خبر حلّوا التشريعي مع اللجنة الإدارية.. بقلم / محمد أحمد بكر

الساعة 03:38 م|12 سبتمبر 2017

بقلم

« العدل أساس الملك » قاعدة أصيلة يرتكز عليها عمل مؤسسات الدولة، يتبعها قاعدة أخرى تقول « الجزاء من جنس العمل » تشد من أزر القاعدة الأولى انطلاقا من مبدأ مؤداه لكي تملك عليك أن تعمل لما يوصلك لهذه المكانة حتى يتحقق شرط العدل، وهذا العمل والجزاء يجب أن يكونا منسجمين، بمعنى لا يعقل أن تعمل حكواتي وتحصل على جزاء صانع ماهر.

اذا ما طبقنا شرطي تلك القاعدتين الأصيلتين على الكثير من مؤسسات وشخصيات سيادية تتربع على عرش الدولة الفلسطينية، أعتقد أن جهاز العدالة ستتحول اضاءته فجأة للون الأحمر وينطلق منه صوت انذار عالي مزعج، يقول لنا: ما هذا العبث ؟ وما أصبركم عليه ؟!

ولنأخذ مثالاً على ذلك، مؤسسة المجلس التشريعي الفلسطيني التي يفترض أن يكون أساسه العدل وأعضائه وكلاء للشعب وأمناء على حقوقه ومقدراته .!!

المجلس التشريعي الفلسطيني وجد أساساً ليكون فاعلاً مهمته كبرلمان لسن القوانيين التي تنظم عمل مؤسسات الدولة ومواردها، إضافة لمهمة سياسية تتعلق ببحث الوضع السياسي بصورة عامة ودعم جهود السلطة التنفيذية في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وأخرى رقابية، وعليه حدد القانون الأساسي الفلسطيني هذه المهام بدقة، ومدة فاعليتها، والمقابل المالي لهذه المهمة، وحدد في مادته (54) حظر استغلال هذه العضوية واقرار بالذمة المالية لأعضائه وزوجاتهم وأبنائهم.

لا نختلف في ذلك، بل مطلوب منا أن نحافظ على هذا الركن الأصيل من مقدرات الشعب الفلسطيني وأسس دولته.. لكن لنجيب بشفافية على هذا التساؤل .. هل استوفى المجلس التشريعي الحالي مسوغات وجوده ؟ وهل نعلم التفاصيل الإدارية والمالية التي يعمل من خلالها هذا المجلس اليوم ؟ وهل سيبقى قائماً للأبد بعد أن تجاوز مدة صلاحية وجوده سبع سنوات اضافية ؟!! والسؤال الأهم: هل باتت مهام أعضائه– إن مازال ينطبق عليهم صفة العضوية – قائمة في كل القضايا أم انتقائية ؟

للأسف .. هذا المجلس معطل منذ العام 2006 أي منذ اليوم الأول لعمله، وأكثر بات ركناً أصيلاً من أركان الانقسام الفلسطيني ومدخلاً لتجسيد شرعيات واهية يُخرجها أعضائه وكتلهم من جعبتهم حينما يحتاجونها، وغالباً تكون لصالح أحزابهم أو ذواتهم لا لصالح المواطن وقضاياه، فحماس تقدم كتلتها البرلمانية في كل مرة على أنها حق شرعي وأبدي لها لتجسد غايتها في الانقسام والتفرد والمحافظة على نفوذها وحكمها، ومرة يلوح محمد دحلان بأعضاء هذا البرلمان الموالين له لتكوين تكتلات وتجسيد حسابات ضمن حلبة الصراع والنفوذ والخصوم، وآخرى يتذكر هذا العضو من فتح أو من الشعبية أو غيرها أنه نائب في البرلمان فيمشي متبختراً ليمارس صلاحيته وقد كان تركها في قضايا مصيرية للوطن والمواطن ولم يسمع صوته حينها، وقد يكون صوته هذه المرة ليس لاستدراك خير وجهد تركه لسنوات بل لحاجة في نفس يعقوب !!

على الصعيد المالي بات هذا المجلس وأعضائه البالغ عددهم 132 عضواً يستنفذ الكثير من ميزانية وأموال الشعب الفلسطيني لغايات تعود على أصحابه بالرفاهية لا أكثر، فحسب تقرير رسمي وأرقام صادرة عن وزارة المالية بخصوص الميزانية الفلسطينية، فقد بلغت نفقات المجلس التشريعي المعطل ما بيني عامي 2009 – 2016 ما يزيد عن ( 100 مليون دولار أمريكي )، وأنفق أعضاء هذا المجلس خلال شهرين فقط، يناير وفبراير من العالي الجاري 2017 قرابة (6.2 مليون شيكل ) نصفها رواتب وأجور والآخر نثريات ونفقات، هذه أرقام ليست قليلة ولا معقولة حينما تعلم أن نفقات مجلس الوزراء المفعل لم تتجاوز (4.2 مليون شيكل) في الشهرين ذاتهما !!

فعلاً هل تناسب هذا النفقات والرفاهية ظروف وأوضاع الشعب الفلسطيني، هل علم هذا النائب أو ذاك أن نسبة البطالة في غزة وصلت 44% وأن قرابة 250 ألف رب أسرة عاطل عن العمل، أعتقد أن راتبك الأساسي الذي يتخطى (10000 شيكل شهريا) يكفي لسد احتياجات عشر أسر وأكثر، هل فكرت يوماً بأحوال هؤلاء الناس وأنت يُفترض الأمين المؤتمن عليهم ! بل سيدي النائب، أنت وكتلتك من أوصل المواطن لهذه القاع، باصرارك على الانقسام لتبقى في منصبك، بل تحارب من أراد أن يعمل ويغير !!

قد يسألني سأل ما الذي دعاك لتكتب هذه السطور اليوم، وهذا العبث تجاوز السنوات ؟؟

قرأت في اليومين الماضيين أن حراكاً يدور حول عمل السلطة القضائية، وهناك مناقشات لتعديل قانون هذه السلطة، صراحة فاجأني كيف استل المتنفذون في هذه السلطة القضائية ومنهم بعض النواب سيوفهم وبدأوا ضرباً شمالأ ويميناً أن لا تقربوا هذا القانون ولا تفكروا في تعديله، وتذكروا أنهم نواب ولديهم صلاحيات لأن تعديل هذه القانون يمس نفوذهم ورفاهيتهم !!

فمن باب أولى أن تستل سيوفكم لضمان سرير لكل مريض، ومقعد جيد لكل طالب، وفرصة عمل لكل خريج، وأن تستجوبوا الحكومة، وتطالبوا ايضاح من الرئيس، وتجبروا الأحزاب بميثاق، كل ذلك من أجل من أعطاكم صوته واستأمنكم على نفسه وحقوقه، حينها سينصركم الجميع ويؤيدكم، لا من أجل أنفسكم ومصالحكم !.. اعتقد أمام هذا العبث من الأولويات المطالبة بحل المجلس التشريعي كما يُطلب حل اللجنة الإدارية لحماس، فوجودهما بات مدخلاً للانقسام والصراع وأعباء على المواطن.

على الهامش: لفت انتباهي مقال لأحد الكتاب يدور في فلك هذا الصراع الدائر قال فيه: إن من يقاوم بالقلم والعلم ليس مقاوماً، بل قال إن الثورة الفلسطينية اُختصرت بمن جاءوا من الخارج فقط دون الداخل !! .. أدعوك يارجل لتصمت فقولك هذا فتنة بين الثوار، وقلمك عبث أكثر من عبث هؤلاء النواب!!

كلمات دلالية