خبر عملية « الجبارين » والعدوان الإسرائيلي المستمر - بقلم: هيثم أبو الغزلان

الساعة 04:31 م|17 يوليو 2017

فلسطين اليوم

عملية مؤلمة للاحتلال الإسرائيلي نفذها ثلاثة مقاومين فلسطينيين من مدينة « أم الفحم » في باحات المسجد الأقصى بمدينة القدس المحتلة وأسفرت عن مقتل شرطيين إسرائليين. وقد اعتبر مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أليكس فيشمان، أنّ « شعرة واحدة فصلت بين عملية القدس وبين العملية الإستراتيجيّة، التي من شأنها أنْ تُشعل منطقة الشرق الأوسط »، وشدّدّ على « أنّ الإخفاق الأمنيّ الإسرائيليّ يصرخ للسماء »، على حدّ وصفه. وأشار إلى أن « مَنْ قاموا بتنفيذ العملية، تمكّنوا من اقتحام مواقع الحماية المُركّزة في المكان، والتي على حدّ تعبيره، هي من أكثر الأماكن حمايةً في الشرق الأوسط، وأكّدوا لكلّ مَنْ في رأسه عينان، كَمْ كان سهلاً اختراق الحصار الأمنيّ المفروض على المنطقة »..

وأعادت العملية إسرائيليًا طرح إمكانية تفجر انتفاضة فلسطينية من جديد، فقد حذّرت محللة شؤون الشرق الأوسط، سمدار بيري، من اندلاع انتفاضةٍ ثالثةٍ، لافتةً إلى أنّ الوضع خطير، لا بلْ خطير جدًا، وبات قابلاً للانفجار بسبب قدسية وأهمية المسجد الأقصى للمُسلمين، ليس فقط في فلسطين التاريخيّة، بل في العالم الإسلاميّ برمته.

والخطير ما حصل بعد العملية، من خلال قيام الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بإعدام المقاومين داخل حرم الأقصى على مرأى ومسمع من العالم، وقيام سلطات الاحتلال بإغلاق المسجد الأقصى أمام المصلّين لتكون هذه المرّة الثانية منذ احتلال الضفة الغربية بعد أن جرى إقفاله للمرة الأولى إثر إحراق المسجد عام 1969، أي منذ 48 عاماً. تكامل ذلك مع قيام وزير أمن الاحتلال والقائد العام للشرطة وعشرات العسكريين وعناصر المخابرات بجولات الاستفزاز داخل الحرم واحتجاز حراس المسجد والاعتداء عليهم، وكذلك اعتقال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين ونجله ومرافقه وهو يصلّي خارج المسجد كونه ناشد الفلسطينيين « الفزعة » لفكّ الحصار عن الحرم وأداء صلاة الجمعة في أقرب مكان ممكن إليه.

هذه الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة تضاف إلى سلسلة لا متناهية من الاعتداءات تتعلق بفرض قيود مشددة على دخول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، ومنع الأذان بمكبرات الصوت في مساجد القدس وبقية المساجد داخل الخط الأخضر، ومحاولات فرض التقسيم الزماني والمكاني، إلى قيام اللجنة الوزارية للتشريع، بالمصادقة على قانون لتعديل قانون أساس « القدس الموحدة »، والذي يتطلب أغلبية ساحقة من 80 عضو كنيست من بين 120 عضوًا بهدف أن يقرر الكنيست الإسرائيلي تقسيم القدس. ويهدف القانون إلى تشديد الإجراءات بشأن منع تقسيم القدس في إطار اتفاق سياسي مستقبلي. ويضاف إلى عملية الاعدام الميدانية، واعتقال المفتي، منع المسجد على المصلّين، بهدف العمل على إنهاء قضية القدس وإخراجها من معادلة الصراع.

في العموم، واجه الفلسطينيون المقدسيون رجالًا ونساء كل هذه الاجراءات الإسرائيلية، بإقامة صلاة الجمعة في شوارع وحارات القدس، رغم قيام سلطات الاحتلال باعتقال العشرات من أبناء القدس وبينهم مفتي الديار الفلسطينية، والأهم في هذه المواجهة صدور فتوى دينية عن دار الافتاء بالقدس تمنع المصلين الفلسطينيين من الدخول إلى الأقصى من الأبواب الالكترونية، لأن ذلك « لا يجوز »، ومن يفعل ذلك فإن صلاتة يشوبها الإثم، داعية إلى التجمع الدائم على بوابات المسجد الأقصى.

وفي الوقت الذي يواجه فيه المقدسيون بكل قوة، الوقائع المفروضة إسرائيلياً على الأرض، نجد للأسف أن حالة التضامن مع ما يحصل في القدس لم ترق إلى مستوى الحدث وما يجري على أرض الواقع، وما يسعى الإسرائيلي إلى تكريسه، وباستثناء الاعتصامات والتحركات التضامنية العادية وبيانات شجب وإدانة، وبيان سياسي مشترك صادر عن حركتي الجهاد الإسلامي وحماس، وقالتا فيه « إن ما يرتكبه الاحتلال من عدوان يومي يهدد بإشعال المنطقة بأسرها وينذر بحالة من الحرب التي تُصر الحكومة المتطرفة على أن تكون حرباً دينية »، وحذرتا « لا يظننن أحدٌ أن الشعب الفلسطيني يمكن أن يتخلى عن مقدساته ومسجده ومسراه ليتركه فريسة لسياسات الاحتلال الغاشم وإجراءاته الملعونة »..  وأكدتا أن « ما جرى من عدوان خلال الأيام الماضية لن يمر مرور الكرام »، وحذرتا الاحتلال من الاستمرار في عدوانه لأن ذلك « سيؤدي إلى تصعيد كبير يتحمل الاحتلال كامل المسؤولية عن تداعياته ».

إن خطورة ما يحصل في القدس المحتلة يُترجم إسرائيليًا من خلال الجرائم المستمرة ضد أهلنا المقدسيين، وضد المقدسات الإسلامية والمسيحية، ورغم التصدي البطولي من قبل أهلنا رجالا ونساء، إلا أن هذا الأمر غير كاف ـ رغم البطولة والفداء ـ، إن لم يجد دعمًا على كل المستويات فلسطينيًا، وعربيًا، وإسلامياً، ودوليًا، مسانداً لحق شعبنا الفلسطيني. وهذا يتطلب من الجميع التحرك العاجل لإنقاذ المسجد الأقصى، وضرورة تحمل الجميع لمسؤولياتهم الكاملة تجاه هذا المعلم الديني، خصوصًا مع وجود خطة إسرائيلية للسيطرة على المسجد الأقصى ومدينة القدس وتغيير معالمهما الدينية..

وفي المقلب الآخر، فإن عملية « الجبارين »، هي تأكيد على الدفاع عن الأقصى والمقدسات، ومواجهة كل ظروف الانقسام والتشتت عبر التأكيد أن الصراع يجب أن تبقى بوصلته باتجاه الاحتلال الإسرائيلي.. فهل وصلت الرسالة؟!

 

 

 

 

كلمات دلالية