خبر غزة: ارتفاع حالات الإصابة بالحروق بسبب تزايد استخدام الوسائل البدائية

الساعة 06:40 ص|16 ديسمبر 2008

 فلسطين اليوم-غزة

لم يتوقع المواطن سامر أبو جامع، من بلدة بني سهيلا شرق خان يونس، أن يتسبب طعام الغداء الذي كان وزملاؤه يعدونه في حرق وجهه وكافة أنحاء جسده.

فقد كان سامر الذي يعمل في مشغل للخردة وعدد من زملائه يعدون لتناول وجبة الغداء باستخدام "بابور" من صنع محلي، وهو عبارة عن اسطوانة غاز بحجم صغير تربطها ماسورة برأس بابور قديم، يضخ فيه الهواء للاشتعال.

ويقول الشاب حسام بركة، أحد أصدقائه، وقد نجا من الحريق، إنه وخمسة من أصدقائه رمت بهم البطالة إلى العمل في تجارة الخردة، ولدى إعدادهم وجبة الغداء انفجر "البابور" في وجه سامر الذي كان يضخ الهواء في داخله كي يعمل، مشيرا إلى أن مثل هذه "البوابير" أصبح استخدامها دارجا لعدم توفر الغاز.

ويرقد أبو جامع (29 عاما) في مستشفى ناصر للعلاج من آثار حروق في وجهه من الدرجة الثانية، ومختلف أنحاء جسده من الدرجة الثالثة.

ويشير الأطباء إلى أنه سيحتاج إلى أشهر للعلاج المكثف والمراجعات الدورية للعيادات الطبية، ويحمل أبو جامع إسرائيل والعالم الصامت عن حصار غزة مسؤولية إصابته متسائلا: إن كان إعداد الطعام يتطلب هذا الجهد وينتهي بالمأساة، فكيف ستكون حياتنا فيما بعد؟! شاكرا الله الذي لطف بحياته وهو المعيل لثلاثة أطفال.

وينصح أبو جامع المواطنين بعدم استخدام "البابور" في الطهي والتعامل معه بحذر شديد حتى لا يكون مصيرهم مماثلا لما حدث معه، ويقول وقد لف جسده بالضمادات: لقد طلبت من زوجتي إلقاء "البابور" الذي نستخدمه في البيت إلى الخارج، فلن نستخدمه بعد ذلك، داعيا إلى رفع الحصار عن غزة لإنهاء معاناة المواطنين.

حادثة أبو جامع ليست الوحيدة نتيجة استخدام بدائل، في معظمها غير آمنة وتخضع للتجريب دون الانتباه لمخاطرها على صحة أبدانهم وأطفالهم، وذلك خلال فترة انقطاع الغاز والكهرباء المتواصل عن المحافظة، وبحسب مصادر طبية فإن هناك عشرات الحالات التي تعرضت إلى مثل هذه الحوادث خلال الفترة الحالية التي يمنع فيها دخول غاز الطهي إلى قطاع غزة.

ويقول د. عاطف الحوت رئيس قسم الاستقبال في مجمع ناصر الطبي، إن هناك ازديادا في حوادث الحروق التي تأتي للمستشفى شهريا بمعدل 70% إلى 80% خلال الأشهر الأخيرة، مبينا أن الأطفال أكثر الفئات تأثرا بذلك.

ويشير الحوت إلى أن نحو 25 إلى 30 طفلا شهريا يزورون المستشفى نتيجة إصابتهم، ونحو 10 حالات من البالغين أيضا، ويرجع ذلك إلى تعرض الأطفال إلى النار التي يتم إشعالها داخل البيوت، لاستخدامها في إعداد طعام الأسرة التي باتت لا تمتلك أسطوانة غاز بطرق شتى، منها استخدام الحطب و"البوابير".

ويعاني مجمع ناصر الطبي كباقي المؤسسات الصحية في قطاع غزة من نقص في الإمكانيات والتجهيزات الطبية والأدوية والعلاج اللازم لمرضى الكلى والقلب والأمراض المختلفة.

ويردف الحوت قائلا: إن هناك نقصا في غيارات الحروق وفي المحاليل الطبية، منوها إلى أنهم يطلبون من أهل المريض شراء ذلك من الصيدليات الخارجية لتقليص استخدامات المستشفى، وأضاف: إن ذلك يشكل عبئا على المواطنين في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشونها، مشيرا إلى أن المخزون الاستراتيجي للمستشفى نفد تماما رغم سياسة التقنين التي تتبعها المستشفى خلال الفترة الحالية.

من جهته، ناشد د. حسن حمدان رئيس قسم جراحة التجميل والحروق بالمستشفى، المعنيين إكمال تجهيزات وحدة الحروق التي خصصت المستشفى لها غرفة خاصة وبعض الأجهزة التي تبرعت بها جمعية دار الكتاب والسنة، في حين لا تزال أجهزة أخرى تنتظر افتتاح المعابر لإدخالها.

ويوضح حمدان أن المنطقة الجنوبية من قطاع غزة بحاجة ماسة لهذه الوحدة، خاصة في ظل تزايد الحوادث الناجمة عن استخدام النار أو حتى التعرض للقصف بسبب الاجتياحات المتكررة للمنطقة.

وبين أن المستشفى يستقبل شهريا 200 حالة من مختلف مستشفيات المنطقة الجنوبية، ما يشكل عبئا كبيرا على المستشفى الذي يعاني أساسا من وضع صعب.

وعن التعامل مع الحالات الصعبة، يلفت حمدان إلى أنه يتم تحويلها إلى مستشفى الشفاء بغزة وهذا يشكل ضغطا على المستشفى هناك من ناحية، ومن ناحية أخرى يكبد المواطنين أعباء كبيرة في المواصلات، مشيرا إلى أهمية وجود الوحدة في المستشفى لسهولة التعامل مع الحالات ومتابعتها مستقبلا، وكذلك تعقيمها والحفاظ على نظافتها وعدم تعرضها لمضاعفات.

ويؤكد حمدان ما أشار إليه الحوت أن الأطفال هم الأكثر عرضة للحوادث، محملا الأمهات مسؤولية ذلك نتيجة عدم أخذهن الاحتياطات اللازمة للمحافظة على أطفالهن عند لجوئهن إلى الوسائل البدائية في إعداد الطعام.

وشدد الحوت على أن الحصار وإغلاق المعابر ونقص الموارد المالية حال دون استكمال تجهيز الوحدة، داعيا أهل الخير والمسؤولين إلى دعم المستشفى لإكمال الوحدة لخدمة المواطنين.