بعد اعترافها بتآكل قوّة ردعها

خبر إسرائيل تُقّر بأنّ اعتراض الدفاعات السوريّة لطائراتها شكلّت علامةً فارقةً

الساعة 05:29 ص|27 أغسطس 2017

فلسطين اليوم

قوّة الردع الإسرائيليّة أخذة بالتآكل منذ أنْ وضعت حرب لبنان الثانية في العام 2006 أوزارها، وهذا التآكل لا يتوقّف بل ما زال مستمرًا وبوتيرةٍ أعلى، مع انتصار محور المقاومة والممانعة في الحرب الكونيّة التي شُنّت في العام 2011 ضدّ الدولة السوريّة بهدف تمزيقها وتفتيتها خدمةً للمصالح الإستراتيجيّة للكيان الإسرائيلي، وكتحصيل حاصل للإجهاز على ما تبقّى من فلسطين.

وهذه الأقوال لم تصدر عن مصادر سياسيّة مجهولة في تل أبيب، بل أطلقها كبار أركان الاحتلال، وتحديدًا في كلّ ما يتعلّق بقوّة حزب الله اللبنانيّ وتعاظم ترسانته العسكريّة، كمًا ونوعًا، فها هو وزير الحرب المُتشدد أفيغدور ليبرمان، يقول وبالفم الملآن إنّ بلاده لم تنصر في أيّ حربٍ منذ عدوان حزيران (يونيو) من العام 1967، أيْ قبل خمسين عامًا بالتمام والكمال.

والآن، بعد أنْ فشلت تل أبيب فشلاً مُدويًا في “حجز تذكرةٍ” للمُشاركة في تحديد الحلّ النهائيّ للأزمة السوريّة، والذي تمثلّ في رفض واشنطن وموسكو بمنحها امتيازات لضمان أمنها القوميّ، تسود لدى المُستويين السياسيّ والأمنيّ في إسرائيل حالةً من الخشية، التوجّس، القلق، لا بل الهلع من المُستقبل المنظور، على وقع اقتراب القوّات الإيرانيّة من الجزء المحرر في هضبة الجولان العربيّة السوريّة.

وحتى الإعلام العبريّ، المتطوّع لصالح الإجماع القوميّ الصهيونيّ يسخر من تهديدات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، باللجوء إلى الخيار العسكريّ ضدّ إيران في سوريّة، وبحسب محلل الشؤون العسكريّة في القناة العاشرة بالتلفزيون العبريّ، ألون بن دافيد، فإنّ هذا التهديد لا يتعدّى كونه تهديدًا للاستهلاك الداخليّ، وإسرائيل ليست بصدد خوض الحرب ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، على حدّ تعبيره.

موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ نقل عن مصادر أمنيّة وصفها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب قولها إنّ الكابوس الأكبر والأخطر الذي يخشى منه صنّاع القرار في إسرائيل هو فقدان سلاح الجوّ الإسرائيليّ تفوقّه في المنطقة، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ العلامة الفارقة في هذا التحوّل للأسوأ بدأت مع قيام سوريّة، في شهر آذار (مارس) المُنصرم، وبشكلٍ استثنائيٍّ بتوجيه صواريخ نوعيّةٍ باتجاه طائرات سلاح الجوّ التي اخترقت الأجواء السوريّة، وشدّدّت المصادر، بحسب الموقع، على أنّ الخطوة السوريّة جاءت بإيعازٍ وموافقةٍ من الجانب الروسيّ.

ونقل مُحلل الشؤون الأمنيّة في الموقع، أمير بوحبوط، عن المصادر ذاتها قولها إنّ الروس لا يقومون بتقديم المساعدة لإسرائيل في هذا المجال، وأنّ الحديث عن تنسيقٍ بين الطرفين، لا وجود له على أرض الواقع. وتابعت المصادر قائلةً إنّه عندما تتمركز قوّات معادية على طول الحدود السوريّة، أيْ إيران وحزب الله، فإنّ إسرائيل تجد نفسها ربمّا لأوّل مرّةٍ أمام واقع جديد وسلبيّ، على حدّ وصفها.

وشدّدّ المُحلل على أنّه بحسب قادة عسكريين كبار في جيش الاحتلال فإنّ الخطوة السوريّة كانت بمثابة رسالةً حادّةً كالموس لصنّاع القرار في تل أبيب، ومفادها أنّ قواعد اللعبة تغيرّت، وأنّ القرار بضرب الطائرات السوريّة اتخذ من قبل الجيش العربيّ السوريّ بعد الحصول على ضوءٍ أخضرٍ من موسكو. وتابع المُحلل، نقلاً عن المصادر نفسها، تابع قائلاً إنّه منذ تلك الحادثة خفّت وبشكلٍ دراماتيكيٍّ التقارير الأجنبيّة عن قيام إسرائيل باستهداف قوافل أسلحة في سوريّة تتجّه نحو لبنان، مقارنة مع السنوات الماضية.

يُشار إلى أنّ المُحلل يستخدم مصطلح التقارير الأجنبيّة، للالتفاف على قرار الرقابة العسكريّة الإسرائيليّة بحظر نشر أيّ معلومات عن الـ”نشاط” الإسرائيليّ العسكريّ في سوريّة.

علاوةً على ذلك اعترف المُحلل أنّ النظام السوريّ بقيادة الرئيس د. بشّار الأسد، بات مطمئنًا على وقع الانتصارات التي يُحققها مع الحلفاء، وتحديدًا ضدّ التنظيم الإرهابيّ-الهمجيّ “داعش”، كما أنّ حزب الله يُواصل في عملية تعاظم قوّته العسكريّة، ويسعى لامتلاك أسلحةٍ نوعيّةٍ تُساعده في الحرب القادمة ضدّ إسرائيل.

وشدّدّت المصادر في تل أبيب، كما أفاد الموقع العبريّ، على أنّ مصدر القلق لقائد سلاح الجوّ الإسرائيليّ الجديد، الجنرال عميكام نوركين، يكمن في أنّه من تحت الرادار يتطوّر التآكل في تفوق سلاح الجو وفي حريّة التحليق التي تمتّع بها في السابق، مُشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ حلم اليقظة الإسرائيليّ يتمثل في إقامة قواعد عسكريّة إيرانيّة في سوريّة.

ونقل الموقع عن مسؤولٍ إسرائيليٍّ رفيعٍ قوله إنّه إذا لم تقم واشنطن وموسكو بلجم إيران ومنعها من تنفيذ خططها العدوانيّة ضدّ إسرائيل من الأراضي السوريّة، فإنّه يتحتّم على الجيش الإسرائيليّ اللجوء إلى عمليات خلاقّة ومُبدعة لمنع التصعيد والوصول إلى المواجهة العسكريّة مع إيران، لافتًا إلى أنّه هكذا تتّم في منطقة الشرق الأوسط عملية تمرير الرسائل.

 

كلمات دلالية