خبر هالو طهران، هنا واشنطن/ بقلم: تسفي برئيل

الساعة 03:05 م|14 ديسمبر 2008

هآرتس (المضمون: الاستراتيجية الجديدة في المنطقة تقوم على الحوار مع ايران بعد ان فشلت البدائل الاخرى وعلى اسرائيل ان تستعد لهذه الشراكة الدولية - المصدر).

 

ان كان العقد الاخير مؤشرا لنظام ما في فترة ولاية رؤساء الولايات المتحدة، فمن المقدر ان تكون فترة براك اوباما خالية من الحروب. جورج بوش الاب طلع علينا بحرب العراق، فاضطر بيل كلينتون الذي جاء وراءه في المنصب لمعالجة نتائجها. جورج بوش الابن شل الحرب في افغانستان والعراق- والان على اوباما ان يعالج بقاياها.

 

طريقة المعالجة المستقبلية التي سيتبعها اوباما بدات تلوح في الافق: قدر اقل من الجيش في العراق، زيادة الجنود في افغانستان واقتراح للحوار مع ايران. ملامح الاستراتيجيا الجديدة ما زالت غامضة. القوات الامريكية ستبقى اصلا في العراق حتى عام 2011 على الاقل، والدعم المقدم لافغانستان سيكون بناء على ذلك محدودا. الا ان قرر اوباما اطلاق عدد كبير من جنوده في الجبهة العراقية وتسريحهم من هناك. ولكن بالنسبة لايران فمن الواضح من الان انها قد تلعب دورا هاما بالطريقة التي يمكن للعراق فيها ان يؤدي دوره من دون الولايات المتحدة.

 

المؤشرات تدل على ان منظومة العلاقات التي قطعت بين ايران والولايات المتحدة قبل ثلاثين عاما يمكن ان تستعاد الان اكثر من اي وقت مضى. عرض الحوار الذي يتقدم به اوباما لطهران يظهر في الفترة التي تستعد فيها ايران للانتخابات التي ستجري بعد نصف عام، والحوار مع الولايات المتحدة قد يساعد محمود احمدي نجاد في حشد الناخبين الايرانيين لصالحه. ذلك لانه ان كانت الولايات المتحدة مستعدة لعرض دبلوماسية جديدة عليه وتتضمن الكثير من الحوافز الاقتصادية لدولة تعاني من ازمة اقتصادية عميقة، رغم اصراره وعزمه على مواصلة تخصيب اليورانيوم والمضي في مشروعه النووي، فبامكانه احمد نجاد ان يشير الى ذلك كانجاز شخصي مرتبط باسمه.

 

والاهم من ذلك، هو ان اقتراح اوباما لا يمكن ان يكون اقل مستوى من الاقتراح الذي قدمته الدول الست التي خاضت الحوار مع ايران في السنة الماضية وكانت الولايات المتحدة تحت قيادة بوش جزءا منها. هذا الاقتراح يعتبر ايران في السياق شريكة في ادارة الازمات الاقليمية، من العراق مرورا بلبنان وحتى الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني.

 

وفقا للافتراضات التي يرتكز عليها عرض الدول الست، لن تخرج الولايات المتحدة وحدها للحرب ضد ايران والمساعي الدولية الرامية الى تجديد العقوبات على ايران قد تظهر كمساع غير ناجعة وغير واقعية. عندما تقوم المانيا بتوسيع تجارتها مع ايران، وتوقع تركيا على اتفاق تفاهم لتطوير حقول الغاز، وتصرح روسيا عن انها ستطلب امتيازات بتطوير حقول النفط في محافظة خوزيستان، وتتعاون الصين مع ايران باحجام ضخمة بينما توشك الهند على التوقيع على اتفاق لمد انبوب غاز من ايران بمليارات الدولات- يبدو ان كل اجماع الدول على فرض العقوبات على ايران سيتطلع للقاسم المشترك الادنى، الذي لا يمس بالمصالح الاقتصادية لاعضاء مجلس الامن، صديقات ايران.

 

مستشارو اوباما المقربون، ووسطاء مجموعات الضغط الداعمة للشركات العملاقة ومجموعة اعضاء الكونغرس الامريكيين ، الذين ارسلوا رسالة للبرلمان الايراني وفيها دعوة للشروع بالحوار والمفاوضات، يمهدون الارض بصورة حثيثة للتقارب الايراني- الامريكي. بعضهم يشير الى ان بوش نفسه قد شرع بالتفاوض مع ايران حول العراق، وان الولايات المتحدة تجري حوارا مثمرا مع ايران في اطار منظمة منع نشر السلاح الكيماوي. وزد على ذلك ان تقرير بيكر – هاملتون كان قد اقترح منذ عام 2006 اجراء حوار مع ايران كما نعلم جميعا. ما الذي سيجدده اوباما في خطواته وعلى ماذا سترتكز الانتقادات الجمهورية الموجهة اليه، ان تصرف وفقا لتوصيات التقرير، الذي يمثل معدوه اجماعا جمهوريا- ديمقراطيا.

 

للوهلة الاولى، يتوجب على اسرائيل ان تشعر بالقلق من الاستراتيجية الامريكية الجديدة. منتقدوا هذه الاستراتيجية في اسرائيل يدعون انها تدلل على ضعف ووهل امريكي وعلى تنازل مسبق من دون مقابل لايران. القاموس الذي يستخدمونه مشابه لذاك الذي يستخدمه معارضوا الحوار مع سوريا. هم قلقون لان حوارا كهذا سيضعف عامل الردع الذي ينطوي عليه التهديد بتجديد العقوبات، او التلميح لاستخدام القوة. كما ان هذا النهج يشل قدرة اسرائيل على بث واطلاق تهديدات ضد ايران ، او حشد تأييد دولي ضدها- هذه المساعي التي تعكف اسرائيل عليها في السنوات الاخيرة بل ونجحت بدرجة كبيرة بالاقناع بشدة وجسامة التهديد الايراني.

 

ولكن من الافضل الافتراض، ان ضائقة اسرائيل وخيبة املها من سياسة اوباما لن تغير نواياه، وان الحوار مع ايران سيصبح الاستراتيجية القادمة. وليست هناك ذريعة للفزع والهلع في الواقع. بعد ان لم تؤدي العقوبات المفروضة على العراق لمنع الحرب ضد صدام حسين ولم تحول الحرب في العراق ، الشرق الاوسط الى منطقة اكثر هدوءا. قد يكون الحوار في هذه الحالة بديلا جديدا يبعث الامال.