خبر مرايا ..يا وجع قلبي.. بقلم/عبد الله الشاعر

الساعة 10:42 ص|14 سبتمبر 2017

فلسطين اليوم

كلٌّ يُغنّي على ليلاه، وأنا على ليل أمتي أُغنّي، فليلُ الأمّة لا يقبل القسمة بين الأغنيات، حتى بعد عقودٍ من الأناشيد الوطنيّة المتعددة، ما زال نشيد الأمّة من وجعٍ مكرورٍ متشابه، لا تثلمه خفّة الفرنسية على رأس لسان المغرب العربيّ الذي قام رافضاً لاستقبال المغنيّة الصهيونيّة في مهرجان طنجة، ولا يتوارى مجاز الكلمة فيه بين الفِرق التي تنهش ليبيا، ولا تذهب بقسوته اللهجة اللبنانية التي تُهدهد الجرح في سوريا، وتشتبك في حديث الحرب مع العدو الصهيونيّ.

جرحٌ غائرٌ، لا تُؤتيه مووايل العراق الجريح حقّه في الآه، وقد تكالبت على النهرين الأمم، ولا ينشز تفعيلته أنّةُ الحَضَريّ، وصرخةُ البدويّ في اليمن المطعون في مظلوميته، والمذبوح من عروبته، ولا تكسر قافيتها دعوة الدعاة إلى توحيد الأمّة في نجد، وإِن قيّدت دعوتها السلاسل، جرحٌ دامٍ لا يكفيه ذهب السودان الممزّق بين شمالٍ وجنوب، ولا ترتق جراحه أجمل عذراء في مصر إن أُلقيت في النيل.

لقد فاض الأسى، ولم يعد النيل قادراً على رَتْق جيوب الفقر المدقع في مصر المتضوّرة جوعاً، في سنواتها الأربعين العجاف. ليلٌ تطاول حتى لم تعد أنوار الدوحة التي كانت تبارز نجوم السماء قادرةً على منح المحاصرين بصيصاً من ضياء.

ليلٌ يلفُّ الأمّة الممزّقة، حتى صار البسطاء لا يجدون فتيلاً ينير الطريق غير أجسادهم، يحرقونها كلّما بلغ بهم العذاب مبلغاً لا يقدرون عليه صبراً، والسيّد العبريّ يتمايل نشوةً في القدس، وقد استحوذ على أرض الميعاد، وبوابة الكوكب إلى السماء السابعة، يتقبّل الهدايا من ملوك النفط في مكة، ويرسم بأظافره القذرة ممراتٍ للدم العربيّ الذي سيعتصره عبيده من عروق الفقراء، ضرائباً وقهراً، ليكون المصبّ في جيبه، يُقشّر جلد الأمة ليستر قبحه، ويلبس ثوب الشريك الاقتصاديّ والسياسيّ، في حرب المسلم على المسلم، التي نخوضها على ظمأٍ وخوفٍ، والسيد العبريّ يشرب من واحة الأمن والاستقرار.

كوليرا في اليمن، وحربٌ يصارع فيها الأطفالُ الصواريخَ الهابطةَ عليهم من سماء نجد، واعتقالات في السعودية، وإعدامات وتهجير للمغتربين، ومكائد في لعبة الكراسي المرصعة بالذهب المسروق من عرق الشعوب، ودعوات الحجيج، وحصار في الخليج، وانقسام بين نقاط من اليابسة على ظهر الخريطة، ودماء مستباحة في العراق، ومعارك لرتق الممزّق في سوريا، ومهاترات بائسة في مؤتمر قمة لوزراء الإعلام العرب حول قناة الرأي والرأي الآخر، وليل الأمّة الذي يخنقنا يا سادة العهر العربي له رأي آخر! دمنا له رأيٌ آخر، خوف الأطفال له رأيٌ آخر، وأنين القدس المستباحة له رأيٌ آخر، وصحنُ الفقير الفارغ من أوّل النهار إلى أوّل النهار له رأيٌ آخر.

 إنّ الليل له رأيٌ آخر، له رأيٌ في سبات ضمائر الجالسين على الكراسي المتحركة عن بُعد، وله رأيٌ بعويل المظلومين، ليلنا له رأيٌ آخر بمعنى الوطن، وله رأيٌ آخر بمفهوم الكرامة، وله رأيٌ آخر بمصادر القلق، ومسبّبات الذعر الوطني، ليلنا له رأيٌ آخر بمعالم الصباح، لنا رأيٌ آخر، ولنا صباحٌ آخر، فشمسنا لا تشرق إلا من القدس، وعذاباتنا لا تجري إلا لتصبّ في بحر مقدّس واحد، بحر سيغرق دولة الكيان المسخ، و مووايلنا لا تغني إلا آهاً واحدة، آه الفرقة والهوان، ولنا غدٌ واحد، غدٌ نقتلع به رمح الغدر الصهيوني من ظهر الأمّة، ليفيض النيل، وتخضرّ حضرموت، ويثمر النخيل في بغداد، ويزهر الياسمين في دمشق، وتلبس الدار البيضاء بياضها، ويلفظُ البحرُ كلَّ من ابتعلهم، حين كانوا يفرّون من الليل، لتجفَّ أرواحهم في نور الحريّة .

كلمات دلالية