خبر غابة سياسية لذر الرماد في العيون.. هآرتس

الساعة 11:42 ص|16 ديسمبر 2008

بقلم: نحميا شترسلر

فور نهوض السياسي الاسرائيلي في الصباح تبدأ عملية اللهاة وراء توزيع الامتيازات.

في احد الايام تجده يوزع الامتيازات في الميزانية، وفي يوم اخر يعد الناس بتخفيض الضرائب، وفي اليوم التالي يخوض النقاش حول "شبكة الامان" الافضل والاكثر سخاء مع الجمهور العريض- حتى يحظى بمحبة الناخبين.

يوم الاحد من هذا الاسبوع خرج وزراء الحكومة في سباقهم اليومي. العشرون وزيرا كلهم قرروا منح "شبكة امان" لاموال التقاعد التي تخص الجمهور. من يسأل اي منهم من الذي سيدفع فاتورة الحساب. هذه المسألة لا تهمهم، وهم يريدون فقط ان يظهروا بصورة جيدة في نظر الجمهور. والا فانهم لن يحافظوا على بقائهم في الادغال السياسية التي تتفشى فيها عملية ذر الرماد في العيون ونثر الوعود الوهمية على حساب الاجيال القادمة.

كان هناك صديق واحد. روني بار اون ، وزير المالية، الذي صوت ضد تطبيق الخطة التي قدمها بنفسه للحكومة رغما عن انفه. بار اون ادعى ان الوقت لم يحن بعد. الجمهور كسب في صناديق التقاعد والادخار الكثير خلال السنوات العشر الاخيرة- وحتى بعد الخسائر التي لحقت به في هذا العام، ليست هناك حالة هستيرية في اوساط الناس وان سحب المدخرات ومخصصات التقاعد بلغ 150 مليون شيكل في اليوم- وهو مبلغ اعلى بقليل فقط من معدل السحب العادي الذي كان سائدا حتى اب: 100 مليون شيكل في اليوم.

بار اون قال ان شبكة الامان رجعية وليست محقة وعادلة من الناحية الاجتماعية. هذه الشبكة حسب رأيه مقدار هائل، 17 مليار شيكل (؟) لن توجه نحو التربية والتعليم والصحة- ولكن كل هذه الامور لن تسعفه شيئا. الوزراء في حالة سباق وتنافس، والجمهور يريد "الهدايا والان".

في الماضي، في السنوات الطبيعية، لم يكن مثل هذا القرار ليمر في الحكومة رغم انف ومن دون رضا وزير المالية. ولكن رئيس الوزراء وجه لوزير ماليته في هذه المرة خازوقا علنيا. هو تعامل معه في جلسة الحكومة بصورة مهينة وتعامل معه بتعال. التوتر بين الاثنين واضح وملموس.

ايهود اولمرت بكل بساطة لا يحسب حساب احد. هو فقد كل كوابحه، وهو يرغب بترك ارض محروقة من وراءه. اولمرت ايد فجأة خطة جديدة طرحها وزير الطاقة، لتحويل النقب الى منطقة اولوية وطنية في مجال "الطاقات المتجددة"، هذا الى جانب "شبكة الامان" المذكورة. هذه الخطة المتعلقة بالنقب تتجاوز الميزانية وتبلغ تكلفتها مليارات الشواكل. بار اون عارضها الا ان اولمرت استخف به وقال له "انا الذي اقرر وليس انت".

في المجال السياسي يرى، اولمرت بان يتذكره الناس، كما طرح خطة السلام التي تتضمن اكبر تنازلات، وليس كمن ادخل الدولة في حرب لبنان الثانية. اما في المجال الاقتصادي والاجتماعي فسيبقي في ذاكرة الجمهور صورة رئيس الوزراء الافضل، والاكثر توزيعا للمال الذي لا يملكه. اولمرت لا يرغب بان يتذكروه كمضطر للتخلي عن مقعده على خلفية الشبهات بارتكاب اعمال الفساد.

لو كان هناك تعاون سليم بين رئيس الوزراء ورئيس المالية لكان عليهما ان يتوجها لعوفر عيني، ايهود باراك وبنيامين نتنياهو وان يقولا لهم : انتم تطالبون بشبكة امان لحماية اموال التقاعد الشعبية، الا ان ذلك يكلفنا المليارات. لذلك علينا الاقدام على تقليصات واسعة النطاق لان الميزانية تفتقد للانسجام والتناغم: ان رفعنا في جانب يتوجب علينا ان نخفض في الجانب الاخر.

لذلك عليكم ان توافقوا على الاقالات وزيادة النجاعة في القطاع الشعبي وتجميد الاجور وتنفيذ سلسلة طويلة من الاصلاحات في انتاج الكهرباء وفي سلطة الموانىء وادارة الاراضي الاسرائيلية- حتى يتلقى الاقتصاد عدة جرعات تحفيزية لدفع النمو والتشغيل للامام. كما يتوجب عليكم الموافقة على تمرير ميزانية 2009 في الكنيست والا- لن يكون بامكان الحكومة ان تؤدي دورها في الثلث الاول من عام 2009 ، الامر الذي سيؤدي الى تعميق الركود والحاق ضرر جديد باموال التقاعد.

مثل هذه الخطوة ضرورية، ان اردنا انقاذ الاقتصاد من الركود العميق. ولكنها غير ممكنة ايضا في الواقع السياسي القائم. هذا الواقع الذي يمسك كل سياسي بخناق زميله ويركض من الصباح حتى المساء في سباق نثر الوعود الجنوني.