بعد خصم 30%

خبر هل ستعود رواتب موظفي السلطة في غزة كاملة في الأول من مايو؟

الساعة 05:51 م|19 ابريل 2017

فلسطين اليوم

يترقب موظفو السلطة الفلسطينية في قطاع غزة مجيء الأول من مايو على « أحرِ من الجمر »، لمعرفة إذا كانت مصيبة حسم الرواتب ستمتد إلى الشهر الجديد أم انها ستكون « سحابة صيف عابرة » تبددها خطوات الضغط التي قام بها الموظفون، واتفاقات سياسية بين طرفي الانقسام قد تتوصل لحلٍ ينهي تلك الازمة.

وكانت حكومة « الوفاق الوطني » برئاسة رام الحمد الله، قد أقدمت على خصم أكثر من 30% من رواتب موظفي السلطة في غزة، مبررة ذلك بأنه جاء بسبب الحصار المفروض عليها، إضافة إلى انعكاسات آثار الانقسام. وفقاً لبيان حكومي.

ولحق البيان الحكومي تأكيد رئيس الوزراء رامي الحمد الله أن « قرار الحسم من الرواتب هو تجميد لجزء من العلاوات، وليس قراراً دائماً، وسيتم صرفها حال توفر الموازنات واستجابة حركة حماس لمبادرة سيادة الرئيس ».

وفجَّر قرار الحسم من الرواتب، أزمة كبيرة على مختلف الأصعدة والمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي تداعت لرفض هذا القرار، باعتباره « ضربة في مقتل » لما يمكن أن يخلفه من نتائج كارثية، وشهد قطاع غزة الأيام الماضية سلسلة من الإجراءات الاحتجاجية على قرار الحسم.

وربط محللان سياسيان انتهاء ازمة الرواتب والإجراءات المتخذة ضد قطاع غزة بالمواقف السياسية بين طرفي الانقسام، وإمكانية التوصل إلى صياغة توافقية لإنهاء الانقسام، غير أن مختص في الشأن الاقتصادي فَصَلَ بين ملف المصالحة وأزمة رواتب موظفي السلطة.

رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية محمد أبو جياب، يرى أن ملف الحسم من رواتب موظفي السلطة، والإجراءات القاسية الموجهة ضد قطاع غزة ملف بيد رئيس السلطة محمود عباس وحده، ولا يُسمح لاحد الاقتراب منه.


محمد ابو جياب

مختص:  رئيس السلطة لن يتراجع عن قرار الحسم من الرواتب ويلعب على وتر أن الموظفين في قطاع غزة سيتأقلمون مع الازمة 

وقال أبو جياب: لن  يتراجع رئيس السلطة عن قرار الحسم من الرواتب، وستثبت الأيام القادمة فشل الرهان على إعادة الرواتب تحت ما يسمى الضغط الشعبي، واتفاقات المصالحة، مشيراً إلى أن رئيس السلطة يلعب على وتر « أن الموظفين في قطاع غزة سيتأقلمون مع الحسم الذي طال رواتبهم ».

وأضاف: من يعتقد ان السلطة والحكومة في رام الله ستعيد النظر في قرار الحسم من الرواتب، يعود لبيان وزير المالية والتخطيط الفلسطيني، شكري بشارة، الذي خاطب فيه صندوق النقد الدولي، والذي تفاخر فيه وهو يقول إن الجهود الأخيرة المتمثلة في تقليص الرواتب أثمرت عن تخفيض تكلفة الرواتب بنسبة 17%.

وأشار إلى أن بيان وزارة المالية والتخطيط يحمل رسائل عديدة منها للمانحين، وأخطر تلك الرسائل هي « أن السلطة مستمرة في الإجراءات المالية ضد قطاع غزة، بما فيها الحسم من رواتب الموظفين ».

