خبر مصالحة عباس وانفصال دحلان!.. بقلم: د. أحمد الشقاقي

الساعة 06:55 ص|19 يونيو 2017

فلسطين اليوم

يذهب البعض نحو توجيه الاتهام للفاعلين في العمل السياسي الفلسطيني وفق التوجه والانتماء والمصلحة الشخصية المباشرة، وتتعقد الساحة الفلسطينية بشكل التحالفات التي ترتسم على حساب المواقف المسبقة.

غير أن عالم السياسة لا يحتكم إلى الموقف الثابت طالما كان يتعلق بالتكتيك وليس المبدأ. وبالتطبيق على ما تشهده الأراضي الفلسطينية فإن البعض يحاول تصوير المشهد على أننا نقف على عتبة اختيارين لا ثالث لهما إما عباس أو دحلان.

هذه الصورة مخالفة للحقيقة لأنه لا يمكن أن يعدم شعبنا الخيار، فبرنامج المقاومة وفريقه أصحاب الحظوة الأولى في الشارع وبين القواعد الشعبية، وان كانت الظروف الراهنة تتشكل وفق معايير المعاناة التي يكابدها الفلسطيني وبالتحديد في قطاع غزة.

أما مسألة أن الخيار العباسي أو الدحلاني هو أفضل من غيره ، فإن مقارنة بسيطة بين أصحاب التوجهين تجعلنا ندرك محدداً رئيسياً لا خلاف عليه، وهو  أن الاثنين يحملان تصورات مشتركة لشكل الصراع مع الاحتلال واليات إنهائه، وبالتالي فإن البرنامج السياسي مشترك وواحد، ويتبنى الخيار السلمي والتفاوضي مع الاحتلال.

وإذا ذهبنا لقضية التنسيق الأمني فإن الادعاء بأن النائب دحلان مؤسس التنسيق الأمني في تسعينيات القرن الماضي، فإن الرئيس عباس هو صاحب تقديسه حتى اللحظة!

قد نجد اختلافا، في الهجوم المباشر من قبل الفريق العباسي على سلاح المقاومة كما يحدث في الضفة المحتلة تحت عنوان السلاح الشرعي الواحد، واعتقال المقاومين ومحاصرتهم. وبين الفريق الدحلاني الذي لا يتعرض لسلاح المقاومة ويتجنب الهجوم عليها في الحد الأدنى.

واهم الاختلافات بين التيارين الفتحاويين أن احدهما يسعى وفق ما يعلن لكسر حدة معاناة أهل غزة بالتوافق مع حماس، وبما يسمح بعودته للقطاع بعد سنوات الانقسام. في حين أن الآخر يسعى لإخضاع غزة للشرعية وفق رفع وتيرة معاناة أهلها للضغط على حماس حتى وان كان ذلك بالتعاون مع الاحتلال.

أمام هذه النقاط المشتركة بين «التيار»، «والشرعية» فان الحديث عن مصالحة أو انفصال هو اجتزاء للحقيقة ويمكن قراءة المشهد وفق الملاحظات التالية:

أولاً: استمرت جهود المصالحة طوال سنوات الانقسام العشر وتنقل الطرفان فيها بين عواصم العالم دون جدوى، وما تفاقم هو المعاناة بكل أشكالها للمواطن في غزة.

ثانياً: الدعوة لتبني مفهوم كسر الحصار بمعنى إنشاء دولة غزة مخالف للواقع، لأن كل الأطراف الفلسطينية سترفض هذا الجسم، وبالتالي فان تحمل فاتورة المعاناة والحصار لا يعني التمسك بالوحدة.

ثالثاً: إغلاق معبر رفح، بدأ  قبل الانقسام الداخلي، وعلى اثر عمل مقاوم عام 2006 وليس بسبب بسط حركة حماس لسيطرتها الأمنية على القطاع.

رابعاً: نقطة خلاف رئيسية في الصراع السياسي الفلسطيني الداخلي، كان دحلان وفريقه وبالتالي التوافق بين هذا الطرف وحماس المفترض أن تكون خطوة مهمة نحو المصالحة الشاملة، وليس الانفصال. غير أن هذا التشكيك يأتي لظروف فتحاوية خالصة ومنافسات تنظيمية داخلية.

خامساً: ارتبط اسم النائب دحلان بالرباعية العربية، وهذا يعني أن هناك مساندة لهذا التيار بشكل أو بآخر، وهذا يستدعي استثمار هذه الحالة في خدمة الصالح الفلسطيني، مع رفض أي املاءات تستهدف المقاومة وسلاحها.

إن التحذير من الانفصال وكأن الانقسام اقل سوءاً فهذا كارثي؛ لأن تأسيس واقع الانفصال صنعه برنامج التسوية منذ انطلاق مشاريع السلام في مدريد وأوسلو، وبالتالي فان الاستسلام للأصوات المستفيدة من الانقسام الرافضة لأي تغيير في المشهد حتى تستمر مصالحها هو خضوع للانقسام وأزلامه.

أخيراً نحن بحاجة إلى كافة الجهود الفلسطينية مجتمعة، فالمقاومة وفصائلها ثقتنا بهم كبيرة، وإذا كان أبو مازن يسعى نحو المصالحة فلنذهب سريعا لتفعيل الإطار القيادي المؤقت والتحضير للانتخاب الشامل بما فيها المجلس الوطني وفق تفاهمات تحضيرية بيروت ، وإذا كان دحلان وفريقه يمتلكان أدوات عملية تسهم في تخفيف معاناة أهل غزة فلنذهب عاجلا نحو إنارة غزة وفتحها إلى العالم عبر معبر رفح.

وعود كل طرف ستبقى معلقة وبالتالي الجمهور ينتظر اختراقاً عملياً يلمس منه تغييرا لتفاصيل المشهد. وعليه فإن الحكم على هذه الوعود سيبقى مرهونا بمدى تطبيقها.

كلمات دلالية