خبر يد الشيخ الجريحة /بقلم: سمدار بيري

الساعة 03:44 م|10 ديسمبر 2008

يديعوت - مقال - 9/12/2008

مراسلة الصحيفة للشؤون العربية

(المضمون: فقط ان ننسحب من المناطق المحتلة، مثلما فعلنا في سيناء، وسلام رائع سيلفنا. انظروا ماذا يحصل بعد مصافحة واحدة بريئة  -  المصدر).

        توجد طريقتان للمصافحة في العالم الاسلامي: الطريقة العادية، التي تصافح اليد اليد الاخرى على نحو خاطف. وفي طريقة اكثر حميمية، تجدك تضع كفتي اليد اليمنى واليسرى وتغلق على اليد الممدودة لك بحميمية. الطريقة الحميمة ترمي الى الرمز للصداقة الحميمة واعلان النوايا الايجابية، وكذا عن عمق المعرفة.

        هذا هو الخطأ (واعداؤه يسمونه "الجريمة") الذي ارتكبه شيخ الازهر من مصر، د. محمد طنطاوي الذي التقطته عدسة الكاميرا في اروقة الامم المتحدة في نيويورك وهو يبتسم ابتسامة لطيفة نحو رئيس الدولة شمعون بيرس ويغطي كف  يديه الممدودة بالطريقة الحميمة.

        عندما وقع عليه وابل ردود الفعل الاولى حاول طنطاوي، رئيس المؤسسة الشرعية الاهم والجامعة الدينية الكبرى في مصر، الدفاع عن نفسه بحجة "لم اعرف". وبرر قائلا: "جاء نحوي رجل ومد يده، فماذا كان بوسعي أن افعل؟".

        ولكن من الصعب ان نصدق بان رجل الدين الاكبر في القاهرة لم يشخص رئيس الدولة الاسرائيلي، وهو محوط بحزام من الحراس والمساعدين. اسهل من ذلك ان نخمن بان طنطاوي لم يتصور ماذا سيكون مصيره بعد أن تنشر الصور؟

        نائبان في البرلمان يطالبان الان بتنحية الشيخ، ومفكرون يدعون الى تقديمه الى المحاكمة بتهمة الخيانة، آخرون يطالبون بان يوضح سلوكه "الحقير" وان ينشر رسالة اعتذار عن "الجريمة". كيف يمكن لصاحب الصلاحية الدينية العليا في نظر عشرات الملايين ان يصافح "بيرس القاتل"؟

        قنوات التلفزيون في العالم العربي، ولا سيما في مصر، لا تخفف الضغط عليه. اصحاب الاقلام يجلدونه على "المس البشع" وعلى ضعضعة صلاحيات الازهر. وهم يهددون دون خجل، بانه لن يكون بوسعه أن يوقع على الفتاوى او يشير الى كيفية التصرف بروح الاسلام بعد هذه المذلة والمهانة.

        طنطاوي، الذي يجر وراءه "مع وقف التنفيذ" مصافحة فضائحية سابقة مع الحاخام الرئيس السابق يسرائيل لاو، لم يبقَ صامتا. فكيف يمكن كما يواجه المشهرين به ان تهاجموني كل يوم منذ اسبوعين بينما دولتي وقعت على اتفاق سلام وعلاقات طبيعية مع اسرائيل قبل 30 سنة؟

        مفاجىء ومخيب للامال ان نتبين ان ليس هناك من سيحاجج في النوافذ العليا للقاهرة في صالح الشيخ. لا احد في مكتب الرئيس، في وزارة الخارجية، في وزارة الاديان سيخرج لوقف الهجوم اللاذع الذي من شأنه أن يجبر "المجرم" على الامتناع عن الظهور في اماكن مكتظة خشية ان يحاول المتزمتون الانفعاليون المس به.

        الكاتب والحائز على جائزة نوبل الراحل نجيب محفوظ اصابوه بجراح ميؤوس منها بطعنان السكين في القاهرة بسبب تأييده الظاهر للسلام. الممثل السينمائي عمر واكد استدعي للايضاح الانضباطي في نقابة الممثلين، بسبب ظهور مشترك مع زملاء من اسرائيل. المسرحي علي سالم القي به الى الخارج من اتحاد الكتاب واصبح عاطلا عن العمل فور عودته من زيارة عندنا. صحافيون في القاهرة لا يتجرأون على مقابلة سياسيين اسرائيليين خشية أن يفقدوا وظائف منشودة.

        والان الهجوم الكاسح على شيخ الازهر، والذي يرمي الى ردع كل من يحاول اظهار حتى ولو ذرة من التطبيع مع "العدو الصهيونية".

اعلانات بارزة في وسائل الاعلام الاسرائيلية تحدثت لنا عن ان تبني المشروع السعودي سيجلب السلام الكامل والعلاقات الطبيعية مع 57 دولة اسلامية. من مول الاعلانات يعدون بسلام شامل بروح النموذج المصري. فقط ان ننسحب من المناطق المحتلة، مثلما فعلنا في سيناء، وسلام رائع سيلفنا.

وانظروا ماذا يحصل بعد مصافحة واحدة بريئة.