وفيما يتعلق بربط ملف الرواتب بالمصالحة، قال أبو جياب « رئيس السلطة سيمضي إلى النهاية في كل اجراءاته التي أعلن عنها مؤخراً، واي أخبار تتعلق بالمصالحة والتصريحات الإيجابية اعتقد أنها لن تدفع رئيس السلطة للتراجع عن الإجراءات القاسية ضد غزة »، مضيفاً « أن جميع التصريحات الأخيرة فيما يتعلق بالمصالحة لا تعدو كونها للاستهلاك الإعلامي، وفي إطار التنافس بين حركتي حماس وفتح ».

أبو جياب: من يعتقد ان السلطة والحكومة في رام الله ستعيد النظر في قرار الحسم من الرواتب يعود لبيان وزير المالية والتخطيط الفلسطيني

مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية – مسارات هاني المصري، قال في ورقة تحليلية استشرافية لازمة الرواتب والإجراءات التي أعلن عنها رئيس السلطة: لم تكن خطوة خصم الرواتب سوى شارة الانطلاق نحو فتح ملف سيطرة « حماس » على قطاع غزة، أو بالأحرى محاولة وضع حد لاستمرار خروج القطاع عن نطاق سيطرة الرئيس محمود عباس.

ويضع الكاتب المصري ثلاث سيناريوهات متوقعة على صعيد ازمة الرواتب والإجراءات التي قد تتخذ لاحقاً، رابطا ما ستؤول إليه الامور بالمواقف السياسية بين طرفي الانقسام، والسيناريوهات هي:

السيناريو الأول: قبول « حماس » بالشروط المطروحة عليها

يقوم هذا السيناريو على قبول « حماس » بما هو مطروح، لأنها تدرك أنها تعاني من عدم قدرتها على حل أو التخفيف الجدي من أزمات القطاع المتفاقمة، المتمثلة في المعابر والكهرباء والصحة والتعليم والمياه والبطالة والفقر، في ظل قيام السلطة في رام الله بالوفاء بالتزاماتها أو قسم كبير منها.


0add65655c41f1f973ef1cf109736306

 الكاتب هاني المصري يربط بين الإجراءات المتخذة  وملف سيطرة « حماس » على قطاع غزة ويضع ثلاث سيناريوهات متوقعة على صعيد ازمة الرواتب والإجراءات التي قد تتخذ لاحقاً وتعامل حماس مع الازمة

ويعزز هذا السيناريو أن « حماس » تدرك أن هناك دعمًا عربيًا وإقليميًا ودوليًا لهذا التحرك، حتى أنها غير واثقة تمامًا من دعم قطر وتركيا اللتين تجمعهما مع الأطراف الأخرى مصالح وتقاطعات كثيرة.

ولكن هذا السيناريو مستبعد لأن « حماس » انتخبت قيادة جديدة أكثر تشددًا، ولا يمكن أن تبدأ عهدها بالخضوع وتسليم قطاع غزة، وهذا التقدير تعززه وثيقتها الجديدة التي رغم المرونة التي احتوتها لم تلب الشروط المطلوبة منها (شروط اللجنة الرباعية الدولية) ولا لبت الشروط التي تسمح للاتحاد الأوروبي أو بعض دوله بالتعامل معها.

السيناريو الثاني: رفض الشروط جملة وتفصيلًا

يقوم هذا السيناريو على رفض « حماس » لما هو مطروح، والتمسك بمواقفها التي تتضمن تطبيق الاتفاقيات الموقعة لإنهاء الانقسام، وإذا تعذر ذلك تطبيق أجزاء منها، مثل تشكيل حكومة وحدة وطنية، وحل مشكلة الموظفين، والتوجه إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وعقد المجلس التشريعي إلى حين إجراء الانتخابات.

