خبر استهداف بوش بالحذاء يثير أصداء ارتدادية في مصر

الساعة 08:59 ص|16 ديسمبر 2008

فلسطين اليوم - وكالات

حظي استهداف الرئيس الأمريكي جورج بوش بحذاء الصحفي العراقي منتظر الزيدي، على اهتمام أغلب المجموعات الإلكترونية التي التي أنشأها الشباب المصري على موقع "فيس بوك"، حول هذه الواقعة الطريفة، حتي بلغت في غضون ساعات سبع مجموعات حتى الآن، بخلاف المجموعات الفرعية .

 

ومن أبرز هذه المجموعات الإلكترونية "الحملة الشعبية لإعادة الجزمة اللي اضّرب بيها بوش"، "معاً كلنا ندافع عن ونؤيد الصحفي اللي رمي الجزمة علي بوش"، "جروب للإفراج على منتصر .. اللي حدف الجزمة على بوش"، "أطلقوا منتظر الزيدي"، "مطلب شعبي .. الجزمة الشهيرة يجب وضعها في متحف خاص أو في مزاد عالمي"، "أمريكا على الجزمة"، "الجزمة ليها استخدامات أخرى غير اللبس ف الرجلين"، "أثبتت الدراسات الحديثة عملياً أنّ الأحذية أحسن من الرجالة".

 

وقد طالبت مجموعة "مطلب شعبي .. الجزمة الشهيرة يجب وضعها في متحف خاص أو في مزاد عالمي"، بتدشين متحف عالمي توضع فيه الجزمة التي تم استهداف بوش بها. وقال أعضاء المجموعة إنه "في الوقت الذي نجد فيه متاحف عالمية للآثار والمعادن ومتاحف الشمع ومتاحف للأسماك ومتاحف زراعية، بالإضافة إلى متاحف مخلفات الحروب وغيرها، وفي الوقت الذي تُقام مزادات عالمية لأقلام ونظارات وأوراق بل قصاصات ورق وقطع قماش لمشاهير وشخصيات أقل شهرة على مستوى العالم؛ ألا يستحق أن يُوضَع الحذاء الذي ضُرب به رمز أكبر رئيس دولة في العالم، وضُرب بفردته الأخرى رمز وعلم أكبر دولة في العالم بيقولوا عنها إنها القوة العظمى، في مكان يليق به"!. وأضاف ناشطو المجموعة "ألا يستحق هذا الحذاء أن يتم وضعه في متحف عالمي عظيم، أو يُقام له مزاد عالمي كبير، لذلك الشيء رفيع المستوى المحبّب لقلبي".

 

وفيما يبدو رداً مباشراً علي هذا المطلب "المتحف الشعبي"؛ طالبت مجموعة أخرى هي "الحملة الشعبية لإعادة الجزمة اللي اضّرب بيها بوش"، بتحرك شعبي لإعادة الحذاء الذي تمت العملية به، وذلك "لإعادة المحاولة مرة أخرى وتيجي فيه تاني وتلبس في وشه"، على حد وصف أصحاب المجموعة.

 

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد. فقد أخذت رسائل ذات طابع فكاهي تنتشر على الهواتف النقالة لصحفيين عرب. ويدور أغلب تلك الرسائل حول مراسيم رئاسية ستحظر على الصحفيين حضور المؤتمرات الصحفية بالأحذية، خصوصاً بين الصحفيين الفلسطينيين. وجاء في إحدى الرسائل التي أرسلت عبر الهاتف النقال "الرئيس بوش يطلب من الرئيس عباس والصحافيين المرافقين له الحضور إلى البيت الأبيض يوم الجمعة بدون أحذية"، بينما أعلنت أخرى "اعتقال صحافي بعد ضبط كمية من الأحذية نمرة 44 كان يحاول تهريبها إلى رام الله".

