أين حقهم في التعليم الجامعي؟

تقرير هذا ما وصل له حال طلبة توجيهي « الانجاز » المتفوقين!

الساعة 04:10 م|18 أغسطس 2017

فلسطين اليوم

تعتبر مرحلة الثانوية العامة جسراً للطلاب للانفتاح على الحياة, والبدء بعالم جديد ألا وهو الدراسة الجامعية, ومع ذلك فإن الكثير من طلاب غزة والمتفوقين منهم  بشكل خاص لم يتمكنوا من الالتحاق حتى هذه اللحظة بأي جامعة، وفي ظل الأزمات التي تعصف بالشارع الغزي , تزداد حالات الاحباط لدى الطلاب , كلٌ كان يحلم حلمه .. قبل أن يرتطم بالواقع المرير. فتارةً الحصار المشؤوم , وتارة  أخرى ارتفاع نسبة الفقر والبطالة, والمعيقات الأخرى الكثيرة التي انتهت بخصومات رواتب السلطة .

طرق مسدودة

في حديثها  لــ  وكالة « فلسطين اليوم الاخبارية » عبرت الطالبة شيماء الخالدي الحاصلة على معدل 93.3% في الفرع العلمي، عن مدى اليأس الذي يصفع مشاعرها بين الحين والآخر .

وقالت الخالدي:« واصلت التحدي لبلوغ حلمي في دراسة الصيدلة طوال سنين الدراسة , وضاعفت جهودي في الثانوية العامة وحصلت على معدل مرتفع لهذا التخصص , واستمرت فرحة بلوغ الاهداف حتى صدمت بالواقع، وعدم  قدرة عائلتي على توفير الرسوم الدراسية للالتحاق بكلية الصيدلة » .

و أضافت: « حاولت البحث عن منح داخلية في الجامعات لكن لم أجد شيئاً يضمن لي الاستمرار بالدراسة الجامعية , وعندما فكرت بالدراسة في الخارج , قوبلت رغبتي بالرفض من عائلتي وفق العادات والتقاليد ».

ودعت الخالدي المسؤولين في قطاع التعليم لتوفير فرصة التعليم المجاني كما في  بعض الدول الأخرى التي تهتم بطلابها المتميزين وتعنى ببناء جيل قادر على الإبداع وخلق المعجزات .

معيقات وعراقيل

و هاك حلم آخر يتلاشى لدى الطالب أنس الشافعي الحاصل على معدل 95.9% الذي عبر عن مدى استيائه من الواقع الذي اصطدم فيه بعد أحلام دامت 12 عاماً , وما ترتب عليها من تعب وجد لبلوغها , ليبقى العائق الوحيد أمامه هو الوضع الاقتصادي لعائلته .

و عبر الشافعي عن لهفات اليأس التي تتملك قلبه قائلاً  :« بعدما اتخذت قراري في دراسة الطب , سارعت للتسجيل في الجامعات التي فاجأتني بأن ثمن ساعة تخصص طب الاسنان 100 دينار , حينها وكأن شيئاً ما في قد تحطم  , لكنني سارعت بلملمة أفكاري وبدأت بالبحث عن منحة دراسية خارج الوطن كي اتمكن من تحقيق حلمي , ومع ذلك فقد قوبلت رغبتي بالرفض من قبل عائلتي قلقاً علي ليس إلا »

وأضاف موضحاً أسباب مشكلته قائلاً: « عدد أفراد العائلة لدينا قد تجاوز 12 فرداً منهم  اثنين ملتحقين حالياً في الجامعات , والذي زاد الأمر تعقيداً هو أن والدي موظف في السلطة الفلسطينية وقد تم خصم راتبه الى ان وصل 70% , فلم يعد قادراً على إعالة العائلة ولا إدخالي الجامعة لأي تخصص كان » .

أفكار غريبة !

لوحظت تحركات جديدة وأفكار غريبة في أذهان الطلاب بعد انتهائهم من الثانوية العامة وحصولهم على معدلات مرتفعة , والتي منها كان تركهم للدراسة والهجرة للعمل خارج البلاد .

