خبر إضراب الأسرى.. في ميزان من؟..خالد صادق

الساعة 09:25 ص|20 ابريل 2017

مع دخول إضراب الأسرى المفتوح عن الطعام يومه الرابع, واتساعه تدريجيا, شرعت مصلحة السجون الصهيونية باتخاذ إجراءات عقابية بحق الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام, حيث نقلت الأسير مروان البرغوثي إلى سجن الجلمة، بحجة نشره مقالاً في صحيفة “نيويورك تايمز الأميركية الأحد الماضي، يشرح فيه أسباب الإضراب المفتوح عن الطعام والذي دخل يومه الرابع, ويقود البرغوثي إضراب الأسرى في سجون الاحتلال حيث تلخصت أهم مطالبة في إنهاء سياسة الإهمال الطبي، وإطلاق سراح الأسرى المرضى، خاصة ذوي الإعاقات والأمراض المستعصية، وإنهاء سياسة العزل الانفرادي، إنهاء سياسة الاعتقال الإداري, وتحسين الزيارات والأوضاع المعيشية للأسرى داخل السجون.

الاحتلال الصهيوني واجه إضراب الأسرى بالمزيد من الإجراءات القمعية,حيث أعلنت « إسرائيل » أنها لن تقبل أن تتفاوض مع المعتقلين المضربين عن الطعام لأنه مخالفة لنظام السجون حسب وزير الأمن الداخلي الصهيوني جلعاد أردان الذي وصف الأسرى الفلسطينيين بـ“الإرهابيين والقتلة وقد نالوا ما يستحقونه ولا وجود لأدنى سبب للتفاوض معهم”. وان “تحقيق مطالبهم سيضر بقدرة إسرائيل في المستقبل على تحديد ظروف معيشة السجناء”.

وتلقّت مصلحة السجون تعليمات لإجراء تفتيشات مكثفة في السجن، للتأكد من عدم التواصل بين الأسرى الذين عادة ما يكون لهم الأثر الكبير في تنظيم حركة الإضراب وتعزيزه. ومن أجل تفادي هذه المفاعيل، تلجأ مصلحة السجون إلى نقل الأسرى بين السجون المختلفة.

وقد تعرضت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إلى حملة صهيونية شرسة من وسائل الإعلام العبرية المختلفة، زاعمةً أنّ الصحيفة تجاهلت عن سبق الإصرار والترصّد بأنّ مروان البرغوثي المحكوم بالسجن مدى الحياة، أُدين في محكمةٍ « إسرائيليّةٍ » بقتل مئات « الإسرائيليين »، وأنّ الحديث يدور عن مقاوم من الدرجة الخطيرة, وفي مقال له نشرته صحيفة نيويورك تايمز الاثنين قال الأسير القائد مروان البرغوثي: ان الإضراب يهدف لمقاومة الانتهاكات التي ترتكبها «إسرائيل« ضد الأسرى الفلسطينيين

وأكد البرغوثي فيه مقاله ان “الأسرى يعانون من التعذيب والمعاملة المهينة غير الإنسانية والإهمال الطبي، كما قتل بعضهم تحت التعذيب خلال احتجازهم في سجون الاحتلال». وندد بنظام فصل عنصري قضائي يوفر إفلاتا من العقاب للإسرائيليين الذين يرتكبون جرائم ضد الفلسطينيين ويقوم بتجريم المقاومة الفلسطينية.

وقد عكست إجراءات الكيان الصهيوني وأجهزته منسوب الخوف إزاء إضراب الأسرى والمعتقلين، وما يمكن أنْ يترتب عليه في الشارع الفلسطينيّ، باعتبار أنّ الأسرى الفلسطينيين وقضاياهم يُشكلون أحد أهم العوامل المحركة للجمهور الفلسطيني. وقد أثبت العديد من المحطات السابقة أنّ من شأن قضايا الأسرى لمّ شمل كافة التيارات والأحزاب والتحوّل إلى قوة دافعة للشارع الفلسطينيّ, وترى المؤسستان الإسرائيليتان، السياسية والاستخبارية، في الإضراب امتدادًا للانتفاضة الفلسطينية ضدّ الاحتلال وإجراءاته, وحاولت جهات استخبارية حصر الإضراب في رغبة مروان البرغوثي في تعزيز قوته السياسية.

