خبر غضب ملكي - معاريف

الساعة 04:57 م|28 يوليو 2017

فلسطين اليوم

بقلم: جاكي خوجي
 
الصفقة التي عقدت هذا الاسبوع بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وملك الاردن عبدالله نجحت في بعث ابتسامة مؤقتة على وجه كثيرين في الحكم الاردني. ابتسامة، إذ كان فيها شيء ما من عناصر توزيع العدل. فالهدايا تمنح للاصدقاء وليس للاعداء. مؤقتة، إذ في غضون اقل من يوم فهم الاردنيون بان نتنياهو ضحك عليهم. صحيح أنه نفذ تعهده وازال البوابات الالكترونية، ولكنه اعلن عن نيته لاستبدالها بوسائل ذكية، دون التشاور مع الجانب الاردني ودون استيضاح موقف الاوقاف. وفي هذه الاثناء فان ابننا جميعنا نقل الى القدس.
 
 في عمان شاهدوا الصور التي اصدرها مكتب رئيس الوزراء من الاستقبال للحارس، ولم يصدقوا ما تراه عيونهم. في اسرائيل رأوا بطلا عاد الى الديار، وشاهدوا في الاردن التهليل حول رجل الامن الذي قتل اثنين من المواطنين. الراشد بينهما د. بشار حمارنة، كان صديق السفارة. طبيب ثري وصاحب املاك، يؤجر الشقق  التي بملكيته للدبلوماسيين بخلاف آخرين لا يتجرأون على الاتصال بالاسرائيليين. في ذاك المساء كان في الشقة مع مستأجره الاسرائيلي، زيف الحارس، ولاقى حتفه بالخطأ.
 
لسنوات طويلة يعمل الملك من خلف  الكواليس لتبديد التوتر في الحرم. ومثل رجال الاطفاء النشط يحمل انبوب المياه، يبعث بالرسل الى القدس، يدعو مسؤولين اسرائيليين كبار الى قصره، يضغط هنا ويحذر هناك. ليس في وسعه عمل الكثير، إذ ان اوراق الضغط التي توجد في يديه قليلة وهزيلة. ولكنك احيانا تحتاج في المنطقة الى راشد مسؤول ما، يكون لك في ساعة الضائقة. عبدالله هو هذا الراشد.
 
كان يمكن للملك أن يفعل مع زيف كل ما يروق له. ان يصر على اعتقاله، ان ينظم له لائحة اتهام خطيرة، ان يقرر حكمه بينما هو لا يزال تحت رعاية السفارة. كان يمكنه أن يحرض عليه الشارع، الاعلام، البرلمان، العالم العربي وكل من يعرف كيف يقدر (ويشم) الدم. عندما تحقق الدولة، تحاكم وكذا تقرر ما يكون العقاب، لا حدود للخيال. فقد سبق لامور كهذه ان كانت. ولكن عبدالله فضل مفاوضات موضوعية ومجدية، وناجعة، تكون مجدية للطرفين. بدون تسريبات، بدون احابيل مكثفة في وسائل الاعلام العالمية. وهكذا انقضت فقط 40 ساعة منذ قتل الاردنيان بمسدسه، الى أن وجد الولد نفسه حرا وسعيدا في حضن اعزائه.
 
ذكرتني أحداث هذا الاسبوع بعلي العايد، سفير الاردن في مصر. قبل نحو عقد ارسل العايد الى هنا ليكون على رأس سفارتهم في رمات غان. اسرائيل وحزب الله ادارا في حينه مفاوضات عنيدة لصفقة اسرى، في نهايتها اعيدت جثامين الضحيتين الداد ريغف، وايهود غولدفاسر. وطالب نصرالله بتحرير سجناء اردنيين ايضا. العايد جاء وذهب في مكاتب وزراء حكومة اولمرت لاقناعهم برفض طلب نصرالله وتحرر السجناء مباشرة الى الاردن. ومارس ضغوطه على نحو خاص على وزير الامن الداخليه في حينه آفي ديختر. وروى بشعور من خيبة الامل يقول: « قلت له لماذا تعطون جائزة لاعدائم، اعطوها للاصدقاء ».
 
المشكلة هي أن اسرائيل لا تعرف حتى كيف  تعطي الهدايا لاصدقائها. فوزير الخارجية الاردن ايمن الصفدي قال هذا الاسبوع ان الاستقبال الذي اعده رئيس الوزراء للحارس معيب. وفي القدس غير معتادين على أن يكشر هؤلاء الاردنيون اللطفاء، ولكنهم لم يقدروا بان اقوال الوزير ستكون مقدمة للهجمة المزبدة من الملك  على نتنياهو. وهكذا ولدت امس، بعد أن هدأ الحرم (ظاهرا) مشكلة جديدة. طلب اردني لتقديم الحارس الى المحاكمة – واذا لم تفعل ذلك – فسيرفض عودة السفيرة عينات شلاين الى المملكة. اما نتنياهو فلا بد انه سيقول انه لا مجال لعمل شيء لانه لم يكن شيء، ولكن عبدالله يبدو مصمما. اذا قدموه للمحاكمة فسيتلقون بالمقابل، وان لم يقدموه للمحاكمة فلن يتلقوا شيء.

 

كلمات دلالية