خبر الدولة تمنع وصول الفلسطينيين الى اراضيهم خلف الجدار.. هارتس

الساعة 12:17 م|28 مايو 2017

هآرتس

بقلم: عميره هاس

الاضراب انتهى. ليس الاضراب المشهور للأسرى الفلسطينيين، بل اضراب آخر يتعلق بعشرات آلاف العائلات الفلسطينية، التي يتم سجن اراضيها بين جدار الفصل والخط الاخضر – ما يسمى باللغة العسكرية الحد الفاصل. في نهاية شباط قرر ممثلو لجان الارتباط الفلسطينية في قلقيلية وطولكرم وسلفيت وجنين التوقف عن ايصال طلبات المزارعين الفلسطينيين الى الارتباط من اجل الحصول على تصريح دخول الى اراضيهم (واستمروا في ايصال طلبات تصاريح عبور اخرى).

الحديث يدور عن اراضي كثيرة، حوالي 137 ألف دونم حسب معطيات الادارة المدنية (94 ألف دونم منها بملكية خاصة). إلا أن الاجراءات الجديدة وتفسير الاجراءات القائمة، قلصت الاراضي التي يسمح للفلسطينيين باستصلاحها. وفي نهاية 2016 زادت التقارير حول الصعوبات الجديدة التي يواجهها المزارعون عند طلب تصريح الدخول الى اراضيهم. “لا نستطيع الموافقة على اجراءات تساعد اسرائيل على السيطرة على آلاف الدونمات، بذريعة أن الاراضي متروكة”، قال ممثلو لجان الارتباط لتفسير خطوتهم الاستثنائية.

 خلال ثلاثة اشهر لم يستطع المزارعون من تجديد التصاريح، وهناك خشية من تلف محاصيلهم. وقد تم طرح هذا الموضوع بين رئيس الادارة المدنية، العقيد احفات بن حور، ونائب وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، أيمن قنديل، في يوم الثلاثاء الماضي.

وقد حضر اللقاء ايضا ممثلون وموظفون من الطرفين. وقد أدرك أحد الفلسطينيين أنه مقابل العودة الفورية الى العمل سيتم تجميد الاجراءات حتى 15 حزيران. وحتى ذلك الحين سيقوم بن حور بفحصها، (“نحن نأمل خيرا”). في الادارة المدنية لا يتحدثون عن التجميد، بل عن “مراجعة عدة مواضيع تتعلق بأوامر الخط الفاصل”.

بدون صدى

إن هذا الاضراب، بشكل مفاجيء، لم يكن له صدى الى ما بعد المزارعين وعائلاتهم، رغم أنه يتعلق بمصير احتياطي الارض للجمهور الفلسطيني كله. قد لا يكون هذا الامر مفاجئا، لأنه منذ شهر تشرين الاول 2003 يُمنع الفلسطينيون من حرية الحركة في المنطقة. في حينه اصدر الجنرال موشيه كابلنسكي، قائد قوات الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية، أمرا عسكريا حول اغلاق المنطقة غربي خط الجدار. مواطنو اسرائيل وسكانها ومن لهم الحق في الهجرة الى اسرائيل حسب قانون العودة، وسياح ايضا، يحق لهم الدخول الى المنطقة بحرية. وفقط الفلسطينيون هم الذين يُطلب منهم اذن دخول الى بيوتهم واراضيهم. إن دخول الفلسطيني من اجل السكن ممنوع هناك. منذ العام 2009 تقوم الادارة المدنية كل بضع سنوات بنشر عدد من الأوامر لاعطاء التصاريح. وفي شباط الماضي نشرت كراسة الأوامر الخامسة. بعض الأوامر ليست جديدة، لكن مع دمجها مع تلك التي تظهر لاول مرة، ومع تفسير جديد للأوامر السائدة، فان جرس التحذير بدأ يدق بقوة.

