خبر التغيرات المناخية .. تداعياتها و المقترحات المتعلقة بدعم تمويل مكافحتها ..!

الساعة 05:50 م|30 أغسطس 2017

فلسطين اليوم

كتب الباحث  براء شريف..

باتت السنوات الأخيرة المنعقدة  شاهداً على آثار تغير المناخ الغير طبيعية في الشرق الأوسط وتحديداً في الدول العربية , وما زالت هذه  الآثار السلبية تتفاقم  مع مرور الزمن , حيث أنها لم تأخذ حجماً كافياً لها من الاهتمام على الصعيدين الحكومي والجمهوري , بل اقتصرت على مؤسسات ومنظمات معينة في الوسط الإعلامي , في ظل انشغال العرب بأزماتهم السياسية والمناصب  وتركهم للأمور الأخرى التي باتت خطراً موشكاً يهدد مستقبل المنطقة .

وعل أبرز ما نلاحظه من نتائج لتلك التغيرات , درجات الحرارة المرتفعة صيفاً في الخليج العربي , والثلوج المتساقطة في صحاري السعودية , وتلف محاصيل القمح بسبب الجفاف الذي حل على المغرب العربي , ويتوقع أيضا ازدياد تراجع هطول المطر وطول فترات الجفاف التي تصفع المنطقة . والخلاف الذي يفرق المناطق يبدو واضحاً في نصيب كل فرد من موارد المياه المتجددة , حيث بلغت في منطقة الشرق الاوسط 1000 متر مكعب للفرد , بينما في بلدان شرق آسيا فقد وصلت ل 4500 متر مكعب , في حين ان الفرد الواحد في الولايات المتحدة قد يصل نصيبه ل 9000 متر مكعب ,  وقد أدت التغيرات أيضاً إلى حدوث الكثير من المخاطر البيئية تجاه صحة الإنسان، مثل نضوب طبقة الأوزون و فقدان التنوع الحيوي ، إلى جانب  الضغوط على الأنظمة المنتجة للغذاء وانتشار الأمراض المعدية بشكل عالمي .

ومما يزيد الوضع سوءً , انكماش الزراعة في المنطقة  , الناجم عن التصحر الذي أدى إلى تدهور التربة . مما يرفع من معدلات البطالة في الدول الفقيرة التي تعتمد على الزراعة والمناطق القروية , داعية أهلها للهجرة للأماكن المكتظة بالسكان , اضافة الى ذلك فإن إرتفاع في درجات الحرارة عالمياً سيكون حجةً واضحة  لندرة المياه مما سيزيد من تداعياتها الاقتصادية , ولا ننسى أن انبعاث الغازات الكربونية الناتجة عن المصانع هو السبب الرئيس في مشكلة الاحتباس الحراري . حيث أشار بحث أجري في معهد هوفر بواسطة الاقتصادي توماس مور إلى أن الاحتباس الحراري العالمي سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات في الولايات المتحدة . في حال أن الولايات المتحدة لديها الامكانيات لمجابهة تلك التغيرات نوعاً ما , فماذا علينا نحن أن نصنع كوننا لا نملك ما يكفي ؟

وبسبب قلة الأبحاث التي أجريت حول التأثيرات البشرية على التغير المناخي وبسبب صعوبة التفرقة بين تأثير التغير المناخي والعناصر الأخرى المساهمة؛ فإن الإحصاءات التي ترتبط بالتأثيرات البشرية على التغير المناخي بها هوامش كبيرة من عدم الدقة. وعلى المستوى العالمي بوجه خاص، فإن كثيرًا من البيانات الإحصائية حول التأثير البشري على التغير المناخي يجب أن يعتبر مؤشرًا على القيمة الأسية للتأثير.

وفي هذا السياق فقد علق دانيال أولاجو المتخصص في علوم الأرض البيئية , بمعهد تغيُّر المناخ والتكيف التابع لجامعة نيروبي الكينية , بتغريدة له على تويتر ، بأنه يوافق على مسألة تدني أحوال البحث العلمي المتعلقة بتغيُّر المناخ في أفريقيا والتحديات ذات الصلة، ويعزو هذا إلى أمور عدة، منها على سبيل المثال: تباعد محطات الطقس على نطاق واسع، وشح البيانات، وقلة عدد علماء الأرصاد الجوية العاملين بمجال البحوث، وأكثر الأمور سوءًا هو نظام « فوضوي » معني بالمناخ في القارة السمراء.

