خبر باراك ايضا لن يهرب /بقلم: يوئيل ماركوس

الساعة 09:17 ص|12 ديسمبر 2008

هآرتس – مقال –  12/12/2008

كاتب دائم في الصحيفة

(المضمون: اذا احتاجت اسرائيل لان ترد على سؤال من قادر على ان يقرر ارسال 200 طائرة الى الهدف، نصفها قد لا تعود – فاني اثق بباراك اكثر من بيبي وتسيبي - المصدر).

ليس واضحا اذا كان هذا نصر اليمين المتطرف في الليكود، ليس واضحا اذا كان هذا ايهود اولمرت الذي يواصل اداء منصب رئيس الوزراء وكأن شيئا لم يحصل، الا أن تسيبي لفني ملت أن تكون الطفلة المقدسية الطيبة. فهذا الاسبوع شرعت بهجوم جبهوي ضد ايهود باراك واتهمته بالقصور الامني حيال نار القسام من غزة. "على النار نحو اسرائيل يجب الرد بالنار نحو غزة"، قالت، في انتقاد لا يقبل التأويل لوزير الدفاع. "من اليوم الذي جلب فيه التهدئة لا توجد تهدئة، وهذا الوضع يحتاج الى علاج سياسي وعسكري. في المجال السياسي اعالج أنا الامر، في المجال العسكري يجب على وزير الدفاع ان يقدم الخطط".

رد باراك كان: "لا تقلقي، غزة لن تهرب". هذا الرد الهازىء اثار غضب الكثير من سكان غلاف غزة. من السهل عليه ان يتحدث من مكتبه في الطابق الـ 14 في مقر وزارة الدفاع. عندما يكون سكان المنطقة في خطر دائم من نار الصواريخ ومدى الصواريخ يزداد كل يوم فان في اللغة الباراكية اكثر مما تسمع الاذن. ليس بالذات الخوف، بل برودة الاعصاب، يلمح بانه سيجد التوقيت المناسب لتنفيذ عملية سريعة وسلسة. ومثلما فاجأ المستوطنين في بيت النزاع في الخليل،  بالتوقيت وسرعة البرق اللذين نفذ فيهما اخلاء المبنى. فقد عمل حسب الطريقة القديمة لدافيد بن غوريون – "نحن نختار الطريقة، المكان والساعة التي نرد فيها".

في حرب لبنان الثانية ليس فقط لم يكن أي شيء من المفهوم البن غوريوني، بل بدت كاقتحام لفيل الى دكان الفخار، مما كشف لاعدائنا البطن الطرية لاسرائيل. اذا كانت هناك حرب تقرر فيها الردع الامني للدولة، فتلك هي الحرب التي لم ترغب فيها لفني، ولكن لم يكن لديها الشجاعة لان تصوت ضدها. وغريب انها الان بالذات تطالب برد بذات الصيغة، حين تهدد الصواريخ بعيدة المدى من كل صوب جبهتنا الداخلية.

لدى باراك يوجد شبه لطريقة العمل الاصيلة لموشيه دايان، والتي وصفت في حينه كغواصة يمكن رؤية ناظورها يطل حينا هنا وتارة هناك. الناظر يعتقد ان الحديث يدور عن قبطان لا يعرف الى اين يبحر. بينما العكس هو الصحيح: من الخارج تبدو الغواصة تتذبذب، ولكن القبطان يعرف بالضبط الهدف النهائي.

بعد ثلاثة ايام من تعيين دايان وزيرا للدفاع، في 3 حزيران 1967، في ذروة فترة الانتظار المضنية، عقد مؤتمرا صحفيا مع كبار المراسلين الاجانب الذي ملأوا البلاد. وعلى سؤال اذا كان الجيش الاسرائيلي سيهاجم مصر الان، جوابه الذي لا ينسى كان فن التضليل في افضل صوره: "متأخر جدا الرد بالقوة ومبكر جدا استنفاد الازمة بالطرق الدبلوماسية". الصحافيون خاب أملهم، وفي ذات الليلة عاد مراسل اجنبي غاضب يدعى ونستون تشرشل (الحفيد) الى لندن. بعد يوم اندلعت حرب الايام الستة ودمر سلاح الجو المصري بكامله في صباح اليوم الاول من الحرب.

باراك هو من نوع الاشخاص الذين لا يحبون قول شكرا لمن ساعدهم. بشكل عام علاقاته مع المساعدين القريبية تنتهي على نحو شبه دائم بحرد مرير. الحقيقة هي أن بعضا من اسلافه ايضا، من بن غوريون عبر مناحيم بيغن ودايان وحتى اسحق رابين، لم يشعروا ذات مرة بالامتنان لمن خدمهم.

في بؤرة جدول الاعمال الوطني لاسرائيل في السنة القريبة القادمة تبرز تحديات امنية من الدرجة الاولى: السؤال هو لمن توجد لديه عندنا الرؤية الاوسع للتشخيص كيف سيؤثر ما يجري في العالم على اسرائيل. 2. غزة وحماس، حيث لا يوجد لاحد أي فكرة كيف سينتهي الحال. 3. الموضوع الايراني، الذي يبدو أننا بقينا فيه وحدنا، 4. حزب الله في الشمال مع عشرات الاف صواريخه التي تصل حتى وسط الدولة. حيال هذه المشاكل، حكومة صقرية برئاسة الليكود من شأنها أن تظهر بانها البشرى الاكثر قسوة.

في هذا الوضع لا ينبغي للفني أن تنافس فايغلين بل ان تتطلع لاقامة كتلة بروح العمل وكديما، وعليه فانه يتوجب عليها أن تحافظ على علاقات وثيقة مع باراك. الحملة التي تعرض باراك بانه "ليس انسانا" سيئة؛ إذ أنه اذا احتاجت اسرائيل لان ترد على سؤال من قادر على ان يقرر ارسال 200 طائرة الى الهدف، نصفها قد لا تعود – فاني اثق بباراك اكثر من بيبي وتسيبي.

احد اصدقاء باراك يقول عن حق ان برودة اعصابه تجمد الدم. وعندما منه بالذات جاء القول ان من الافضل استمرار التهدئة على حملة عسكرية في غزة، من المجدي الاخذ برأيه. شوارع غزة وكل المداخل اليها ملغمة جميعها. وامام 14 قتيل بنار القسام حتى الان، هل جدير ان يقتل مئات الجنود، دون حل المشكلة؟ غزة لن تهرب وكذا باراك لن يهرب. ولكن من المؤكد بالنسبة له انه في اللحظة غير المتوقعة ولكن في التوقيت السليم، كل كلب بيجي يومه.