وهذا السيناريو وارد، ولكنه ينطوي على احتمالين:

الأول: تكريس فصل قطاع غزة عن الضفة، بسبب إمكانية أن يمضي الرئيس في اتخاذ قراراته « غير المسبوقة »، ورد « حماس » بتنفيذ ما لوح به بعض قادتها بشأن نزع شرعية الرئيس على كافة المستويات، وفتح الصراع على شرعية التمثيل، وبخاصة في الشتات، والبحث عن صيغ لاستمرار « حماس » في حكم القطاع لأطول فترة ممكنة، حتى ولو بالتحالف مع خصوم الرئيس مثل تيار محمد دحلان، مع البحث عن تأمين الحد الأدنى من الموارد المالية اللازمة لتحقيق ذلك بانتظار تغير الظروف، أو فشل مقاربات الرئيس ترامب للتوصل إلى حلول تفاوضية.

الثاني: أنّ تدرك « حماس » الكلفة الباهظة لرفض الشروط جملة وتفصيلًا، وتلجا لدفع الأمور نحو مواجهة جديدة مع إسرائيل، على أمل أن تعيد هذه المواجهة خلط الأوراق وتخرج « حماس » من مأزقها المتفاقم كما فعلت معها المواجهات السابقة. إلا أن المواجهة المقبلة مع إسرائيل إذا حدثت في هذه الظروف والملابسات لن تحظى بالدعم الذي حظيت به أثناء وبعد المواجهة السابقة، لأنها تبدو دفاعًا عن السلطة وليست مقاومة للاحتلال، وستكون نتائجها أوخم على قطاع غزة والفلسطينيين، و« حماس » بعدها ستكون أضعف، وسيعرض عليها أسوأ من المعروض حاليًا.

السيناريو الثالث: الانحناء للعاصفة

يرتكز هذا السيناريو على انحناء « حماس » للعاصفة دون أن تستسلم لها بالكامل، من خلال الموافقة على تعديل وتوسيع حكومة الوفاق الوطني التي تستطيع الإعلان عن التزامها ببرنامج المنظمة والتزاماتها كما فعلت حكومة الوفاق التي وافقت عليها « حماس » سابقًا، وحل اللجنة الإدارية، وتمكين الحكومة من السيطرة على المعابر والحدود، مطمئنة إلى أن مقاليد الحكم والاقتصاد والأمن في قطاع غزة بيدها، في حين لن تتمكن السلطة من استعادة سيطرتها خلال فترة قصيرة، حتى لو تعاونت « حماس » معها تعاونًا كاملًا.

ويشير الكاتب المصري إلى أن السيناريو الأخير هو الأكثر احتمالًا والأقل تكلفة، لكنه ينتمي إلى الطريقة السابقة أكثر ما يقدم جديدًا، ويبقى بالنسبة إلى « حماس » أهون الاحتمالات، رغم أن الرئيس لن يقبله بسهولة، غير أنه قد يضطر لقبوله لأن معاقبة قطاع غزة بكامله حتى تسقط « حماس » ليس أمرًا وطنيًا ولا أخلاقيًا ولا إنسانيًا ولا قانونيًا، وقد يرتد على من يسعى لتحقيقه. وقد يكون التصعيد السياسي والإعلامي الذي سبق مجيء وفد « فتح » يستهدف أو يفضل حدوث هذا السيناريو الذي يمكن الرئيس عباس من الذهاب إلى واشنطن، وهو يمثل حكومة واحدة في الضفة والقطاع، ويستطيع أن يرى ما هي « الصفقة » التي يتحدث عنها ترامب، وهل يمكن الانخراط بها، أو غير مقبولة على الإطلاق.

ويعزز هذا السيناريو -وفقاً للمصري- أن السلطة غير جاهزة إداريًا وأمنيًا لاستلام قطاع غزة، وأن هذا الهدف إذا سلمنا جدلًا أنه قابل للتحقيق في ظل الظروف الراهنة يحتاج إلى وقت يمكن أن يعطي « حماس » هامشًا كبيرًا للمناورة والتراجع عنه فيما بعد. كما يعزز من هذا السيناريو أيضًا أن « حماس » رغم الردود المتشددة أبدت استعدادها لحل اللجنة الإدارية وتمكين حكومة الوفاق من القيام بعملها.