أحد الأوامر يتعلق بالتقاليد الفلسطينية الخاصة بالفلاحة العائلية الجماعية. ويتبين أن الادارة المدنية لا تعترف بذلك وهي تقوم بفرض تقسيم الارض على السكان بناء على عدد الورثة، حتى لو فضلت العائلات واعتادت على التعاطي مع الارض كقطعة مشتركة. وعند الحديث عن ارض مسجلة على اسم الأب المتوفى أو الجد المتوفى، اذا لم تكن حاجة للبيع، فان العائلات تفضل ابقاء الارض كاملة والتفاهم حولها: الأخوة وأولادهم يقومون بفلاحة الارض، واحد يدفع من اجل التراكتور والسائق، وأخرى تساهم في شراء البذور أو أدوات العمل وواحد يخرج الى السوق ويتم تقاسم الغلة. إن أوامر الفصل الاصطناعي تم ادخالها لاول مرة في كراسة الأوامر في العام 2014. ويتبين من الحديث مع المزارعين في نهاية 2016 أن بعض المزارعين عملوا حسب هذه الاوامر. وموظفو لجان الارتباط الفلسطينية لم يدركوا بعد أن هذه أوامر تنذر بالسوء.

وقد تم هنا اضافة تفسيرات جديدة غير مكتوبة في كراسة الاوامر الجديدة. ويبدو أنه في النصف الثاني من العام 2016 قرر أحد موظفي الارتباط الاسرائيلي أن قطعة الارض التي مساحتها أقل من خمسة دونمات لا تحتاج الى أكثر من شخص واحد لفلاحتها، لذلك فان تصريح الدخول منح فقط لصاحب الارض المسجل، حتى لو كان مسنا أو مريضا أو لديه وظيفة أخرى ولا يستطيع العمل في الارض. منذ نهاية 2016 زادت التقارير التي تصل الى الصحيفة حول هذا التفسير، من خلال نشيطات محسوم ووتش، والى مركز الدفاع عن الفرد. ومثل أي أمر غير مكتوب، كان الاعتقاد في البداية أن الحديث يدور عن عدم الفهم أو عن حالات خاصة وموضعية. ولكن الشهادات زادت. وردا على سؤال “هآرتس″، لم تنف المتحدثة بلسان منسق شؤون المناطق أن هذا هو التفسير، وأن موظفي الادارة المدنية يعملون بحسبه.

منذ اصدار كراسة الأوامر في 2014 لم تعد الادارة المدنية تعترف بابن أو إبنة الزوج أو الزوجة صاحب الارض المسجل وأولادهم كمالكين للارض. ويحق لهم الحصول على تصاريح دخول الى اراضيهم “كأجراء” فقط، وعدد الأجراء يكون مشروطا بمساحة الارض (أكثر من خمسة دونمات بالطبع) ونوع المزروعات والموسم. إن ربط التصاريح بالموسم ونوع المزروعات تحول الى مشكلة ثالثة. حسب معطيات الادارة المدنية – في نيسان 2016 كان هناك 5.075 تصريح للمزارعين في الخط الفاصل. وفي نيسان هذا العام زادت التصاريح الزراعية الى 5.218 تصريح. يمكن القول إن هذه الزيادة التي تبلغ 143 صاحب ارض، كانت نتيجة لأوامر تقسيم الارض بناء على الورثة. وقد التقت الصحيفة مثلا، مع شخص سجل جزء من الارض بأسماء أولاده، خلافا للتقاليد المعروفة، من اجل ضمان حقهم في الدخول الى الارض. وفي المقابل، حدث تراجع في عدد الحاصلين على تصاريح الدخول الزراعية: من 12.282 تصريح في نيسان 2016 الى 9.856 تصريح في نيسان 2017. ويمكن تفسير هذا التراجع جزئيا بسبب الاضراب. ولكن هذا يتساوق ايضا مع المعلومات التي قدمها المزارعون في نهاية 2016 لصحيفة “هآرتس″ و”محسوم ووتش”. القليل جدا من أبناء العائلات حصلوا على التصاريح كـ “أجراء” لأن شروط الحصول على هذه التصاريح أصبحت صعبة اكثر.

