قائمة الموقع

خبر ولدت في الخطيئة -معاريف

2017-08-27T10:14:07+03:00
فلسطين اليوم

بقلم: د. حاييم مسغاف

(المضمون: يحتمل أن تكون النوايا طيبة، ولكن ما ولد يشبه في نظري اكثر من اي شيء آخر جنينا خرج من بطن امه قبل أوانه ومات على الفور بعد ذلك - المصدر).

 

أستمع الى الصوت المتحطم لموشيه نغبي، المحلل القانوني الذي يبيع بضاعته منذ عشرات السنين للشبكة ب، التي تعمل اليوم تحت رعاية هيئة البث العام، ولا اصدق ما اسمعه. المذيعة استي بيرز، ترفعه الى البث كل يوم تقريبا، ولكنها لا تتكبد حتى ولو مرة واحدة مواجهته بالاسئلة التي يجب فعلا ان تُسأل. ولهذا فبوسع نغبي أن يصب مرارته على مدى دقائق بلا ازعاج، وعندها يشكر المذيعة الاديبة التي لم تقاطع مناجاته حتى ولا لمرة واحدة.

 

وأتساءل، أولم تحن بعد لحظة التخلي عن هذه الهيئة؟ ماذا كانت في واقع الحال نية من اقاموها عندما فكروا بان هناك مجالا لاستبدال سلطة البث التعبة، برأيهم، بشيء منتعش أكثر؟ أولم يتشوش شيء ما لدى المبادرين اليها حين عادوا ليمضغوا من جديد شعارات عفنة بشأن أهمية القناة العامة؟ إذن يحتمل أن تكون ان النوايا كانت طيبة، ولكن ما ولد يشبه في نظري اكثر من اي

 

شيء آخر جنينا خرج من بطن امه قبل أوانه ومات على الفور بعد ذلك. ليس في الهيئة الجديدة شيئا لم يكن في السلطة التي سبقتها: ذات التحيز السياسي، ذات المذيعين الذين لا يمكنهم ان يخفوا تحيزهم المشوه في صالح الطرف المهزوم في الخريطة السياسية، ذات الاسئلة الاديبة عندما يُسأل من ينتمي الى معسكره وذات قصر النفس عندما يُسأل المنتمي للمعسكر الاخر الذي يحاول أن يشرح للمذيع غير الصبور الموقف المقابل.

 

خذوا مثلا تغطية المظاهرات التي تجرى في بيتح تكفا. تضخمها هو كله ثمرة افعال الاعلام احادي الجانب. بضع عشرات غريبي الاطوار ممن حملوا عبثا علم سلطة القانون ازدادوا الى الالاف، فقط لانه في كل منتهى سبت يحرص أحد ما على تغذية الحدث. لم اسمع حتى ولا مذيع واحد يسأل أيا من المشاركين موقفه من مضمون اليافطات التي حملت في المظاهرات أو الجوانب غير الدستورية للمظاهرات أو حسب التقارير، مكانة أحد المنظمين من ناحية النيابة العامة في احدى القضايا موضوع المظاهرات – يشبه مكانة الشاهد الملكي.

 

وكيف يمكن للحال أن يكون مختلفا، اذا كان الصحافيون ذاتهم الذين يفترض بهم ان يغطوا، بموضوعية مزعومة الاحداث يصبحون هم أنفسهم طرفا مشاركا في الخلاف حين يتوجهون شخصيا الى المحاكم بطلبات للمساعدة ضد اولئك يفترض بهم أن يغطوا انباءهم؟ انظروا مثلا مشرف الساحة، اوري مسغاف، الذي رفع التماسا الى العليا مطالبا اياها بأن تأمر المستشار القانوني للحكومة والنائب العام للدولة ان يتخذا فورا قرارا في قضايا لا تزال موضع التحقيق لدى الشرطة. لم أقرأ كتاب الالتماس، ولا اعرف ماذا سيقرر القضاة، ولكن هذا التوجه الغريب حظي منذ الان بالاسناد من موشيه نغبي اياه الذي ذكر آنفا. هو الاخر لا يفهم، على حد قوله، لماذا على الاطلاق ينبغي الانتظار حتى انتهاء كل التحقيق.

 

وهذا ما يعيدني الى الانتقاد الذي لدي على الهيئة التي ولدت في الخطيئة. ليس فيها حاجة. تكفي القنوات التجارية. هناك، من رعب ناشري الدعايات، الذين يبدون الاستعداد لان ينشروا دعاياتهم فقط اذا كانت نسبة المشاهدة مناسبة، يوجد توازن معين. هذا على الاقل هو الانطباع الذي يتولد عندي. وبشكل عام فان كثرة القنوات التجارية تضمن أيضا لكل شريحة في السكان ان يكون لها تعبير مناسب. ويخيل لي ان في دول اخرى ايضا يعرفون منذ الان بان ليس للقناة العامة اي قيمة مضافة. فالصندوق العام يمولها، وليس فيها اي غاية حقيقية. على أي حال

 

لا يحفظ فيها برأيي التوازن المناسب. مثل هذا التوازن يمكن أن يحفظ فقط في قناة تجارية حياتها معلقة بمستوى المشاهدة والاستماع. ان القواعد الحديدية في كل العالم التجاري واضحة جدا والمدراء غير الملتزمين بشيء، بخلاف مدراء القناة التجارية، تكون منتجاتهم على اي حال عليلة وغير جديرة بالتناول.

 

اخبار ذات صلة