خبر كفى للمفاوضات المقفرة.. هآرتس

الساعة 12:46 م|15 ديسمبر 2008

بقلم: عكيفا الدار

ما كان يمكن لبنيامين نتنياهو أن يتوقع نتيجة افضل. زعيم اليمين استخدم موشيه فايغلين كي يخلق لنفسه صورة السياسي المعتدل، وفي نفس الوقت شطبه من قائمة الليكود. هذه الخطوة اللامعة شقت طريق نتنياهو نحو الوسط – وهي امنية نفس كل سياسي اسرائيلي يسعى الى الحكم. كتلة المقاعد الكبيرة الموجودة  هناك تحب ان ترى رؤساء وزرائها في البيت الابيض، ومرغوب فيه ايضا في قصر الاليزيه، يحافظون على العلاقة بين القاهرة وعمان، والاهم – يتحدثون كل الوقت عن السلام ومرة في الشهر على الاقل يعدون باخلاء البؤر الاستيطانية وتجميد المستوطنات.

بعد أن اكتشف بان رؤيا "السلام الاقتصادي" لا توفر البضاعة للوسط، تذكر نتنياهو "المسيرة السلمية" القديمة والطيبة. وهو يتنقل بين اسرة تحرير صحيفة وقناة تلفزيونية، من السفراء الاوروبيين الى الدبلوماسيين العرب، ويوزع عليهم جميعا اقراص التهدئة: هو سيواصل المفاوضات مع الفلسطينيين على التسوية الدائمة بل وسيفضلها على المفاوضات مع السوريين. هذا الاختراع نجح بشكل لا بأس به قبل 12 سنة، فلماذا لا ينجح اليوم ايضا؟

عشية الانتصار في انتخابات 1996 تعهد نتنايهو على رؤوس الاشهاد بان "حكومة الليكود ستعترف بالحقائق التي نشأت نتيجة اتفاق اوسلو، وستجري مفاوضات على تحقيق تسوية دائمة للسلام مع الفلسطينيين". التتمة معروفة؛ مع ان نتنياهو تباهى بالهبوط الدراماتيكي في عدد العمليات في فترة حكمه، الا انه استخدم الارهاب الفلسطيني كذريعة لرفضه بدء المفاوضات على التسوية الدائمة، والتي افتتحت بشكل رسمي في ربيع 1996. واليوم يمكنه ان يراهن على ان صواريخ القسام ستؤدي المهمة. وربما رغم ذلك نضج بيبي وتغير؟ ربما كوطني صهيوني بات منصتا لتكتكة الساعة الديمغرافية؟ ربما كان واعيا لتعاظم الاصوات الفلسطينية الداعية الى ترك المحاولة الفاشلة للوصول الى حل الدولتين للشعبين في صالح دولة ثنائية القومية؟ وربما، مثلما، كمن اكتوى بنزاع مع رئيس امريكي ابيض لا يؤمن باحتلال متنور، سيحذر نتنياهو من اغضاب رئيس اسود يفهم شيئا ما في التمييز؟ جواب رسمي يختفي في موقع الانترنت الحديث لرئيس الليكود (http://www.netanyahu.org.il).

وبالذات تحت عنوان "امن"، في فصل "مواضيع على جدول الاعمال"، كتب هناك: "محادثات السلام الحالية في انابوليس والتي تركز على تحقيق اتفاق نهائي ومتسرع، تضيع الهدف. الفلسطينيون ليسوا ناضجين لمساومة تاريخية تنهي النزاع. لا يوجد أي دليل على أنهم مستعدون ان يقبلوا حتى المطالب الدنيا التي يقدمها أي زعيم اسرائيلي". نتنياهو الرسمي يقترح التركيز على تحسين الحياة اليومية للفلسطينيين بل ووقف المساعدة لابو مازن وسلام فياض. وبتعبير آخر، سحب البساط من تحت اقدام المعسكر الفلسطيني البرغماتي، واستبدال المحاولة لحل النزاع في اقرب وقت ممكن بالمسعى لادارته على مدى الزمن.

نهج مشابه، شبه متماثل، يمكن أن نجده في سلسلة مقالات ومحاضرات لرئيس الاركان الاسبق موشيه يعلون، الاستيراد الشخص الخاص لنتنياهو الى قيادة الليكود. "الانشغال بمسائل التسوية الدائمة يسمح للفلسطينيين بالتملص من مسؤوليتهم عن الفشل، يعفيهم من الانشغال بالاصلاحات الداخلية، والتي بدونها لا امل بتغيير الوضع، ويضع العبء على اسرائيل"، كتب يعلون في مقال يظهر في صفحة نتنياهو الالكترونية. وفي مقال في العدد الاخير لمجلة "تخيلت" (ازرق)، من اصدار "مركز شليم"، يدعي يعلون بان الرحلة العرجاء في المسار السياسي الحالي، والذي يلزم اسرائيل بتنازلات ومخاطر حقيقية والفلسطينيين بتصريحات فارغة من المضمون، لن يولد سلاما بل حربا". وهو يقترح النزول من العربة والصعود الى "القطار الصحيح"، أي السلام الاقتصادي والامني برعاية نظام الاحتلال والمستوطنات.

حماس تسمي هذا "هدنة" و "تهدئة". وتعتمد على الاسرائيليين في أن يواصلوا مفاوضات السلام حتى يكف آخر الفلسطينيين عن الايمان بالسلام.

الناخب الذي لم يتخلَ عن الامل في وضع حد للاحتلال في المناطق ونيل علاقات طبيعية مع كل الدول العربية لا ينبغي أن يكتفي بالوعد المجرد من نتنياهو "بمواصلة المفاوضات". تسيبي لفني لا ترفع العتب هي الاخرى بالتلميحات التي تكشف بعض الشيء وتخفي اغلبه. يجدر أن تتناول الفارق الكبير المتبقي بينها وبين ابو علاء في نهاية سنة كاملة من المحادثات على مستويات مختلفة. كما أنه لن يضر ايهود باراك ايضا ان يكشف اذا كان شفي هو ايضا من "لا شريك"، واذا كان هذا ما حصل، فماذا يقترح على الجيران. مواقف الزعماء الفلسطينيين في مسائل "اللباب" مكشوفة ومعروفة. والناخب الاسرائيلي يستحق ان يعرف ما هي مواقف زعمائه في مسألة الحدود، المستوطنات، تقسيم القدس ومشكلة اللاجئين. كفى للمفاوضات المقفرة.