الكاتب والمحلل السياسي د. ناجي شراب اتفق مع سابقه في أن أساس المشكلة تتمثل في المواقف السياسية والانقسام الفلسطيني الحاصل، وان تلك المشكلة لا يمكن علاجها بمنأى عن المواقف السياسية.


ناجي شراب

الكاتب شراب:  التصريحات المختلفة التي صدرت في الآونة الأخيرة عن السلطة وحركة (حماس) لا تؤشر على تراجع -في الوقت الحالي- عن قرار الحسم من الرواتب

ويعتقد شراب أن التصريحات المختلفة التي صدرت في الآونة الأخيرة عن السلطة وحركة (حماس) لا تؤشر على تراجع -في الوقت الحالي- عن قرار الحسم من الرواتب، متوقعاً أن تتجه الأمور إلى مزيدٍ من الضغط والتصعيد والإجراءات القاسية.

وقال شراب: لا يمكن حل ازمة الرواتب بمنأى عن الملفات الأخرى، لان العقد والأزمات التي تعاني منها غزة تشبه إلى حدٍ بعيد عقدة غورديه - يستخدم المصطلح عادة للدلالة على مشكلة صعبة حلها بعمل جريء أو بطريقة جريئة- ولا يمكن حلها دون إنهاء الانقسام السياسي من جذوره التي تضرب بأطنابها منذ 10 سنوات.

وأضاف شراب: حل الأزمات الناتجة عن الانقسام لا تبدو بهذه البساطة والسهولة، ولا تحلها زيارات أو لقاءات متبادلة، ولا تحلها مجرد مبادرات جزئية تجميلية، عقدة الإنقسام لا تحلها حكومة وحدة وطنية، ولا إجراء انتخابات، عقدة الانقسام تتعلق بحل بنية وتفكيك بنية الانقسام السياسي والأمني والاجتماعية، وأيضا تفكيك البنية الفكرية والإيديولوجية، وبدون ذك ستبقى هذه العقدة متجذرة، وحل هذه العقدة يتطلب إعادة بناء نظام سياسي توافقي، بمرجعية سياسية توافقية، وأقصد بالمرجعية السياسية التوافق حول العناصر المشتركة لمشروع وطني فلسطيني يتوائم ومرحلة الاحتلال والتحرر السياسي.

د. شراب: : لا يمكن حل ازمة الرواتب بمنأى عن الملفات الأخرى، لان العقد والأزمات التي تعاني منها غزة تشبه إلى حدٍ بعيد عقدة غورديه

وحذر شراب من الاستمرار في دوامة الانقسام، قائلاً « إذا لم نسارع بحل هذه العقدة فقد تتحول إلى عقدة مركبة غير قابلة للحل، وقد تقود لعقد أخرى أكثر صعوبة، فماذا لو تم التوصل إلى اتفاق إطار وتسوية تفاوضية؟ ما هو موقف ومستقبل غزة؟ وكيف يمكن التعامل معها؟ هل سننظر إليها على أنها إقليم منفصل ومتمرد؟ وهل معنى ذلك إعلان غزة كيانا مستقلا؟ وإذا تم هذا الإعلان كيف ستكون مستقبل علاقة هذا الكيان الجديد مع كينونة الدولة الفلسطينية ؟ ومع الدول المجاورة كمصر وإسرائيل؟ وهل ستحصل علي اعتراف دوليا؟ وعلى أي اساس ؟ وما هو مستقبل خيار المقاومة بعد إمكانية التسوية؟ كل سؤال يشكل عقدة في حد ذاته.

وكان رئيس السلطة محمود عباس هدد، مؤخراً، باتخاذ »خطوات حاسمة غير مسبوقة" خلال الأيام القليلة المقبلة، بشأن الانقسام الفلسطيني الداخلي المستمر منذ عشرة أعوام.

 

كلمات دلالية