ما يدعو للقلق والغثيان على حد سواء, هو ما نشرته صحيفة «يديعوت احرونوت» أول أمس بأن رئيس السلطة محمود عبّاس والقيادة المُحيطة به ليسوا راضين عن الإضراب بالمرّة لأنّ من شأن ذلك أنْ يؤثّر سلبًا على اللقاء المُزمع عقده بين الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب وعبّاس في وقتٍ لاحقٍ, حسب مزاعم الصحيفة العبرية, لكن رئيس السلطة الفلسطينية وفي تصريح له أول أمس حذر من »تفاقم أوضاع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال في ظل تعنت حكومة الاحتلال، ورفضها الاستجابة للمطالب الإنسانية العادلة، وفقا لما نصت عليه الاتفاقات والمواثيق الدولية, وهذا يعني ان الرئيس عباس مطالب بحمل ملف الأسرى, والتوجه إلى المجتمع الدولي بخطاب واحد, يجرم معاملة الاحتلال الأسرى, ويطالب بتطبيق القرارات الدولية التي تعنى بحقوق للأسرى, ويلاحق قادة الاحتلال الصهيوني في المحاكم الجنائية الدولية,فهل يمكن لمحمود عباس القيام بهذا الدور لدعم الأسرى في إضرابهم المفتوح عن الطعام, أم ان لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يشغل كل وقته, ويأخذ كل اهتماماته, ويمهد لنفسه الطريق لتهيئة الأجواء التي تلائم هذا اللقاء « الحلم », من خلال إشعال المواجهة مع غزة وتهديدها, وقطع جزء من رواتب الموظفين الغزيين, ومنع دعم الوزارات في غزة, والتنكر لحقوق الأسرى الفلسطينيين, وعدم التطرق لملف الأسرى في أية مفاوضات بين السلطة والاحتلال, أو السلطة والإدارة الأمريكية, خوفا من نسف المفاوضات قبل انطلاقها, وتعكير أجواء اللقاء, فمثل هذه اللقاءات يغلب عليها الجانب البروتوكولي أكثر من الجانب التفاوضي, لان الغرض منها, ان يقوم الشخص بتقديم نفسه لسيد العالم « ترامب » كي يحظى بالدعم والتأييد, خاصة إذا كان البديل جاهزا .

إضراب الأسرى سينجح, وسيصل لأهدافه, سواء أيده محمود عباس وحكومته أو عارضاه, لأن الأسرى لم يخسروا معركة على الإطلاق طوال تاريخهم في صراعهم مع مصلحة السجون الصهيونية, لكن علينا ان نفهم جيدا ان رسالة الأسرى, ابعد من تحقيق مطالب لتحسين أوضاعهم المعيشية داخل سجون الاحتلال, ولو كان الغرض ذلك لحققوها دون خوض إضراب مفتوح عن الطعام, وهذا ما قاله بالحرف ما يسمى بالناطق باسم وزارة الخارجية الصهيونية ايمانويل نحشون، حيث قال“لقد سبق وتحدثنا لهؤلاء السجناء ولا يوجد أي سبب لإضرابهم عن الطعام، نقوم بحوار مع هؤلاء السجناء. إن كانوا يطالبون بظروف أفضل يمكنهم ان يتقدموا بطلباتهم وستقرر السلطات الإسرائيلية إن كان يجب تغيير شيء أم لا”.

وهذا يعني ان الأسرى يوجهون رسائلهم لجهات عديدة بطريقتهم الخاصة, فرسالتهم للعالم ان هناك أسرى تجاوزت سنوات اعتقالهم 34عاما ولا زالوا في سجون الاحتلال يعانون الويلات, وهناك أسرى مرضى وأطفال, ونساء وشيوخ, وأسرى معتقلون إداريا, ورسالتهم للسلطة أننا عامل أساسي ورئيسي في أية مفاوضات ولا يمكنكم تجاهلنا وعليكم العمل على إحياء قضيتنا في المحافل الدولية, وكشف جرائم الاحتلال بحقنا, ورسالتهم للمقاومة, ان واجبكم ان تعملوا على تحريرنا وفك أسرنا من سجون الظلم والقهر الصهيونية, لأننا نعيش أوضاعا مأساوية وصعبة, لا تدخروا جهدا في جهادكم وتضحياتكم من اجلنا, لأننا ضحينا من اجل شعبنا, استخدموا كل الوسائل للإفراج عنا, اخطفوا الجنود, وخوضوا المعارك من اجلنا, لأننا « أحياء أموات », ورسالتهم للاحتلال لا زلنا نراهن على شعبنا وإرادتنا, وسيأتي يوم نشتم فيه رائحة الحرية طال الزمان أو قصر, فالسجن لا يبنى على الإنسان أبدا, يجب ان نعي رسائل الأسرى جيدا, لأنها ستحدد سبل حراكنا للتضامن معهم ومؤازرتهم في معركة الأمعاء الخاوية.

كلمات دلالية