خبر « المونيتور » يكشف.. هل بدأت حماس و« إسرائيل » مفاوضات صفقة تبادل جديدة؟

الساعة 07:03 ص|16 يوليو 2017

فلسطين اليوم

بصورة مفاجئة، كشفت هيئة البث الإسرائيليّة « كان » في 26 حزيران/يونيو عن تقدّم لافت في التفاوض بين « حماس » وإسرائيل في ملف تبادل أسرى، بوساطة طرف ثالث، رافضة كشف هويّته، لكنّ المباحثات شهدتها القاهرة.

وفي هذا السياق، أشار محلّل الشؤون السياسيّة في هيئة البث الإسرائيلية « كان » أمير بار شالوم، إلى أنّ المفاوضات اكتسبت زخماً خلال زيارة وفد « حماس » إلى القاهرة برئاسة رئيس مكتبها السياسيّ في غزّة يحيى السنوار بين 4 و10 حزيران/يونيو، حيث عقد لقاءات مع كبار المسؤولين المصريّين من جهاز المخابرات العامّة.

أمّا « حماس » فلم تردّ رسميّاً على الأنباء الإسرائيليّة، لا بالنفي ولا بالتأكيد، لكنّ المتحدّث باسمها حازم قاسم قال لـ« المونيتور »: « إنّ حماس تولي موضوع تحرير الأسرى الفلسطينيّين من السجون الإسرائيليّة أهميّة قصوى باعتباره قضيّة وطنيّة مركزيّة. وإنَّ دخولها بمفاوضات مع إسرائيل لإبرام صفقة تبادل جديدة للأسرى الإسرائيليّين لدى كتائب عزّ الدين القسّام - الجناح العسكريّ لحماس، يجب أن يسبقه التزام إسرائيل بصفقة التبادل السابقة 2011، وإطلاق سراح من تمّ اعتقالهم في عام 2014 بعد الإفراج عنهم في الصفقة. كما أنّ التسريبات الإسرائيليّة حول مفاوضات لصفقة تبادل جديدة لن تحقّق أهدافها باستدراج مواقف ومعلومات من »حماس« حول الأسرى الإسرائيليّين لديها، وإنّ الإسرائيليّين مطالبون بالتحرّك والضغط على حكومتهم، لأنّها مهملة في موضوع أسراهم لدى حماس ».

ففي حزيران/يونيو 2016، قررت عائلة « إفراهام منغستو » الأسير لدى حماس، التي تقول أنه جندي في الجيش الاسرائيلي تنظيم اعتصام أمام مكتب رئيس حكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للمطالبة باستعادة ابنها، فيما هددت عائلتا الجنديين الإسرائيليين الأسيرين لدى حماس « أورون شاؤول وهدار غولدن » في الشهر ذاته بإقامة خيمة اعتصام بشكل دائم أمام مكتب نتنياهو للمطالبة بالإفراج عن ابنهما. وبحسب تقارير اسرائيلية، قتل الجنديّان شاؤول وغولدن وما زالت حماس تحتجز جثتيهما بينما حماس تؤكد أنهما على قيد الحياة.

وتزامنت الأنباء الإسرائيليّة عن تقدّم بصفقة تبادل الأسرى مع « حماس » مع عقوبات إسرائيليّة ضدّ أسرى « حماس » في السجون الإسرائيليّة، وتمثّلت في 29 حزيران/يونيو بمنع عائلات أسرى « حماس » في غزّة من زيارتهم، وعددهم مئة أسير من سكان قطاع غزة فقط، فيما بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ما يزيد عن سبعة آلاف أسير، بينهم 330 من قطاع غزة، و680 من القدس، وستة آلاف من الضفة الغربية.

ونقلت صحيفة « إسرائيل اليوم » في 29 حزيران/يونيو ترحيب عائلات الجنود الإسرائيليّين الأسرى لدى « حماس »، بقرار منع زيارة أسرى « حماس » في السجون، للضغط على الحركة لإطلاق سراح الجنود الأسرى، فيما طالب وزير الحرب الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان في 6 حزيران/يونيو منظّمة الصليب الأحمر بزيارة الأسرى الإسرائيليّين لدى « حماس »، للاطمئنان عليهم، وهو ما رفضته حماس، دون إبداء الأسباب.

وقال مدير مكتب إعلام الأسرى عبد الرحمن شديد لـ« المونيتور »: « إنَّ القرار الإسرائيليّ هو بداية حرب على أسرى حماس لأنّه يأتي للضغط عليها في ما يتعلّق بالجنود الإسرائيليّين الأسرى لديها، واستجابة لنداءات عائلات الجنود الأسرى المطالبة بمعاقبة أسرى حماس في سجون الاحتلال. وقد يكون القرار الحلقة الأولى في سلسلة عقوبات ستفرضها إسرائيل على أسرى حماس في الفترة المقبلة، علماً بأنّ القرار لم يأت بسبب مخالفات ارتكبها الأسرى ضدّ مصلحة السجون الإسرائيليّة، بل جاء سياسيّاً حكوميّاً إسرائيليّاً بحتاً، وبدأت العقوبات على أسرى غزّة لأنّ الجنود الإسرائيليّين محتجزون فيها ».

