خبر منع الاحتلال إدخال غاز الطهي للقطاع يفاقم من معاناة الغزيين

الساعة 08:27 ص|16 ديسمبر 2008

فلسطين اليوم : غزة

اعتادت المواطنة عطاف محمد، من خان يونس، زيارة قبر والدتها في الأعياد، لكنها هذه المرة فوجئت عند دخولها المقبرة بأنها ضلت الطريق إلى قبر والدتها، بعد قطع شجرة الظل التي كانت علامة تميزه عن غيره، وبعد مدة من البحث تعرفت عليه من خلال الكتابة المدونة عليه.

وتلفت عطاف إلى أن الأشجار في المقابر طالتها أيدي المواطنين الذين قطعوها لإيقاد النيران لإعداد وجباتهم اليومية في ظل انقطاع غاز الطهي لشهرين متتاليين، موضحة أن انقطاع الغاز فاقم معاناة المواطنين وأصبح شغلهم الشاغل، خاصة في الشتاء الذي يحتاج إلى تدفئة ومشروبات ساخنة باستمرار، محذرة من مخاطر ذلك على صحتهم.

ولا يزال المواطنون يجتهدون في البحث عن أخشاب وقماش وكرتون لاستخدامها في إشعال النار، وذلك للتغلب على نفاد غاز الطهي بعد أن فرغت اسطواناتهم حين طال انتظارها لدى الموزعين في المحافظة.

أم كامل العقاد، من خان يونس، تعمل في إحدى المؤسسات وتلفت إلى أن أجندة عملها اليومية ارتبكت بفعل الأزمة وغدت حياتها موزعة بين إشعال النار واستعمال الأقراص الكهربائية، مشيرة إلى أنها تقوم في ساعات الليل مستغلة وجود الكهرباء التي تفصل 8 ساعات أو أكثر يوميا عن المحافظة من أجل إعداد الخبز لأطفالها الذين ينامون أحيانا بلا عشاء.

وصنعت أم كامل موقداً من بعض العلب الفارغة، وتشعل النار باستمرار فوق سطح بيتها لإعداد الطعام لأطفالها الذين قد يستيقظون منتصف الليل للبحث عن الطعام، مشيرة إلى أنها الوسيلة الوحيدة التي تستطيع استخدامها كبديل للغاز خاصة مع انقطاع الكهرباء بشكل متواصل عن المحافظة.

وللتخفيف من الأعباء الملقاة على كاهل أم كامل، فهي تستخدم الوجبات الجاهزة لأطفالها، خاصة "ساندويتشات" الفلافل والحمص لتوفير الجهد المبذول في إعداد الوجبة الواحدة، وبالطبع الوقود.

وأدى الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي عن المحافظة إلى مضاعفة معاناة المواطنين الذين يعيشون في حصار مشدد منذ قرابة العامين، ويستعين المواطنون بالأقراص التي تعمل بالكهرباء في إعداد طعامهم أو "البوابير" التي تعمل بالكاز الأبيض بعد دخولها إلى قطاع غزة عبر الأنفاق.

"نهارنا ليل وليلنا نهار"، بهذه الكلمات الغاضبة وصفت أم محمد أبو لطيفة التي تقطن منطقة عبسان الجديدة شرق محافظة خان يونس حياتها، مشيرة إلى أنها أصبحت في ظل أزمة الغاز والكهرباء تستيقظ في ساعات الليل لتعد خبزها لأطفالها حال وصول التيار الكهربائي، وتقضي نهارها في إشعال النار والطهي على الحطب بعد أن فرغت كافة اسطوانات الغاز التي تملكها.

أما لطيفة أبو حليب، التي تسكن في القرارة إلى الشرق من خان يونس، والتي تحتفل بزفاف ابنتها، تقول إن الاحتفال رغم حاجته إلى جهد ومتابعة تطلب جهداً إضافياً، مشيرة إلى أنها منذ شهرين تستعمل النار في الطهي وأعمال البيت، لافتة إلى أنها أعدت الطعام للضيوف والمهنئين بزفاف ابنتها على النار، ما كبدها جهداً ووقتاً مضاعفاً.

وتكشف أبو حليب عن ساقيها مظهرة بعض آثار حروق نتيجة استعمال النار بشكل متواصل، وتقول: ماذا سنفعل هذا قدرنا؟ معربة عن أملها في أن تنتهي الأزمة بالكامل ويرفع الحصار عن غزة كي تعود لحياتهم طبيعتها دون معاناة.

وكانت إسرائيل أدخلت الأسبوع الماضي نحو 480 طناً من غاز الطهي، لا تفي بحسب المسؤولين بتعبئة 10% من اسطوانات الغاز المكدسة لدى محطات التعبئة.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل طالت الأزمة مطاعم شعبية كثيرة تشكل مصدر دخل لعدد من المواطنين ويعتمد الكثيرون على وجباتها الجاهزة في غذائهم، في ظل تردي أوضاعهم المعيشية وعدم مقدرتهم على تلبية وجبة غذاء متوازن، فضلاً عن تأثر المخابز والمستشفيات وكافة القطاعات الإنتاجية.

ويتوافد المواطنون إلى محلات بيع الأجهزة الكهربائية والبوابير من أجل التغلب على أزمة الغاز، بعد نفاد الغاز من اسطواناتهم التي يحتفظون بها، ويقللون من استهلاكها عبر استخدام الأجهزة الكهربائية.

ويلفت يحيى عاشور، صاحب محل لبيع الأجهزة الكهربائية بوسط خان يونس، إلى أن هناك إقبالاً كبيراً على شراء الأجهزة الكهربائية البديلة عن استخدام الغاز، وكذلك "البوابير"، ما رفع حجم مبيعاته، مشيراً إلى أنه يبيع مائة قرص كهربائي و"بابور" في اليوم، وأكد أن ارتفاع الأسعار يعود إلى ارتفاع تكلفة البضائع التي تعبر من الأنفاق، وهي في الغالب بضاعة مصرية.