خبر قيم لا ثمن لها.. معاريف

الساعة 12:40 م|15 ديسمبر 2008

بقلم: ياعيل باز- ميلاميد

منذ 905 يوما يمكث جلعاد شاليت قيد الاسر الذي هو الجحيم. 905 يوما يمكث ابواه وابناء عائلته في جحيمهم الخاص دون بارقة صغيرة من الامل في نهاية النفق. وبالضبط حين بلغ العد الوحشي 900 يوم اختارت تسيبي لفني ان ترش الملح على جراح وامال عائلته وكل من يؤمن بان الكفاح في سبيل استعادة الجندي الاسير هو حرب في سبيل القيم الاساس لدولة اسرائيل والجيش الاسرائيلي.

جنود كثيرون ، ومعهم ابناء عائلاتهم يعتقدون عن حق وحقيق بان اسرائيل تبذل كل ما بوسعها كي تعيد جنودها الى الديار، ابناءنا احياء او اموات، يفهمون بان ليس هكذا هو الحال. "اذا كان ممكنا"، كما قالت لفني. "وليس دوما هذا ممكن". خمس – ست كلمات حطمت بجرة قلم فكرة كاملة، ومعها منظومة القيم التي لا بديل لها.

لا، لا يمكن خلق منظومة قيم جديدة، بموجبها يقرر المجتمع في اسرائيل بأنه فقط اذا كان ممكنا ان نعيد جنود الجيش الاسرائيلي الى الديار. والممكن، بالطبع، منوط بالثمن. اذا كان الثمن عاليا جدا نبقي الجندي في ايدي اكثر اعداءنا وحشية، يذوي في السجن حتى نهاية ايامه. هذا هو المعنى الحقيقي لاقوال لفني رغم كل الثناء على شجاعتها من الصعب ان نرى هنا فعلا شجاعا على نحو خاص. هذا تعبير اخر عن مذهبها منذ زمن بعيد والقاضي بان اسرائيل  يمكنها ان تدفع الثمن الذي تطالب به حماس. النتيجة: اسرائيل تعلن بذلك لعائلة شاليت، وكل شعب اسرائيل بان جلعاد سيقى بيد حماس ربما الى الابد. وبعد ذلك علينا ان نبعث بابناءنا للقتال من اجل دولة تترك جنودها هكذا لمصيرهم.

الحقائق معروفة: حماس تطالب بتحرير الف سجين، كثيرون منهم مع انهار من الدماء على اياديهم. المعارضون يرسمون سيناريوهات رعب: مثل هذه الصفقة ستشعل انتفاضة ثالثة، ستجر عشرات الاصابات، ستضعف ابو مازن ، ستضرم النار في الضفة ايضا. كل شيء باستثناء حرب عالمية ثالثة. باختصار: تحيرير شاليت سيشعل كل المنطقة. نوع من القنبلة الايرانية في الساحة الفلسطينية.

غير ان هذا مجرد تقدير فقط. فحتى وجلعاد شاليت محبوس في جحر مظلم، وحيدا ومتروكا، الارض في غزة تشتعل،  مخربون يخططون لعمليات، وحياة السكان في غلاف غزة لا تطاق. حيال التقديرات تقف حقيقة صلبة واحدة. ما سيوقع علينا المصيبة هو ترك شاليت لمصيره. كل جندي سيرفض الخروج الى نشاط تنفيذي خوفا من الوقوع في الاسر وبالتالي يترك لمصيره، سيكون محقا. كل ام واب يفعلان كل ما بوسعهما كي لا يخدم ابنهما في وحدة قتالية، خشية ان يقع في الاسر والدولة لا تفعل كل شيء، ولكن كل شيء كي تعيده، سيكونان محقين. وفي داخلنا ستعيش عائلة عزيزة في كل مرة ننظر اليها نغض الطرف مع العلم، باننا بعثنا بابنها نحو الضياع بموقف مسبق ثابت.

الفكرة الاصيلة في اعادة الجنود الى الديار بكل ثمن لم تأتي من العدم. فهي مدماك اساس في دولة تعيش في حرب مستمرة، القرار باعادة الاسير فقط، اذا لم يكن الثمن عاليا جدا هو قرار غير اخلاقي واخطر باضعاف من تحرير المخربين.