محمد كراجة الحاصل على 89.9 % أحد هؤلاء الطلاب , حيث فكر في الهجرة الى ألمانيا كي يبدأ بالعمل هناك ويحسن من وضع عائلته المادي.

و قال كراجة:« كنت أحلم دوماً أن أسافر وأدرس الهندسة في إحدى جامعات الخارج , ولكن الوضع المادي لعائلتي بات عائقاً أمام ذلك الحلم , ولأنني قد تعودت على التحديات , فقد قررت السفر والعمل ليل نهار في أي مجال كان , كي لا يحرم أخوتي من تحقيق أحلامهم وطموحاتهم » .

التحدي والإبداع

ومن تكن العلياء همة نفسه    فكل الذي يلقاه فيها محبب

هكذا بدأت الطالبة أمل أبو لبدة حديثها لمراسل وكالة « فلسطين اليوم الاخبارية ».

 أمل و التي هي طالبة في كلية طب الأسنان بجامعة الازهر , والتي كانت قد عقدت العزم منذ الطفولة لتحقيق ذلك الحلم , حيث أنها لم تستسلم أبداً للظروف المادية , فسارعت للالتحاق بمنحة الفاخورة بعد عام كامل من دراسة الفيزياء في كلية العلوم .

و قالت: « بحمد الله حصلت على معدل 95.8% في الثانوية العامة , فكادت  الأعشار القليلة تفصلني عن حلمي , حيث طلبت الجامعة 10 آلاف دينار للالتحاق بكلية الطب , وأنا التي كنت أفكر كيف سأسدد أقساط الرسوم كيف لي أن ادفع كهذا المبلغ ! , فقررت دراسة تخصص كنت متميزة فيه ألا وهو الفيزياء »

و تابعت تقول: « في اليوم الذي علمت بتفوقي في تخصصي الجديد وحصولي على مرتبة الاولى على الدفعة , تم قبولي أيضا في منحة الفاخورة لدراسة طب الاسنان في  جامعة الازهر , فالتحقت بكلية طب الاسنان وما زلت متميزة في مجالي وسأصل لمناي »

أما في موضوع العوائق المادية فقد حملت أمل المسؤولية الأكبر للطلاب أنفسهم، موضحة بأن ترك الدراسة و السفر للعمل ليس حلاً لهذه المشكلة خاصة في الظروف التي يمر بها القطاع , بل على الطلاب أن يتحدوا الواقع المرير بالحصول على منحة امتياز من الجامعة بعد تفوقهم واثبات جدارتهم , او السعي  للحصول على منحة خارجية من أجل تحقيق أحلامهم ,  كما وأنهم أيضاً بإمكانهم العمل في المهن التي يحبونها و استغلال مواهبهم الابداعية والعمل فيها بحيث لا تؤثر على دراستهم  , من أجل سد الثغرة المفتوحة وليتمكنوا من إعالة أنفسهم « .

وختمت أمل حديثها برسالة توجهها  للطلاب وأهاليهم قائلة : » هذه عادة المنهزمين , يبحثون عن عدو يبررون به هزائمهم , لذا فلا يجب أن نعلق همومنا ومشاكلنا على شماعة الأوضاع الصعبة , فمن أراد شيئاً سيحققه بإرادته وإصراره «

من جانبه طالب  د. محمد العمور، منسق اتحاد العاملين في الجامعات الحكومية بأن يكون التعليم العالي متوفراً لأبناء الطبقة المسحوقة في مجتمعنا، أو أن يكون التعليم شبه مجاني كما هو الحال في الجامعات في الدول الأخرى.

و أشار العمور في حديث خاص له خلال برنامج »حوار في قضية" الذي يُبث عبر اذاعة القدس الى أن واقع التعليم في بلادنا بشكل عام، و قطاع غزة بشكل خاص هو واقع مأزوم، و هناك فرق بين ما نحلم به وبين الواقع، حيث أن الجامعات أصبحت تتنافس منافسة تجارية غير شريفة على استقطاب الطلاب، دون أن يكون لديها تعليم تنافسي يلبي حاجات المجتمع.

 

 

كلمات دلالية