خبر درراسي مأزوم .. خالد صادق

الساعة 10:47 ص|24 أغسطس 2017

فلسطين اليوم

بالأمس توجه أبناؤنا الطلبة والطالبات للمدارس مثقلين بالأزمات والهموم, ويحيطهم المستقبل المجهول من كل مكان, أزمات صنعها الاحتلال الذي يقيم الحواجز العسكرية داخل مدن الضفة المحتلة وفي القدس, وهى «حواجز موت» تحصد أرواح الفلسطينيين بمجرد الشبهة, ويتمركز داخلها جنود قتلة عنصريون, يقومون بتفتيش الطلبة والعبث في حقائبهم المدرسية, وإعاقة وصولهم إلى مدارسهم مبكرا, مما يضطر العديد من الطلبة, لسلوك طرق التفافية وعرة لأجل الالتحاق بمدارسهم ومواصلة تحصيلهم العلمي رغم انف الاحتلال.

وأزمات من صناعة الانقسام الفلسطيني, الآخذ في ضرب تفاصيل حياتنا, والعصف بمستقبل أبنائنا, والولوج في رحلة حالكة بعالم المجهول, هذا الانقسام الذي أدى إلى اختلاق أزمات جديدة في قطاع غزة تحديدا, كأزمة نقص الكتب المدرسية, وأزمة اكتظاظ الفصول بالطلبة في مدارس الوكالة والمدارس الحكومية على حد سواء, لتصل إلى نحو خمسين طالبا وطالبة أو أكثر في الفصل الواحد, وأزمة نقص المعلمين والتي من الممكن ان تتفاقم بشكل اكبر في حال إقدام السلطة على تنفيذ تهديداتها, وإحالة المعلمين التابعين لها إلى التقاعد, مما قد يؤدي إلى حدوث فراغ كبير في المدارس, والهدف من هذه الخطوة زيادة الأعباء المالية على اللجنة الإدارية التي تدير الأوضاع في القطاع, واضطرارها للاستعانة بمدرسين جدد ليس لديهم أية خبرات في التعليم, والدفع لهم من ميزانيتها المأزومة أصلا, أو حل اللجنة والانصياع لشروط السلطة.

كما أصبح العام الدراسي الجديد يمثل عبئا ماليا كبيرا على أولياء الأمور, من دفع للرسوم المدرسية, واقتناء الكتب, وشراء الملابس الخاصة والحقائب والقرطاسية, بالإضافة إلى المصروف اليومي لأبنائهم, والمدرسين الخصوصيين, والكتب التجارية, والملازم الخاصة, والرحلات وغيرها, وهذا كله ليس في استطاعة المواطن الغزي توفيره, مما يمثل عبئا ثقيلا عليه يزيد من همومه وأوجاعه, ويؤدي إلى تفاقم مشكلاته الأسرية, فيدخل في حالة صراع نفسي بين قدراته المالية المحدودة, وواجباته تجاه أسرته وأبنائه.  

هذه الأمور يعلمها الجميع, يعلمها المتنفذون في رام الله لأنها من صناعتهم, ويرون في تفاقم هذه الأزمات حلا لإنهاء الانقسام من خلال التمرد على حماس والعمل على إسقاطها بالثورة الشعبية والغضب الجماهيري, ويعلمها المتنفذون في غزة والذين لا يملكون مصباح صلاح الدين كما يقولون, ولا يمكنهم التغلب على هذه الأزمات في يوم وليلة, ويطالبون الناس بالصبر والتحمل وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية, وهذا منطق لا يقبل به المواطن الغزي ولا يقنعه خاصة مع كم الإشاعات الضخم الذي يضخ في الشارع الغزي لتشويه كل طرف للطرف الآخر, وإلقاء التهم جزافا, والتلاعب بعقول الناس.    

يا سادة الأزمة الفلسطينية لا يمكن ان تحل إلا بتغليب مصلحة الناس على المصالح الحزبية الضيقة, نحن لا زلنا نعيش تحت وطأة الاحتلال, الذي يتحكم في تفاصيل حياتنا, ويتلذذ بصراعنا الداخلي, يجب ان يبحث طرفا الانقسام عن نقاط مشتركة يلتقيان حولها, ويتجنبان النقاط الخلافية في المرحلة الأولى من التفاهمات بينهما, خذوا خطوة ايجابية واحدة باتجاه المواطنين حتى تحيوا فيهم الأمل, لأن الأمور وصلت إلى حد خطير وصعب ولا يطاق, ولم يعد المواطن يستطيع التحمل أكثر, والمواطن في هذا الوضع الصعب لن ينحاز لفتح أو حماس, أو السلطة أو اللجنة الإدارية, إنما سينحاز إلى معاناته وأوضاعه المعيشية الصعبة, ويبحث عن مخرج للحالة المتردية التي وصل إليها بفعل الانقسام, ولن تكون له محددات أو معايير تحكمه, إنما تحكمه الحالة التي يعيشها الآن, والتي أدخلته في عديد الأزمات .

كلمات دلالية