وأضاف  أولاغو،«  ثمة حاجة للحصول على معلومات علمية موثوقة حول تغيُّر المناخ في القارة، تصير ماسة بالنسبة لقطاعات مثل الزراعة والثروة الحيوانية الرعوية التي تعتمد إلى حد كبير على مياه الأمطار، وهذا لدعم سبل كسب العيش لدى كثير من الناس »

وعلى الرغم من أنه لم يكن هناك بحث حول تأثير الإنسان على التغير المناخي، إلا أن عددًا من المنظمات تبرز ملف هذه القضية من خلال تنظيم لقاءات عالية المستوى ونشر تقارير حول الموضوع. وهذه المنظمات تتضمن منظمة أوكسفام , بالإضافةس لبرنامج الامم المتحدة للبيئة , ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والبنك الدولي و صندوق المناخ الأخضر .

كلٌ من تلك المنظمات استوجبت اعتماد حلول عاجلة للحد من آثار التغير المناخي , بدعم تمويل البرامج الكفيلة بضمان التكيف مع الواقع المناخي الجديد,  لتنفيذ البنود الواردة في اتفاقية باريس للمناخ الذي وقع عليه في نيويورك عام 2016 , حيث  تضمن  تخفيض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري , والاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة التي لا تؤثر على المناخ .

كما أن من أهم المنظمات والمؤسسات اهتماماً في هذا الموضوع في الشرق الأوسط وشمال افريقيا كان صندوق المناخ الاخضر , الذي أتاح الفرصة لتطبيق ما جاء في اتفاقية باريس , للتأقلم مع التغير المناخي , خاصة تلك المتعلقة بالزراعة والمياه والغابات وعلاقتها بالأمن الغذائي والتنمية في موارد الطبيعة الشحيحة المعرضة للخطر , بصفتها من الاولويات في المنطقة العربية .

من أجل دعم دول العالم العربي لمكافحة التغير المناخي و التأقلم معه يوجد ١٤ صندوقاً متعدد الأطراف نشطا في المنطقة العربية حيث تقدر المساهمات الأكبر بنحو ٧٣٣ مليون دولار أمريكي لستة مشاريع في المغرب ومصر. حتى الاَن يستخدم التمويل المناخي للاستثمار في عدد صغير من المشاريع الكبيرة في مصر والمغرب باستخدام قروض ميسرة. حيث  تتلقى هاتان الدولتان ٨٠٪ من إجمالي تمويل المناخ المعتمد في المنطقة لدى كلا البلدان سجل حافل بالعمل مع الجهات الرئيسية في المجال الدولي والتمويل المناخي مثل مصرف التنمية الأفريقي والبنك الدولي ، كما لم يتم توجيه اي تمويل للدول المصدرة للوقود الأحفوري في المنطقة مثل قطر والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة. على الرغم من قيام بعض المشاريع الجيدة إلا أن التكيف مع التغير المناخي لا يزال يعاني من نقص شديد في التمويل.

منذ عام ٢٠٠٤ تم تمويل مليار دولار أمريكي من صناديق التمويل المناخي الدولية المكرسة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, حيث تم توجيه هذا التمويل نحو قيام ٥٢ مشروعاً مع العلم بأنه تمت الموافقة على ١٩٤٫٥ مليون دولار فقط من هذا المبلغ. تم أيضاً الموافقة على ١٦ مشروعاً بقيمة ٥٦٫٢ مليون دولار أمريكي للتكيف مع التغير المناخي ويجري تنفيذ هذه المشاريع في البلدان الأقل نمواً في المنطقة مثل اليمن وجيبوتي. توجد مشاريع يجري تنفيذها في لبنان و العراق و الأردن تركز على إدارة المياه و الأغذية و الزراعة و هذه النوعية من المشاريع تعكس قطاعات العمل ذات الأولوية التي تم تحديدها من قبل معظم بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في برامج عملها الوطنية للتكيف مع التغير المناخي.

وقد ظلت المنطقة على مدى آلاف السنين تجد الحلول للتصدي للتغيرات المناخية. والآن، باتت العواقب المحتملة، وزيادة معدلات الفقر، وتبديد مكاسب التنمية، أكثر حدة. لكن ما زالت هناك حلول. وتتطلب قيادة والتزاما من قبل كل بلد على حدة، فضلا عن موارد وابتكار وتبني ممارسات فعالة في شتى أنحاء العالم. فلابد للعالم العربي النظر للطاقة المتجددة مستقبل اقتصاد المنطقة والعمل على الاستثمار في مشاريع للاستفادة من الموارد الطبيعية التي تمتلكها المنطقة و بالتالي العمل على التكيف مع اَثار التغير المناخي التي تهدد مستقبل عالمنا العربي.

كلمات دلالية