خبر مطلوب سياسي جائع.. هآرتس

الساعة 10:31 ص|17 ديسمبر 2008

بقلم: الوف بن

المهمة الجماهيرية الحيوية تحتاج لسياسي طموح متعطش وجائع للتقدم يحلم بان يصبح رئيسا للوزراء ومستعدا للمخاطرة بمسيرته المهنية وحتى حياته. المهمة هي كفاح ضد الجريمة المنظمة والانتخابات توفر فرصة للسياسي الذي يستلم حقيبة الامن الداخلي في الحكومة القادمة كخشبة قفز نحو القيادة.

أفي دختر الذي كان رئيسا كاريزماتيا وقويا للشاباك لم يبدي في مكافحته للجريمة نفس القدرة القيادية التي اظهرها في مواجهة العمليات الانتحارية الفلسطينية في الانتفاضة السياسية، فترة توليه لحقيبة الامن الداخلي ستبقى في الذاكرة بسبب التعيينات والاقالات الاشكالية في قيادة الشرطة وليس بفضل صموده في وجه المنظمات الاجرامية.

دختر يعشق الاحصائيات والارقام، فهذه الاحصائيات تصب في مصلحته:- في عهده سجل انخفاض في عدد حالات القتل في اسرائيل من (182) في 2006 الى (125) في السنة الماضية و (109) منذ بداية السنة الحالية حتى اخر تشرين الثاني (القتل هو المخالفة البارزة اما في حالات الاعتداء الاخرى كالاغتصاب فلا تصل كل الشكاوي للشرطة. لذلك تعتبر المعطيات حول القتل اكثر مصداقية للتعبير عن حالة الجريمة في البلاد.

مشكلة الشرطة هي ان شعور الجمهور لا يتأثر بالاحصائيات وانما من الاحداث الدراماتيكية المغطاة اعلاميا، كل المعطيات تتقزم ازاء قتل ام امام اطفالها وزوجها على شاطيء البحر، وكل البيانات المطمئنة للصحافة لا تساوي شيئا عندما تصاب المارة من تسوية الحسابات بين المجرمين. معطيات الشرطة حول احباط ست محاولات تصفية كهذه في العامين الاخيرين لا تطمئن احدا. الجريمة العنيفة في نيويورك اكثر خطورة منها في اسرائيل ولكن الاستطلاعات تشير الى ان الجمهور هناك يثق بالشرطة اما هنا فلا.

في اسرائيل (2008) يعتبر الجناة والمجرمون ابطال الثقافة السائدة وليس الشرطة، اين الايام التي قدم فيها بتسلال مرزاحي دعوى تشهير ضد صحيفة هآرتس وكسبها اثر نشر اسمه ضمن قائمة رؤساء المنظمات الاجرامية الاحد عشرة.

لو كان ذلك الخبر قد جرى اليوم لوظف شخص مثل مزراحي مسؤولا عن الدعاية حتى تضمن ظهور اسمه في القائمة.

وسائل الاعلام تنقل الاخبار عن الزحزحة في قيادة الشرطة وكأن الامر يتعلق بترقية المدراء في الوسط التجاري، قادة الجريمة هم نجوم جذابون في مجلات وزوايا النمائم، مثل عارضات الازياء والسياسيين ورجال الاعمال. جنازة يعقوب البيرون حظيت بتغطية تلفزيونية مخصصة للاحداث الرسمية الوطنية بما في ذلك التقارير حول رؤساء الاجرام الذين شاركوا فيها وكأنهم قادة الدولة.

التغير الثقافي ملموس ايضا على مستوى فقدان الخجل والوقاحة التي يتصف بها المجرمون الذين كانوا يضعون بعضهم بعضا في السابق في الغرف المظلمة ويدفنون الجيش في الرمال، اليوم تتم تسوية الحساب في الشارع الرئيسي للمدينة وتدور رحى حرب العصابات في باحات الفنادق.

لاحاجة للتمعن في ملفات الشرطة ولا حتى في اخبار وزوايا الجنايات من اجل الادراك ان المشكلة الاكثر جسامة التي تتسبب فيها المنظمات الاجرامية هنا هي "الخاوات" وشراء الذمم- تحت تغطية الشراكة التجارية. يكفي الاصغاء العابر للمحادثات الجارية اثناء الوقوف في الطابور او في اللقاءات الاجتماعية للادراك ان اصحاب الحرف الصغيرة يضطرون للدفع للجناة المجرمين عن المنطقة الصناعية التي تعمل فيها شريحة "حراسة"، لا توظف اي حارس ولكن من لا يدفع لها يتعرض للسرقة والاقتحام، في تلك المحادثات يمكنك ان تسمع عن صراع شريحة كبيرة ضد المجرمين الذين اقتحموا ساحة فارغة تعود لها واقاموا عليها موقفا للسيارات او عن مواطنين سقطوا ضحية للتهديدات وتوجهوا لمجرم اكبر حتى يبعد عنهم اعتداء المجرم الاصغر منه بدلا من التوجه للشرطة.

الشرطة تعتبر في نظر الجمهور عاجزة في مواجهة هذه الظواهر وحتى انجازات السنوات الاخيرة مثل تسليم زئيف روزشتاين للولايات المتحدة وتسليم اسحق ومئير ابرجيل تبدو- عن حق او عن غير حق- حقنة عظام من الشرطة الامريكية لاصدقائها الفاشلين في اسرائيل. الامريكيون لشدة الاسف لا يهتمون باحباط الجريمة في تل ابيب وانما بمنع عمليات تهريب المخدرات الى ميامي وكاليفورنيا.  

اثر اغتيال البيرون، عقد رئيس الوزراء مداولة خاصة حول مكافحة الجريمة، والشرطة بدورها طلبت اضافة على ميزانيتها، حتى تشتري الوسائل التنكنولوجيا، التي تمكنها من الحصول على المعلومات، ومتابعة الجناة وطمأنة الجمهور المصاب بالفزع. هذا الامر يحتاج الى قيادة وهي غير موجودة اليوم. ليس بامكان ايهود اولمرت ان يقود مكافحة الجريمة خلال فترة الاستراحة بين تحقيق واخر، وديختر لم يتمكن من الصعود والارتقاء في دوره.

مكافحة الجريمة تنتظر احدا يرغب في امتطاء صهوة القانون والنظام وصولا الى ديوان رئاسة الوزراء، مستغلا الطاقة الكامنة في وزارة الامن الداخلي حتى يقود ويبرز في وسائل الاعلام. الشرطة تنتظر ايهود باراك، وسلفان شالون ومئير شتريت ودان مريدور او شاؤل مفاز. هذه فرصتهم لاعادة بناء صورتهم- تماما مثلما اعاد بنيامين نتنياهو بناء صورته المسحوقة عبر وزارة المالية ، التي اعتبرت ذات مرة مقبرة لطموحات السياسيين.