البند الذي زاد من صافرة الانذار ظهر للمرة الاولى في كراسة الاوامر الجديدة. والذي جاء فيه أن الاراضي التي تبلغ مساحتها أقل من 330 متر مربع لن يمنح من اجلها تصريح دخول. “لأنه ليست هناك حاجة للزراعة”. فمن جهة تلزم الادارة المدنية العائلات بتقاسم الاراضي. ومن جهة اخرى تقول الادارة إن الارض التي تقل مساحتها عن 330 متر مربع لا تحتاج الى زراعة. وبشكل سريع سيظهر للعائلات أن لديها قطع اراضي صغيرة لا حاجة لزراعتها بناء على قرار المسؤولين في الادارة المدنية. لذلك لا يتم اعطاء تصاريح الدخول لهذه الاراضي.

دور للآخرين

مركز الدفاع عن الفرد يعالج منذ 15 سنة شكاوى المزارعين الذين لم يحصلوا على تصاريح الدخول الى اراضيهم. وفي أعقاب تدخل المركز (بما في ذلك دعاوى لمحكمة العدل العليا)، كانت الادارة المدنية تتراجع في معظم الاحيان، وكانت التصاريح تعطى لهم. ولكن لم يسمع الجميع عن وجود المركز، وعموما لا يوجد للمركز الموارد الكافية لمتابعة عشرات آلاف الشكاوى، ودوره ايضا ليس متابعة مهمات الآخرين.

المحامي الذي قام بتقديم جميع الدعاوى الى محكمة العدل العليا باسم المركز هو المحامي يادين عيلام. وفي كانون الثاني الماضي قام بارسال رسالة لرئيس الادارة المدنية، العقيد بن حور، تحدث فيها عن المشكلات في مسودة كراسة الأوامر وتفسيراتها. وحذر من وجود منزلق يزيد من صعوبة الاجراءات لاعطاء التصاريح، وهذا يناقض ما وعدت به الدولة، محكمة العدل العليا، بأن ضرر المزارعين سيكون قليل جدا.

توجد صعوبة كبيرة في فهم الأوامر – ايضا من محامي اسرائيلي، لا سيما أن كراسة الاوامر يتم نشرها باللغة العبرية والمزارعون لا يمكنهم قراءتها وفهمها.

المحامي علاء محاجنة، الذي يمثل عدد من مزارعي قلقيلية باسم السلطة الفلسطينية، توجه قبل نحو شهر الى قسم الدعاوى في نيابة الدولة وطلب الغاء هذه الاوامر. واعتبر أن أمر الـ 330 متر مربع لا يوجد له أي اساس قانوني وهو مناقض لقوانين الملكية وحق الملكية. وكتب: “حق الملكية على الارض التي لا تزيد مساحتها عن 330 متر مربع لا يعتبر حق ولا يتم الدفاع عنه”. وقال في السياق “هذا الامر ينشيء نظام ملكية جديد مختلف بالنسبة للمجموعتين القوميتين الموجودتين تحت نفس الحكم، مع كل ما يعنيه ذلك”.

الاجابة التي حصل عليها المحامي تشبه الاجابة التي حصلت عليها “هآرتس″: “بسبب الاعتبارات الامنية الواضحة هناك حاجة الى تقييد حرية الحركة قرب الجدار الامني. والادارة المدنية تهتم بحقوق الملكية للمزارعين الفلسطينيين ووصولهم الى اراضيهم”.

هناك مئات المزارعين الذين يقفون الآن في الطابور في الوزارات الفلسطينية مع طلبات لتجديد التصاريح كي يتم ايصالها للموظفين الاسرائيليين. هل انتهت اسباب الاضراب الاحتجاجي؟ الايام ستجيب على ذلك.

                               

كلمات دلالية