تتزامن التسريبات حول صفقة تبادل جديدة مع « حماس » مع الذكرى الـ11 لاختطاف « حماس » الجنديّ الإسرائيليّ غلعاد شاليط في جنوب غزّة خلال عام 2006، واحتجازه 5 سنوات، وإطلاق سراحه عام 2011، مقابل إفراج إسرائيل عن أكثر من ألف أسير فلسطينيّ من ذوي المحكوميّات العالية.

من جهته، قال الخبير الفلسطينيّ في الشؤون الإسرائيليّة محمود مرداوي لـ« المونيتور »: « إنّ إسرائيل غير مستعدّة لصفقة تبادل جديدة مع حماس بسبب التركيبة الحزبيّة للحكومة الإسرائيلية وتوجّهاتها اليمينيّة، وستسعى الأحزاب المشاركة في الحكومة الإسرائيلية، خصوصاً البيت اليهوديّ، إلى رفض أيّ صفقة جديدة، حيث يدعو البيت اليهودي إلى اعتقال الأسرى المحرّرين بصفقة التبادل السابقة في عام 2011. وفي الوقت ذاته، لا ترفض الحكومة الإسرائيليّة أيّ وساطة لبدء مفاوضات تبادل مع حماس.

ومع ذلك، ففي حال تمّ الإعلان عن انتخابات برلمانيّة مبكرة في إسرائيل قد يذهب بنيامين نتنياهو إلى إبرام الصفقة مع حماس لتحقيق شعبيّة وجماهيريّة له بين الإسرائيليّين، لأنّ إعادة الجنود الأسرى إلى ذويهم تمثّل مطلباً شعبياً إسرائيليّاً، وربّما طلبت الولايات المتّحدة الأميركيّة من مصر خلال زيارة وفد حماس لها تحريك ملف الجنود الإسرائيليّين الأسرى لديها ».

وكان لافتاً تورط الولايات المتّحدة الأميركيّة في ملف الجنود الإسرائيليّين الأسرى لدى « حماس »، إذ أكّد السفير الأميركيّ في إسرائيل ديفيد فريدمان بـ26 حزيران/يونيو أنّ واشنطن غاضبة من « حماس » لرفضها إعادة الجنود الإسرائيليّين، وترى أنّ « حماس » مسؤولة عن معاناة عائلاتهم.

والتقى المبعوث الأميركيّ الخاص بعمليّة السلام جيسون غرينبلث في 23 حزيران/يونيو بعائلات الجنود الإسرائيليّين الأسرى، معبّراً عن غضبه من تصرّفات « حماس » باحتجازهم، واصفاً ذلك الفعل بغير الإنسانيّ.

وبدوره، قال أسير فلسطينيّ في معتقل ريمون بصحراء النقب، أخفى هويّته، لـ« المونيتور »: « إنّ العقوبات الحاليّة التي تفرضها السلطات الإسرائيليّة على المعتقلين الفلسطينيّين تتشابه مع ما كانت تفرضه إبان مفاوضات صفقة التبادل السابقة، من أجل الضغط على الأسرى داخل السجون، وقيادة حماس خارجها، لخفض مطالبها، وإطلاق سراح الجنود الإسرائيليّين بأقلّ الأثمان في صفقة تبادل قادمة ».

وكان الرئيس السابق للمكتب السياسيّ لـ« حماس » خالد مشعل أعلن في نيسان/إبريل أنّ أطرافاً، لم يسمّها، تقدّمت بوساطات لإتمام صفقة تبادل بين « حماس » وإسرائيل، لكنّها اصطدمت بعقبتين: الأولى، محاولة الاحتلال تجاهل القضيّة، وإظهاره أنّه لن يعود إلى التفاوض.

 والثانية، رفض « حماس » بدء التفاوض غير المباشر معه، إلاّ بعد الإفراج عن أكثر من 60 أسيراً حُرّروا بصفقة التبادل الأولى في عام 2011، وأعادت إسرائيل اعتقالهم في أواسط عام 2014.

بين التسريب الإسرائيليّ وعدم تأكيد « حماس » أو نفيها أحاديث البدء بمفاوضات صفقة تبادل جديدة، لا يبدو أنّ هناك دخّاناً من غير نار، فقد يكون الجانبان قد شرعا أخيراً في الحديث عن هذه الصفقة بوساطة مصريّة، من دون أن يعلنا رسميّاً عنها، نظراً لما تتطلّبه من سريّة وتكتّم، لكنّ نجاح الصفقة أو فشلها مرهونان بتطوّرات أهمّها استمرار تطبيع علاقات « حماس » مع مصر، كونها الوسيط المتوقّع، وتوقّف إسرائيل عن معاقبة أسرى « حماس »، وإحداث تغيّر في تشكيلة الحكومة الإسرائيليّة، وهذا لا يلغي فرضيّة أن تواصل المخابرات الإسرائيليّة مساعيها للعثور على جنودها، وإعادتهم من دون دفع أثمان لـ« حماس ».

 

كلمات دلالية