خبر كتاب إسرائيلي يحلل شخصية نتنياهو نفسيا

الساعة 10:23 ص|04 سبتمبر 2017

فلسطين اليوم

يحاول كتاب جديد في « إسرائيل » تحليل شخصية رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو برؤية سيكولوجية تحليلية، لفهم حالة الخوف الملازمة له، ودور زوجته فيها، ومنه ينطلق لفهم مشاكل وأزمات « الإسرائيليين ».

في كتابهما «نفس يهودية» يستعيد الصحافي حانوخ داوم والخبير النفسي الطبي أريئيل هارتمان عدة شخصيات يهودية عالمية مثل كافكا، سبينوزا و آينشتاين وإخضاعها للتحليل النفسي في سياق محاولة التسلل لرأس نتنياهو وتحليله نفسيا في محاولة لفهم كيف يؤثر كل ذلك على طريقة إدارة « إسرائيل ».

ويقول داوم في حديث نشرته صحيفة « يديعوت أحرونوت » حول الكتاب الجديد إن نتنياهو روى له بألم بعد فوزه بانتخابات 2013 الآثام التي ارتكبتها الصحافة ضده، داوم وهو صحافي توجهاته يمينية يقول إنه وافق على معظم مزاعم نتنياهو ضد وسائل الإعلام، لكنه بادره بالسؤال: إذا كنت ملاحقا لهذا الحد من قبل الصحافة فكيف تفسر أنك تجلس في سدة الحكم فترة مطولة؟ وتابع بلهجة ساخرة « من رد فعله أدركت أنه لا يعرف كيف يجد الرضا والسلوى من ظفره بهذا الشيء »الثانوي« .

العلاج النفسي لنتنياهو

ويوضح هارتمان في المحادثة مع داوم أن محاولة شخص مواساة شخص آخر يعاني من حالة اكتئاب أو نفسية متدنية من خلال استذكار نجاحاته، لا تنجح بكل الحالات، خاصة إذا كانت شخصيته شكاكة ويعتريها الخوف الدائم.

وتابع »في حال شعر الإنسان أنه ملاحق من قبل بيئته فلن يستمتع بما لديه من مكاسبه، فالتمتع مرتبط بالسكينة، بيد أن الشخص الذي يشعر بالملاحقة يبقى قلقا موتورا وتتصاعد من داخله إنذارات بالخطر تماما كالغزالة التي ترى مصابيح سيارة تبهر عينيها ليلا فتظنها أسدا يستعد لغرس أنيابه في جسدها، بمثل هذه الحالة النفسية لن تتبقى طاقة للتمتع".

عقدة الأب الصارم

وردا على سؤال داوم ما إذا كان العلاج النفسي سيساعد نتنياهو يشكك هارطمان بجدوى ذلك لأن نتنياهو يعتقد باللاوعي الخاص به أنه سيفقد حوافزه للمزيد من النجاح، في حال وافق على أن يكون أقرب للسكينة والتمتع بحياته أكثر.

ويستذكر داوم أن عددا من المعلقين الذين يظنون أنهم بوسعهم تحليل شخصيته كمهنيين وخبراء تحدثوا عن دور شقيقه يوني نتنياهو الذي قتل في عملية عينتيبي في أوغندا قبل أكثر من 40 سنة، كما يتحدثون عن والده الصارم الدقيق الذي شعر أنه «خارجي»، ولم يحصل على تقدير كاف من الأوساط الأكاديمية، وتصعب مراضاته. ويتساءل داوم أيضا عن دور عدم الرضا عن الذات في تحقيق صاحبها المزيد من النجاحات. ويقول إن كتابات كافكا لم تكن دقيقة جدا لولا علاقاته المركبة مع والده. ويتابع «كل من عرف نتنياهو يعرف أن رغبته بأن يكون ويبقى رئيس وزراء حاجة وجودية بالنسبة له وهي نتيجة عجزه هذا وكأنه لا خيار آخر له».

دور المصاعب في الدفع للأمام

وردا على سؤال داوم، هل من المفضل تمكين الشخص من الحياة مع مصاعبه لأنها تطيّره نحو قمم وتساعده في تحقيق أحلامه، يقول هرطمان إن هذه الرؤية مثيرة ومصيبة في أحيان كثيرة. ويضيف «اكتشفت خلال عملي مرات كثيرة أن شخصا غير راض وغير متصالح مع نفسه يساهم في نجاح التنظيم الذي يعمل فيه». داوم الذي كان مقربا من نتنياهو بالماضي يقول إنه يثير ردود فعل قطبية لدى الإسرائيليين، فمنهم من يسجد له ومنهم من يناصبه العداء، والكراهية أحيانا تكون كراهية مرضية. عن ذلك يقول هرطمان «نعم. الكراهية هي الشعور الأكثر نقاوة. وهنا أرغب في قول أمر مبدئي: اعتاد اليهود مع توالي الأجيال على التعامل بروح نقدية عميقة مع قادتهم، وهذه خلاصة مهمة قادتهم لنجاحات بعيدة المدى لكنها حولتهم لشعب مع عدد كبير جدا من رؤساء حكومات يتوالون كل فترة قصيرة جدا. اعتقد أن مشاعر الملاحقة لدى اليهود في الشتات ما زالت تسكنهم تماما كما هو الحال مع شخصية نتنياهو وكغزالة مرتابة ترى بمصابيح السيارة عيني أسد غاضب. هكذا نحن حياله: كلما طلب رزمة من البوظة بالفستق الحلبي نعتبرها نحن «جشعا شرها» تأتي على حسابنا وهكذا أيضا صبغ شعره بشكل متكرر».

