بقلم: أسرة التحرير
يرمي قانون المصادرة الى سلب الفلسطينيين الاراضي التي بنيت عليها منازل المستوطنين. وقد اجيز بخلاف رأي المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت. وفي خطاب تهكمي وكأنه أُخذ من رواية أورويل « 1984 »، منح القانون الاسم « قانون التسوية » – لانه بالفعل « يسوي » سلبا برعاية الدولة في ظل الخرق الفظ لقوانين الاحتلال، التي تستوجب من اسرائيل الحفاظ على حقوق المحتلين. ووصف بيني بيغن القانون بانه « قانون السلب ».
غير أن حكومة اسرائيل لا تتأثر بالمظالم التي تحاق بالفلسطينيين. وقد عقدت العزم على شرعنة سياسة الاحتلال الهدامة، وحتى فتاوى مستشاريها القانونيين أنفسهم لا يرفع غيها. إذ يمكن دوما العثور على أحد ما يكون مستعدا ليقوم بالمهامة التي يرفض مندلبليت عملها، لادعائة ان القانون ليس دستوريا. وهكذا استأجرت الحكومة محاميا من القطاع الخاص، هرئيل ارنون، ومن خلاله صاغت ردا أوليا الى محكمة العدل العليا على التماسين رفعهما فلسطينيون ضد القانون. وبعد أن تجاوزت من هم من مهمتهم تمثيل الدولة في الهيئات القضائية فأهانت بذلك احدى المؤسسات المركزية للحكم الاسرائيلي، تجرأت على أن تشكو من أن ابقاء الوضع على حاله « يمس مسا شديدا بثقة الجمهور بمؤسسات الحكم ».
وحطمت الحكومة ذروة التهكم حين بسطت مبرراتها ضد الالتماسات. ففي نقيض تام لمعادلة المحتل والخاضع للاحتلال، شرحت بان قانون المصادرة يشكل « استجابة انسانية معقولة ومتوازنة لازمة حقيقية » لكل اولئك « السكان الاسرائيليين »، الذين « يعيشون تحت سحابة انعدام اليقين » والتي « تهز حياتهم ». من الصعب التصديق، ولكن هذا ليس وصفا لوضع ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال وتسلب اراضيهم، بل لازمة المستوطنين، ممن اختاروا السكن خارج الاراضي الرسمية للدولة، والذين مجرد وجودهم هناك ليس شرعيا.
ان عملية قلب السبب والنتيجة لا تنتهي هنا. فالحكومة تشرح بان ابقاء الوضع على حاله يخلق « واقعا استقطابيا يمزق المجتمع الاسرائيلي المرة تلو الاخرى ». بمعنى أن المحكمة مطالبة بان تقر السلب ليس فقط كعمل قانوني صرف، بل انطلاقا من الاعتبارات الوطنية للوحدة الاجتماعية. اما الفلسطينيون فسيضطرون للتخلي عن ممتلكاتهم الخاصة كي لا يتنازع مواطنو اسرائيل الواحد مع الآخر.
حتى لو كان الأمر صحيحا أنه في بعض الحالات بنى المستوطنون بيوتهم في المستوطنات « حتى استنادا الى موقف الدولة »، ليس في ذلك ما يشرعن خرق القانون على نحو متواصل. هذه في اقصى الاحوال سببا يدعو المستوطنين الى رفع دعوى تعويض على الدولة. لا يوجد سبيل قانوني لشرعنة مشروع سلب الاراضي الفلسطينية. على المحكمة ان ترد ردا باتا ادعاءات الحكومة، وان تلغي هذا القانون غير الدستوري.