خبر شكوك في مسألة التحالف .. فهمي هويدي

الساعة 11:08 ص|24 مايو 2017

فهمي هويدي

وإذ تذهلنا المفارقة، فإنني قد أعذر الذين تورطوا في العبث.

 إذ اعتبرهم ضحايا الإعلام غير المسؤول الذي ما برح يهلل لما جري ويعتبره انتصارا سياسيا باهرا يصوب العوج ويشد الأزر ويوجه رسالة الردع للخصوم والأعادي.

إن شئنا الدقة فينبغي أن نعترف بأن فكرة التحالف مع الولايات المتحدة ليست جديدة؛ لأن العالم العربي دخل في العصر الأمريكي بدرجات متفاوتة منذ عدة سنوات،

 حتى أن فكرة أحلافه الدول الكبري التي جرى رفضها والتظاهر ضدها منذ الخمسينيات ــ في مصر على الأقل ــ تحولت إلى طموح لبعض الأنظمة.

وعرس تقام لإتمامه السرادقات والمهرجانات، وتنصب له الأفراح التي تحيي الليالي الملاح،

إذ في ظل انهيار النظام العربي، وفقدان الأمة للقيادة الرشيدة والبوصلة الهادية، حدث الانقلاب الذي في ظله أصبح الالتحاق بركب الدول الكبري فضيلة ومغنما يسعى إليه كثيرون.

وكان انتشار القواعد العسكرية وما يسمى بالتسهيلات المقدمة لجيوش الدول الكبري من قرائن ذلك الانبطاح وشواهده.

إذا سألتني ما هو الجديد إذن، فردي أنه يتمثل في خمسة أمور.

الأول أن ما كان «عرفيا» مستورا ومسكوتا عليه صار «شرعيا» ومعلنا على الملأ.

 الثاني أن التحالف قدم بحسبانه تعبيرا عن إرادة الأمة العربية والعالم الإسلامي.

 الثالث أنه لم يوظف لصالح صراعات الدول الكبرى، وإنما جرى تأسيس التحالف لحسم الصراع في المنطقة، ضد إيران من ناحية وضد تنظيمي داعش والقاعدة من ناحية ثانية.

الأمر الرابع أنه يفتح الباب لانضمام إسرائيل إليه بدعوى مواجهة ما سمي بـ«الخطر المشترك» الذي يهدد دول المنطقة.

 الأمر الخامس أنه يكرس تراجع أولوية القضية الفلسطينية وترشيح إيران كي تحتل موقع الخطر الأكبر والعدو الأول.

وهو المصطلح الذي استخدمه بعض القادة العرب الذين لم يجرؤ أحد منهم على ذكر اسم فلسطين، التي هي أولي وأكبر ضحايا الإرهاب الإسرائيلي ــ في حين جري التنويه أكثر من مرة إلى أن إيران هي «رأس الحربة» الداعم للإرهاب.

تلح علي النقطة الأخيرة طول الوقت. ولست أخفي أن لدي شكوكا قوية في أن فكرة التحالف الذي وصف زورا بأنه إسلامي، ما كان لها أن تحظي بالرعاية الأمريكية إلا إذا كانت تمهيدا لانضمام إسرائيل إليه،

 الأمر الذي يحقق لها ثلاثة أهداف تلح عليها وتتوخاها طول الوقت.

الأول الانتقال إلى التطبيع العلني مع الدول العربية والإسلامية،

والثاني تكثيف الضغط علي إيران بما يضعفها ويعرقل مشروعها النووي،

والثالث تجاوز القضية الفلسطينية واعتبارها شأنا محليا بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

إذا جاز لي أن أذهب إلي أبعد في المصارحة والإفصاح عن الشكوك التي تراودني، فإنني أكاد أزعم بأن فرقعة التحالف الإسلامي الأمريكي لمواجهة الإرهاب ليست مأخوذة على محمل الجد.

 لكنها في عمقها بمثابة قنبلة دخان أطلقت في الفضاء العربي كي تغطي خطوات الصفقة التاريخية التي تبدأ بالتطبيع وجاء الرئيس الأمريكي لإبرامها.

ولا تنس أنه أعلن أكثر من مرة أن القادة العرب الذين التقاهم رحبوا بها.

أكرر أنني أتحدث عن شكوك أتمنى أن تكذبها الأيام المقبلة.

وإلى أن ينجلي الأمر فإنني لا أمل من الهتاف وبالدعاء:

يا خفي الألطاف نجنا مما نكره ونخاف.

كلمات دلالية