خبر مستوى الاعلام الهابط فلسطينيا.. ما عاد يُطاق../ ناصر السهلي*

الساعة 12:27 م|11 ديسمبر 2008

* كاتب فلسطيني مقيم في الدانمارك 

11/12/2008  09:24 

 

لم يعد للمراقب لمستوى الخطاب السياسي الذي تبثه "وسائل الاعلام" وأدواتها إلا أن يقف حائرا في بحثه عن الهدف المرجو من وراء هذا الانحدار الذي يصل إلينا بدون شوائب.. بل تزيده حيرة تعليقات في كبريات وسائل الاعلام العربية ( التي تبث فضائيا وتسمح بالتعليق على أخبارها)..

 

لا يبدو مفيدا، للخروج من الحيرة، أن نعيد كل التخاطب السياسي- الاعلامي الذي رافق الازمة الفلسطينية.. ولا حتى ما طرحه غيرنا في ذات الاتجاه وفي أكثر من مناسبة..

وبالرغم من ذلك يبدو "التلاسن" الأخير نموذجا حيا لما نقصده بجر الخطاب الاعلامي القضية الفلسطينية إلى مستويات لم نكن لنتخيلها عند القارئ العربي المعلق على ما يسود الساحة الفلسطينية من تعمق للشرخ واصرار على نهج عدم التلاقي تحت حجج لا منطق ولا تعقل يقبل بها..

 

في النموذج الذي أتحدث عنه تنشر وسيلة إعلام عربية خبرا رئيسيا بعنوان "أبو مازن وصفهم بـ"كفار قريش" وهم شبهوه بـ"مسيلمة الكذاب".. عباس وحماس يستوحيان التاريخ الإسلامي في حربهما الكلامية!

 

في الصياغة والتفصيل تشعر بحالة أن لغة "الردح" ( وأعتذر عن التوصيف) هي السائدة في نقل التصريحات المتبادلة والتي لا يمكن أن تكون مجرد "تلاسن" إعلامي أبدا.. فهي لغة تجر معها تعليقات القارئ العربي إلى مستويات متدنية وحتى شوارعية لا تصلح لأن تكون في خانة التعبير عن الرأي..

 

إستنباط السياسي لشواهد وأمثلة تاريخية، في هذه الحالة تحديدا، ليس فيه فائدة لا للقارئ ولا للمحازب بقدر ماهي فتح شهية التنفيس عن مكنونات "القطيعة" التي أصابت حتى عقل بعض العرب مع قضية فلسطين التي لا أشك أنها ما تزال، رغم قتامة المشهد القضية المركزية لدى هؤلاء، لكن ثمة من يرى "قدسية" في موقف الطرف الأول والطرف الثاني.. والاستدلال التاريخي الاسلامي للوصف يجعل من هالة القدسية أكثر تمسكا وتعنتا في استخدام الاستعارات التي لا تصب في خانة الحقيقة..

 

إنحدار الخطاب الاعلامي الى المستويات التي لا يقبلها العقل تسهم، سواءا قبل أو رفض مطلقوها، في تأزيم ومكانة وصدقية السياسة عند كل طرف من الاطراف المتربصة بالحالة الفلسطينية.. وعليه يمكن تلمس ما وصلنا إليه من مراقبة بعض الردود، والتي نحتفظ بالمئات منها كلما ذُكر الحدث الفلسطيني مع استمرار هذا التباعد والافتراق بين أبناء القضية الواحدة، وهي ردود تؤشر الى خطورة تدني الموقف من مأساة الشعب الفلسطيني..

 

للدلالة على ذلك سأذكر بعض الردود على الخبر المذكور أعلاه والذي أُقحم فيه "كفار قريش" و "مسيلمة الكذاب"..

 

[[1 - خربتوا الدين

جزائري (زائر)

|

09/12/2008 م، 06:38 مساءً (السعودية) 03:38 مساءً (جرينتش)

ما حدا خرب الاسلام غير الفلسطينيية مشاكل وحروب وتأمر يا حفيظ ]]

 

فهل هذا الزائر لوسيلة إعلامية تسمح لنفسها تحت سقف "حرية التعبير" يحق له أن يذهب إلى ما ذهب إليه في الادعاء بحرصه على "الدين" من خلال التعميم والاتهام والصلف اللغوي باسم "جزائري".. ليأتي بعده من يجهل موقف الشعب الجزائري من قضية الشعب الفلسطيني ليرد بتهم أسخف من التهمة المذكورة أعلاه..