حياة الترف المسرفة

يشار الى أن مثل هذا التساؤل يأتي لانشغال أوساط إسرائيلية واسعة في السنوات الأخيرة بالتهم الموجهة لنتنياهو وزوجته بحياة الترف والإسراف وتناول كميات كبيرة من النبيذ الفاخر والسيجار الكوبي وغيره، وبتلقي رشاوى وبالفساد. لكن هرطمان يأتي هنا من اتجاه معاكس ويقول إنه بدلا من أن نسأل ما الذي يدفع أشخاصا ناجحين للتورط تباعا في فضائح متطابقة (في إشارة لتورط رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت بفضائح رشوة وفساد وحياة ترف) فإنه من المثير أن نسأل في المقابل ما إذا كان الإسرائيليون يستصعبون التمييز بين ما هو جوهري وبين ما هو تافه خلال التعاطي مع نتنياهو، وهذا في إشارة لانشغال الإعلام في حياته الشخصية هو وزوجته.

دور زوجة نتنياهو

ويتطرق المؤلفان لزوجة رئيس حكومة الاحتلال سارة نتنياهو، ودورها وتأثيرها عليه وعلى إدارته للدولة، حيث يشيع معتقد لدى الإسرائيليين أنها طماعة، وكاذبة، وجشعة وقاسية بتعاملها مع الآخر. ويذكّر داوم إن علاقات الزوجين نتنياهو حاضرة دوما بالعناوين. ويقول إنه يتنبه لكثير من الإسرائيليين ممن يتساءلون إذا كانت سارة زوجته شيطانا كما يصورها الإعلام الإسرائيلي فكيف لا يطلقها؟ ويتابع «ضمن عقلية المؤامرة يسارع كثيرون للقول إن هناك اتفاقا سريا بين نتنياهو وزوجته يضطره للبقاء معها، لكن انطباعي الشخصي يقول إن نتنياهو يحب زوجته فعلا ويشعر أنها تكمله وتستحضر ما لا لديه». ويتفق هارتمان مع داوم حول هذا الترجيح، لافتا الى أن أحدا لا يستطيع معرفة أسرار حياتهما الخاصة وما هي الاحتياجات الغامضة التي تلبيها له».

دور الصراع بصقل الشخصية

ويوضح هارطمان أن الصراع من أجل الحياة، والبقاء، والانتصار ينتج داخل الإنسان قوى كبيرة، وهذا ينطبق على نتنياهو كما انطبق من قبل على فرويد وأريك آينشطاين وغيرهما. ويتفق المؤلفان على أن 80% من الإسرائيليين يتفقون على 80% من القضايا لكن الإعلام يبرز الخلافات بينهم التي لا تتعدى الـ 20%. ويؤكد، وربما هذا الأهم، أنه يمكن وصف الإسرائيليين كما تم فهم نتنياهو أعلاه .

الإسرائيليون.. حالة كرب بعد صدمة

متجاهلا دور الصهيونية في تأجيج العنصرية والتطرف ومحاولاتها ارتداء لبوس الحمل والضحية أحيانا يضيف «نحن شعب في حالة كرب ما بعد صدمة متوارثة عبر الأجيال مما يجعلهم يشعرون أنهم ما زالوا مشتتين في العالم، وأن كل شيء يوشك على التفكك وعلى حافة الانهيار مما يجعلهم قليلي التسامح، تستبد بهم حالة عصبية متفجرة وهذا يقلل من قدرتهم على الإصغاء ويحولهم لصقور بكل جدل».

ولذا يعتبر أن حل مشاكل الإسرائيليين يكمن بقدرتهم على معالجة عوارض الكرب بعد الصدمة بشكل جماعي. وينتقد جهاز التعليم في إسرائيل لأنه لا ينظر للمحرقة والكارثة اليهودية بنظرة جديدة، كما ينظر معالج نحو من يتعالج لديه. نحن منشغلون فقط بالكوارث وقد حان الوقت للسؤال ما هي ظلالها وآثارها على الإسرائيليين، وأين الذاكرة تكون بالقدر السليم ومتى تسبب خوفا وصدمة مرتدة؟».

كلمات دلالية