خبر صحيفة: إسرائيل تخشى من تراجع ترامب أمام كيم جونغ

الساعة 05:02 م|02 مايو 2017

فلسطين اليوم

في أعقاب التصريح غير المسبوق وغير الدبلوماسيّ لوزير الحرب « الإسرائيليّ »، أفيغدور ليبرمان، والذي وصف الزعيم الكوريّ الشماليّ بالمجنون، هاجم وزير الأمن السابق موشيه يعلون الوزير الحالي، وقالت القناة السابعة التي أوردت الخبر إنّ يعلون قال متهكمًا على ليبرمان: بعد أن قَصَف سد أسوان جنوب مصر، وأسقط حكم حماس، واغتال إسماعيل هنية خلال 48 ساعة، وزير الكلام يثرثر على كوريا الشمالية بشكلٍ عديم المسؤولية، ولا يوجد رئيس حكومة يفرض النظام على وزرائه الثرثارين والمتهورين، على حدّ تعبيره.

ولكن مع ذلك، إذا ما تجاوزنا صفة الثرثرة التي يتحلّى بها ليبرمان، فقد عبَّرت المواقف التي هاجم فيها الرئيس الكوريّ الشماليّ كيم جونغ أون، عن هواجس تسكن صنّاع القرار السياسيّ في تل أبيب من الأزمة الكوريّة التي تبعد آلاف الكيلومترات عن إسرائيل.

وتكشف القراءة الدقيقة للموقف الإسرائيليّ عن رؤية في تل أبيب، مفادها أنّ مفاعيل الكباش الذي تخوضه إدارة الرئيس دونالد ترامب ضدّ كوريا الشمالية، ستتجاوز تداعياته الشرق الأقصى باتجاه منطقة الشرق الأوسط، وتطال بشكلٍ خاصٍّ رهاناتها على المستجد الأمريكيّ في إعادة تشكيل المشهد الإقليميّ.

برأي المُحللين للشؤون الأمنيّة والسياسيّة في تل أبيب فإنّ خلفيات الاهتمام الإسرائيليّ بالحدث الكوريّ تتصل بجوانب وأبعاد أخرى، ومن أهمها أنّ أيّ تراجع لإدارة ترامب في مقابل صمود الرئيس الكوري سينعكس سلبًا على صورة قوة الردع الأمريكيّة في مواجهة خصوم وأعداء إقليميين في ساحات أخرى، وتحديدًا في مواجهة أطراف محور المقاومة، وعلى رأسه إيران. من هنا فإنّ إسرائيل تراقب ما يجري بعيون الآخرين، وتتوجّس من أيّ مرونةٍ أمريكيّةٍ يتم فهمها في المنطقة على أنّها مؤشر ضعف في لحظة التحدّي.

على النقيض، ترى إسرائيل أنّ أيّ إنجاز جدّي تُسجله إدارة ترامب في مواجهة كوريا، أوْ على الأقّل إظهار الحزم في الموقف والثبات على السقف الذي تطمح إليه، فضلاً عن أي خطوات عملانية تلجأ إليها، ستشكّل رسالةً مدويةً إلى أعداء الولايات المتحدة في المنطقة.

وهكذا، يتحول الحدث الذي يبعد آلاف الكيلومترات عن حدود الاحتلال، في رسائله ودلالاته ومفاعيله، كما لو أنّه حدث يتصل بالساحة الإقليمية الملاصقة لإسرائيل، لكونه ينطوي على مؤشرات كاشفة عن مدى الاستعداد الفعلي لدى الرئيس الأمريكيّ للذهاب بعيدًا في خياراته العملانية عندما يواجه تحديًا جديًا ويضعه بين خيارين: إما التراجع الناتج عن تبنّي العقلانيّة، أوْ الإقدام المتهور باتجاه المغامرة، ولو المدروسة والمحسوبة بعناية.

حتى الآن، العدوان الصاروخي الأمريكيّ على قاعدة الشعيرات الجوية السورية، أسهم في بلورة صورة مركّبة عن خيارات إدارة ترامب. فمن جهة، نجح في توجيه رسالة تجعل الآخرين يرون فيه، حتى الآن، نموذجًا مغايرًا عن سلفه باراك أوباما على مستوى الخيارات العملانية، لكنّه في المقابل، لم ينجح في انتزاع أيّ نتائج تؤدي إلى تغيير جذري في المشهد الإقليميّ بما يلبي الطموح الإسرائيلي وحلفاء واشنطن الإقليميين.

وهو ما دفع في حينه تل أبيب، وعلى لسان أحد أبرز وزراء الحكومة، يوفال شطاينتس إلى التأكيد على أنّ ضربةً واحدةً لا تُغيّر المشهد الاستراتيجيّ. ويعود ذلك، بمعايير محددة، إلى أنّ ظروف الضربة الصاروخية الأمريكيّة وسياقاتها أظهرت قدرًا من الواقعية والعقلانية في واشنطن، غير المحمودة في تل أبيب. لكونها تنطوي على مؤشرات قد تشي باستعدادٍ أمريكيٍّ ما للانكفاء في لحظة التحدّي، أوْ على الأقل تكشف عن حرص شديد على تجنب خيارات عملانية تؤدي إلى تورطٍ ميدانيٍّ أمريكيٍّ واسعٍ في المنطقة.

وعلى هذه الخلفية لا يقلّ الاهتمام الإسرائيلي بمتابعة الأداء الأمريكيّ في مواجهة كوريا، عن اهتمامها بأدائه في الساحة الإقليمية المباشرة. بل ترى أنّها معنية بهذا الحدث لجهة رسائله ومفاعيله السياسية والردعية في المنطقة.

مع ذلك، المتابعة الإسرائيلية لما يجري شيء، والثرثرة التي أدلى بها ليبرمان شيء آخر، خاصّةً أنّه لا يوجد ما يفرض على إسرائيل اتخاذ أيّ موقفٍ تجاه هذه القضية. والأمر الذي أسهم في مفاقمة مفاعيل هذا الموقف هو الرد الكوريّ الشمالّي غير المسبوق على وصف رئيس البلاد بالمجنون، والتهديد بالعقاب الذي لا يرحم، وهو ما أدى إلى توجيه انتقادات داخلية إلى ليبرمان، متهمة إياه بأنه أقحم إسرائيل في قضية لا علاقة لها مباشرة بها.

وبات واضحًا وجليًّا أنّ ليبرمان تلقّى تعليمات من نتنياهو بعدم التطرّق للأزمة الكوريّة الشماليّة، فها هو قد قال مسا أمس إنّ اليوم أيضًا يخرق حزب الله في الشمال قرار الأمم المتحدة 1701، وفي الجنوب حماس تسيطر على اثنين مليون مواطن كرهائن في قطاع غزة. وتابع: على إسرائيل أنْ تعلم كيف تحمي نفسها بالقوة أمام كلّ التهديدات، كل واحد على حدّةٍ وسويّةٍ.

وأضاف: ما زلت أتمنّى، خصوصًا على خلفية أحداث الإرهاب الأخيرة في أوروبا والعالم، أنْ نرى تغيرًا في العلاقة أحادية الجانب للمجتمع الدولي إزاء إسرائيل، وأنْ يوقفوا المبادرات الدبلوماسية المعادية لإسرائيل والمعادية للسامية، والهدف واحد وهو المساس بشرعية والموقف الدولي لنا. واختتم قائلاً إنّ الجيش الإسرائيليّ هو الجيش الأقوى في الشرق الأوسط. قوته، ذكاؤه ورقيه والجودة في صفوفه تضمن لنا الأمن، على حدّ تعبيره.

كلمات دلالية