 

زائر آخر يفتخر فيما يبدو بأنه يعيش في السويد يذهب إلى أبعد من مسألة "تخريب الدين".. فلنمعن بما ذكره:

 

SWEDENNNNNNNNNNNNNNNNNNNN[[

SWEDEN (زائر)

|

09/12/2008 م، 06:51 مساءً (السعودية) 03:51 مساءً (جرينتش)

القضية الفلس طين نية اصبحت مملة وبايخة..شبعت شحادة وذل.اصلا الارض ملك للشعب اليهودي من زمان كتير يا حلوين يا كربيج..]]

 

واضح ما وصلت إليه "حرية التعبير" في تقسيم اسم فلسطين على النحو الذي ذهب إليه المعلق.. والادعاء الفارغ بملكية الارض مع الاستهزاء بحقوق الشعب الفلسطيني!

 

أما التعليق التالي، والذي سأكتفي به من بين مئات التعليقات فإنه يصدر عن عقل يدعي أولا التدين اللفظي والحرص على الفلسطينيين ثانيا رغم كل ما يحمله من إنعكاس لممارسات الساحة الفلسطينية.. وكله تحت بند "حرية التعبير" أو التعليق..

 

[[9 - فخار يكسر بعضه ارهابيين تخاصمو لاردهم الله النوريه الفلس الطين

سعودي واقعي (عضو مسجل)

|

09/12/2008 م، 07:00 مساءً (السعودية) 04:00 مساءً (جرينتش)

هذا ديدنكم يافلس طينيين الاارهاب السب القذف الشتم وقلة الاادب مع بعضكم.كيف تريدون سلام مع دولة اسرائيل الشقيقه وانتم بعضكم البعض لاتستطعون صنع سلام وحوار بينكم سبحان الله قمة التناقض؟والله ياعربية هلكتونا بااخبار الغجر ايش نعمل لكم اذا انتم بدكوش الكضية تنحل,سلمللي على ابوالعبد وام العبد وابوالطف وابوالهول وام الهول.[email protected] ]]

 

لا أعتقد أن هذا التعليق يحتاج للكثير من التعليق، فناقل الكفر من جهتي ليس بكافر وعليه قمت بنقل هذه الجهالة التي تصيب العقل العربي بمقدمات ونتائج غير مبشرة!

 

لكن، وبالرغم من ذلك، وبعيدا عن مسؤولية وسائل الاعلام الاخلاقية في التمييز بين حق التعبير والنشر وافساح المجال لكيل الاتهامات والشتائم والتعميم بحق شعب بأكمله، فإن المشهد الفلسطيني في شقه السياسي والاعلامي يتحمل مسؤولية كبرى فيما قلناه ونقوله دوما عما تسببه حالة التشرذم والعداء المستعصي فلسطينيا أكثر من تناقضه الرئيس مع الاحتلال والهدف الأسمى للشعب الفلسطيني الذي لا يستحق أبدا أن تكون تضحياته ونضالاته بهذا المستوى اللغوي في التخاطب البيني عبر وسائل الاعلام ..

 

المراقب للحالة الاعلامية والصياغات اللغوية التي تحملها بالتأكيد يصاب بغثيان مما وصلنا إليه في التخاطب البعيد كل البعد عما يفترض بالعقل السياسي والاعلامي، وخصوصا في ظل ما يجري في الخليل من اعتداءات باتت ثانوية في الخطاب الاعلامي لدى الطرفين وما يجري على المستوى الاوسع منذ أنابوليس حتى استمرار حصار غزة تحت مرأى ومسمع أصحاب القضية ومحيطها العربي والدولي..

 

المسؤولية في الجهل والتجهيل ليست هي محور نقاشنا الان، وإن كانت مرتبطة بهذا المشهد المأساوي الصامت، بل ما يصدر عن أطراف الأزمة الفلسطينية من انحدار شامل في اللغة والسياسة والاعلام.. ولست واهما حتى أصدق بأن عمق الازمة سطحي ليتوقف هؤلاء غدا متأملين في مرآة ذاتهم إلى المستوى الذي وصلنا إليه.. حتى أني غير متأكد إن كان هناك من أصحاب تلك الخطابات من يقرأ ما يجري بعد إلقاء ما يلقونه من نفايات لغوية بوجه الاعلام والمتلقي.. وإلا لكنا شهدنا بعض التحسن في "الردح"!