خبر اليهود ايضا هم بنو بشر.. اسرائيل اليوم

الساعة 11:37 ص|16 ديسمبر 2008

بقلم: غونين غينات

وضعت اليهودية طريقها القضائي بكلمات "لا تعرفوا الوجوه في القضاء". بمعنى انكم عندما تحققون العدل فانكم لا تنظرون الى وجه من يقف امام القانون. مثال على ذلك رأيناه الاسبوع الماضي، عندما رفضت القاضية ملكا أفيف في محكمة الصلح في القدس طلب الشرطة اعتقال زئيف برودا، الذي لقب بـ "مطلق النار من الخليل". فقد رأت ما لم يكلف احد منا نفسه عناء الانتباه اليه على مدى اسبوع كامل: النار تجاه الفلسطينيين في الخليل جاء فقط بعد أن نفذ فتك بالرجل. كيف لم نلاحظ الامر؟ كثيرون منا اسرى جدا المفهوم الذي يعرض يهود الخليل في ضوء سلبي لدرجة اننا نتجاهل الحقائق.

وبالتوازي حل الاسبوع الماضي يوم حقوق الانسان، والذي ترافق كما هو دارج بجملة من التقارير عن الوضع البائس في هذا المجال، ولكن التقرير الاكثر اثارة للاهتمام مر بصمت نسبي. فهو يحطم الاساطير الدارجة في هذا المجال. يتبين أنه عند تجاهل الشعارات وفحص وضع حقوق الانسان بشكل موضعي، فان الجمهور الاكثر ظلما في اسرائيل في هذا المجال هو المستوطنون. نعم، هذا يبدو للسامع كنقيض لما يثرثرون به لنا، ولكن فحص الحقائق، مثلما تم في تقرير "فرض القانون في يهودا والسامرة" من انتاج منظمة حقوق الانسان في يهودا والسامرة، لا يدع مجالا للشك.

في الـ 15 سنة الاخيرة تعمل أذرع القانون في يهودا والسامرة بتعليمات ملف يسمى "الاجراءات الخاصة". ويدور الحديث عن اجراءات بقيت ملفوفة بغطاء من السرية (عمليا، حتى اليوم لم يكشف النقاب عنها رسميا). وقد وجدت في البداية من أجل قمع المقاومة (الشرعية) لاتفاقات اوسلو. وضمن امور اخرى، تقضي هذه الاجراءات بان المستوطنين هم هدفا استخباريا للمخابرات، تقترح كيف يتم احباط المظاهرات وتوجه للعمل "بيد من حديد" ضد اليهود في يهودا والسامرة. معظم ملفات التحقيق لليهود في يهودا والسامرة فتحت بهدف منع المظاهرات. ويتضمن الملف تعليمات غريبة كثيرة، بينها توجيه الشرطة للمبادرة بفتح ملفات ضد مستوطنين حتى في ظل غياب مشتكي وفي اعقاب معلومات في وسائل الاعلام، والحظر على اغلاق الملفات. وفضلا عن ذلك: التعليمات بشأن رفع لوائح اتهام هي للتحقق "حتى عندما لا تكون هناك بنية تحتية قرائنية مستقرة" – مرة اخرى، خلافا للتعليمات بشأن باقي مواطني اسرائيل وعرب يهودا والسامرة. عندما يشتكى من المحاكم في اسرائيل لتبرئتها المرة تلو الاخرى ساحة يهود من يهودا والسامرة، السبب هو "الاجراءات الخاصة" التي تلزم برفع لائحة اتهام حتى دون أدلة.

في السنوات الاخيرة لم تصدر أوامر تقييد ادارية – والتي هي في واقع الامر اوامر نفي – لاحد من عرب يهودا والسامرة، وبالتأكيد ليس لعرب اسرائيل. الوحيدون الذين تصدر بحقهم اوامر كهذه هم يهود يهودا والسامرة. والامر يتم حسب تلك الاجراءات السرية. اوامر النفي تصدر ايضا عندما يدور الحديث عن شبهات فقط وايضا عندما تكون المخالفات طفيفة وعمومية ("اخلال بالنظام" او "المس بالاملاك"، دون ذكر احداث ملموسة).

لا يوجد مثيل في اسرائيل لهذه الانماط، ولا يوجد شيء مشابه لهذا في أي دولة ديمقراطية. وما لا يجعل الموضوع اقل اشكالية هو انه رسميا تعتبر هذه الاجراءات سرية حتى اليوم. عمليا، خلافا للشعارات وكأنه لا يوجد فرض للقانون في يهودا والسامرة، الواقع هو ان فرض القانون هناك اكثر تشددا بالقياس لما يجري داخل الخط الاخضر، بل واكثر بالنسبة للفلسطينيين.

وهاكم الحقائق: عدد الشرطة بالنسبة لحجم السكان هو الاعلى: في يهودا والسامرة يوجد شرطي واحد لكل 241 من السكان. في نتانيا مثلا، يوجد شرطي لكل 1.045 من السكان وفي ام الفحم – شرطي لكل 1.200 نسمة. هذا تخصيص غريب للقوى البشرية يفسر لماذا تزدهر الجريمة في اسرائيل. نسبة الملفات التي تفتح بمبادرة الشرطة بغياب مشتكي في اسرائيل تبلغ 14 في المائة بينما في لواء "شاي" تكاد تكون مضاعفة – 25 في المائة. معدل الكشف في ملفات التحقيق، والذي يعكس الاستثمار الشرطي، يبلغ 36 في المائة، في يهودا والسامرة – 73 في المائة وبين اجمالي الملفات في اسرائيل، 14 في المائة تصل الى لوائح اتهام، مقابل 38 في المائة في لواء "شاي". وبينما في اسرائيل تنتهي بـ 97 في المائة من الملفات بالادانة، لدى يهودا والسامرة، يحصل هذا فقط في 54 في المائة من الملفات.

لا يوجد في كل العالم الديمقراطي سابقة لرفع لوائح اتهام "عبثا"، حسب الاجراءات الخاصة المفروضة على سكان معينين فقط؛ لا يوجد في كل العالم الديمقراطي اجراءات قضائية تبقى قيد السرية. هذا خرق لحقوق الانسان هو الافظع في اسرائيل ويجب وقفه فورا. وكبداية، يجب الكشف عن هذه الاجراءات السرية امام عين الشمس. لقد بتنا كبارا، ومسموح لنا ان نعرف.