوي" بوعد ما مشكوك فيه، في أنه بعد التهدئة المنشودة (من حماس) ستوافق على اللقاء في مصر لغرض استمرار المفاوضات على مصير الجندي.

مرت منذئذ نحو ستة اشهر، فلا لقاءات، ولا مفاوضات، وقائمة السجناء المطلوبين تطول والدم على الايدي يستشري. ولما كان هكذا تطورت الامور، فان اصحاب القرار ينشغلون في البحث بشأن "ثمن" تحرير جندي أسير.

في نفس الوقت، حماس تطلق مسرحية "ترفيه" حيوانية لمحاكاة الجندي الذي يتمنى تحرره. وبينما يهتف الرعاع الغزي، يواصل الوزراء الجدال، وتسارع الحكومة الى الاعلان عن رغبتها في استئناف التهدئة – دون أي شرط يتعلق بتحرير جلعاد شليت.