خبر تركيا تبتعد عن الغرب- اسرائيل اليوم

الساعة 09:28 ص|14 سبتمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: الداد باك

وقعت يوم الثلاثاء من هذا الاسبوع هزة أرضية سياسية قوية للغاية، على مستوى عالمي، لا يزال من الصعب قياس آثارها. فلاول مرة منذ ان اقيم الحلف العسكري لشمال الاطلسي، الناتو، قبل نحو سبعين سنة بهدف التصدي للتحدي العسكري المحدق من الاتحاد السوفياتي وحلفائه، أعلن عضو في هذا الحلف عن نيته شراء متطور من روسيا. فقد أكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان رسميا بانه وقعت صفقة بين بلاده وموسكو على شراء منظومات دفاع ارض – جو تتضمن توريد الصواريخ الروسية الحديثة من طراز اس 400.

  حتى الان كانت تركيا متعلقة بمنظومات صواريخ دول اخرى، اعضاء الناتو. ومع وصول منظومات الدفاع الروسية ودخولها الى حيز الاستخدام سيقع امران: أولا، تركيا ستحقق قدرة دفاع مستقلة لم يكن لها مثيل حتى الان. ثانيا، ستضطر دول الناتو الى تقليص التعاون العسكري مع تركيا، خشية تسرب معلومات امنية حيوية الى اياد روسية.

  بعد أن أبعد اردوغان بلاده عن اوروبا، يعمل الان على ابعاد تركيا عن الناتو وعن الغرب في اطار مساعيه لجعل تركيا قوة عظمى اقليمية عالمية مستقلة، غير متعلقة باي حلف. وقد علل اردوغان صفقة السلاح مع روسيا بقوله: « لا يحق لاحد ان يبحث في مباديء الاستقلال لتركيا او قراراتها بالنسبة لصناعة الدفاع عنها. نحن ملزمون باتخاذ خطوات امنية للدفاع عن بلادنا ».

          هذا القرار الدراماتيكي أدى، كما كان متوقعا، الى توتر شديد في واشنطن وفي بروكسل – مقر قيادة الناتو. واوضحت مصادر رفيعة المستوى في الناتو بدبلوماسية شديدة بانه مع ان الحلف لا يمنع اعضائه من شراء اسلحة من دول ليست اعضاء فيه، ولكنه لا يوصي بشراء اسلحة لا تتطابق والاسلحة التي لدى باقي اعضاء الحلف. كما أنهم في الناتو غير راضين عن ان تركيا لم تكلف نفسها عناء اطلاع شركائها في برامج مشترياتها.

          في نظرة الى الوراء، لا تخفي أنقرة نيتها لتحقيق قدرة دفاع ارض – جو مستقلة عن الناتو. فصفقة الشراء مع الصين افشلت قبل أربع سنوات في اعقاب ضغوط امريكية. اما هذه المرة فلم تسمح تركيا باحباط الصفقة. فضلا عن ذلك، فقد تغيرت الظروف الدولية بشكل كبير: اردوغان يدعي بان الغرب وقف خلف محاولة الانقلاب العسكري ضده العام الماضي، وان لم يكن لديه أدلة على ذلك. وهو يستغل هذا الزعم كي يبرر ابتعاده المخطط له على اي حال عن الغرب وبالتوازي يقيم في تركيا « دكتاتورية »، تذكر بنظام بوتين.

          من الصعب التصديق بانه بعد سنتين فقط من اسقاط طائرات سلاح الجو التركي طائرة قتالية روسية قرب الحدود التركية السورية وتدهور العلاقات بين الدولتين الى حافة المواجهة، نجح اردوغان في استكمال مصالحة على هذا القدر من الاستعراضية مع موسكو على حساب الحلف التاريخي لبلاده مع الغرب. وسبق نشر البيان عن صفقة السلاح عدة خطوات غربية منحت اردوغان ظاهرا الختم لتشريع خطوته: في الولايات المتحدة فتحت اجراءات قضائية ضد حراس الرئيس التركي، ممن هاجموا بعنف متظاهرين من معارضيه في اثناء زيارته الى واشنطن في الربيع الماضي وضد مسؤولين اتراك بينهم وزير الاقتصاد السابق المتهم بمساعدة ايران على تجاوز العقوبات الدولية. كما ان مجلس الشيوخ الامريكي منع بيع السلاح لحراس اردوغان. وفي برلين اعلنت الحكومة الالمانية عن ارجاء كل صفقات السلاح مع تركيا في اعقاب تفاقم وضع حقوق الانسان في هذه الدولة. وسبق ذلك قرار ألماني لاخراج قوات « بوندسفار »، التي تشارك في القتال ضد داعش في سوريا، من قواعد في جنوب تركيا الى الاردن. كما تعمل المانيا من خلف الكواليس لمنع انعقاد قمة الناتو القادمة في 2018 في تركيا. فهل التقارب بين أنقرة وموسكو سيؤثر على الخلافات الجوهرية بين الدولتين في كل ما يتعلق بالحرب في سوريا والوضع في العراق؟ بوتين وقف حتى الان بعناد شديد الى جانب الاسد. تركيا دعمت على الملأ قوات الثوار. روسيا تؤيد الاستفتاء الشعبي للاستقلال للاقليم الكردي في شمال العراق. تركيا تعارض ذلك بشدة. ولكن للطرفين توجد الان حسابات أهم يصفيانها مع الغرب.

كلمات دلالية