 

وكان أكثر ما لفت المدوِّنون الأنظار له في تغطيتهم للحدث؛ هو تذكير الأمريكيين أنّ الضرب بالحذاء له رمزية خاص لدى العرب، يعني الإهانة والكراهية، وأنّ خلع الحذاء في مواجهة الغير أو الضرب به، هو علامة على عدم الاحترام أو للتهديد بالضرب به .

 

وقد انتشرت هذه "العادة" مؤخراً في الحياة السياسية المصرية، وأثارت أكثر من واقعة تداولتها الصحف عن رفع الحذاء أو التهديد به في ساحات سياسية ورياضية تساؤلات حول "التطوّر الطبيعي" المحتمل "لنظرية استعمال الحذاء مستقبلاً". واعتبر شبان مصريون أنّ استهداف بوش بالحذاء هو "التطوّر الطبيعي" لنظرية "عولمة الحذاء" بعدما كانت منتشرة في العالم العربي فقط.

 

وقد تسلل عدد من المصطلحات السوقية التي تتعارض مع الأخلاق الرفيعة، إلى قاموس جديد متداول في بعض ثنايا الحياة السياسية المصرية، سواء في البرلمان والمظاهرات أو ملاعب الكرة. وفسّر خبراء ذلك بوجود حالة احتقان عامة لا تجد متنفساً ديمقراطياً طبيعياً، بيد أنّ محاولة ضرب بوش بالحذاء لقيت صدى مختلفاً استحسنه الجميع.

 

وتعود بدايات "حوار الجزمة" في البرلمان إلى سنة 1987، عندما قام النائب المعارض الراحل طلعت رسلان، بصفع وزير الداخلية الأسبق الراحل زكي بدر، المثير للجدل، تحت قبة البرلمان على خده، بعدما اعتبره النائب إهانة من الوزير للمعارضة. وقيل إنّ الوزير حاول الردّ بضرب النائب بـ"الشلوت" (ضربة الحذاء)، ولكن الواقعة أصبح يُشار لها على أنها واقعة "حذاء" وانتهت بعزل النائب من البرلمان.

 

وفي صيف 2005، وفي ظل حالة الاحتقان بين الحزب الوطني الحاكم وقوى المعارضة غير الحزبية (حركات "كفاية" و"الإخوان")، عاد الحذاء بقوة في مظاهرات المعارضة، حيث رفعه بعض المتظاهرين أمام سلالم نقابة الصحفيين في وسط القاهرة، في مواجهة الحصار الأمني للنقابة.

 

كما تم رفع الحذاء أيضاً أنصار للحزب الوطني في منطقة شبرا شمال القاهرة، رداً على مظاهرة لحركة "كفاية" تحتج على ترشيح الرئيس حسني مبارك لفترة رئاسة خامسة في أيلول (سبتمبر) 2005، عندما نظم شباب موالون للحزب الحاكم مظاهرة رفعوا خلالها أحذيتهم في أيديهم، وأخذوا يلوحون بها هاتفين "حسني مبارك عمنا.. ده (الحذاء) اللي ليكم عندنا"، ونشرت صحف معارضة على نطاق واسع صور المظاهرة.

 

أما خلال تصاعد أزمة اعتصام القضاة الإصلاحيين في نيسان (إبريل) 2006؛ فقد اعتدى ضابط أمن وعدد من مساعديه على القاضي محمود حمزة. ونقلت المستشارة نهى الزيني، في مقابلة مع فضائية "دريم" المصرية، عن القاضي قوله إنّ "ضابط الأمن الذي اعتدى عليّ قصد أن يضع الجزمة عليّ لكي يوصل رسالة: أن القضاء تحت الجزمة"!.

 

واللافت للانتباه أنّ وقائع الأحذية أو رفع الحذاء أو استخدامه ليست دقيقة في أغلبها، لكنّ الصحف التي نشرت هذه الوقائع أسبغت عليها عناوين ساخنة، وأضفت عليها إثارة تحريرية، والحالة الوحيدة التي استُخدم فيها الحذاء فعلياً هي واقعة استهداف بوش به.