خبر يديعوت:« مستقبل البشرية معرض للخطر »

الساعة 08:31 ص|18 ابريل 2017

فلسطين اليوم

بروفيسور إسرائيلي خبير في شؤون التاريخ يوضح كيف من المتوقع أن تتغير حياة البشر من النقيض إلى النقيض في القرن القادم لدرجة أن الإنسان لن يكون قادرا على التعرّف على حياته بعد.

البروفيسور يوفال نوح هراري هو أحد الأسماء اللامعة عالميا، حظي بمجد كبير بفضل أبحاثه في مجال تاريخ البشرية على مر الكثير من الأجيال وأبحاثه لمعرفة ما الذي قد يحدث للبشرية في المستقبَل القريب.

هراري هو مؤرخ يعمل في قسم دراسات التاريخ في الجامعة العبرية في القدس، ألف كتابين وهما « موجز تاريخ الجنس البشري » و « تاريخ الغد »، تطرق فيهما إلى تطور التاريخ البشري منذ وجود البشر على الكرة الأرضية وحتى اليوم الذي سينقرض فيه البشر على ما يبدو.

في مقابلة لصحيفة « يديعوت أحرونوت » حاول هراري أن يوضح كيف ستتقدم الحضارة البشرية، كيف ستؤثر شبكات التواصل الاجتماعي في العالم، كيف ستبدو العائلة في المستقبَل، وهل ستقضي الروبوتات على البشر؟

نعرض لكم في المقال التالي موجزا من المقابلة التي أجراها البروفيسور هراري مع صحيفة « يديعوت أحرونوت ».

ما هي التغييرات الجوهريّة الإضافية المتوقع أن تطرأ على البشرية؟

« عرف الإنسان كيف يبني سدا ويقف تدفق مياه النهر ولكن لم يعرف كيف يمنع جسمه من التقدم في العمر. لكن في العقود القادمة سيسمح لنا الفهم الاصطناعي البيو تكنولوجي، للمرة الأولى في التاريخ، أن نبدأ بتغيير عالمنا تغييرا جوهريا. سنتعلم كيف نهندس جسم الإنسان ودماغه مجددا، كيف نعيد كتابة الكود الوراثي في جسم الإنسان، وكيف نصل أدمغة بأجهزة الحاسوب مباشرة. لذا ستكون منتجات الاقتصاد الأساسية في القرن الـ 21 على ما يبدو أجساما وأدمغة وليس وسائل نقل، ملابس، وأطعمة فحسب. سيطرأ التغيير الأساسي في الجسم تحديدا، الدماغ، وفي وعي المخلوقات التي ستسيطر على العالم حينذاك. لن تكون هذه المخلوقات بشرا مثلنا ».

كيف يغير الفيس بوك مجتمَعنا؟

« مع تطور التكنولوجيا نحن نكتسب مهارات جديدة ونخسر مهارات قديمة. أصبح من الأسهل علينا التواصل مع البشر في الجانب الآخر من العالم، نقل البضائع بين القارات، إقامة اتحادات دولية، ونشر أفكار وقصص. وأصبح من الأسهل علينا الحفاظ على علاقة متواصلة مع العائلة والأصدقاء، والتعرّف على أشخاص جدد أيضا.

ثمة ثمن لهذه الإمكانيات الجديدة طبعا. مثلا، ليس مهما ما الذي نختاره، فنحن نخشى دائما من أننا نفقد شيئا أفضل. من الأسهل علينا اختيار شريك واحد من بين 10 شركاء بدلا من الاختيار من بين مليون إمكانية. هناك مشكلة أصعب وهي أننا نخسر علاقتنا مع بيئتنا القريبة، مع جسمنا، ومشاعرنا. كان الأشخاص مصغين أكثر إلى البيئة وإلى جسمهم في الماضي، لأن بقاءهم كان متعلقا بهما. فمثلا، إذا كنت أصل إلى الغابة لصيد الأرانب وجمع الفطر، كان علي أن أصغي جيدا إلى كل الأصوات في الغابة، إلى كل حركة صغيرة، وإلى كل رائحة غريبة - ربما يقترب أسد مني؟

بالمُقابل، في وقتنا هذا، أذهب إلى المتجر بينما تكون عيناي محدقة في شاشة هاتفي الذكي وأصابعي تكتب رسالة نصية قصيرة. يمكن أن أشتري ألف منتج - بيتزا إيطالية أو سوشي ياباناي - ولكن عندما أصل إلى المنزل أتناولهما دون الانتباه والتركيز، لأني أركز عيناي على شاشة التلفزيون، وأنتبه بصعوبة كبيرة إلى طعمهما ».

كيف ستبدو العائلة في المستقبَل؟

« بالطبع ستتغير العائلة في المستقبَل أيضا. طرأت تغييرات على مبنى العائلة على مر التاريخ. يتخيل الأشخاص أحيانا أن هناك للعائلة مبنى طبيعي وأبدي، لا يتغير طيلة عشرات آلاف السنوات، والآن باتت »العائلة التقليدية« تتعرض لتهديد غير مسبوق. هذا غير صحيح. فنحن لا نعرف بالتأكيد كيف كان منبى العائلة البشرية في العصر الحجري، ولكن يبدو أن سكان الكهف لم يعيشوا في عائلة مؤلفة من الأب، الأم، وثلاثة أطفال.

كانت هناك حضارات تحظر الطلاق تماما، وبالمقابل كانت هناك حضارات لم تمارس مراسم الزواج أبدا، واستطاع الزوجان الانفصال في أي وقت وفقا لرغبتهما.

كلما تعلم الإنسان كيف يهندس جسمه ودماغه ويغير قوانين بيولوجية، ستقل الإمكانيات الجديدة المتاحة أمامه لإقامة علاقات جنسيّة، رومانسية، عائلية، يبدو لنا الآن هذا التطور خياليا إلى حد بعيد. ليس مؤكدا أن تكون كل هذه العلاقات جيدة لنا، لأن حرية الاختيار تضمن إحباطات ومخاطر كثيرة. ولكن علينا أن نتذكر أن المشترك لكل العائلات على مر التاريخ ليس مبنى خاص، بل حقيقة أن العائلات كان عليها الاهتمام بتوفير احتياجات مادية، عاطفية، وروحانية لأفرادها ».

« أولا يجب التأكيد على أن المنافسة لن تكون مع الروبوتات بالضرورة، بل مع أجهزة الحاسوب والفهم الاصطناعي تحديدا. لن تكون روبوتات القيادة أو روبوتات طبية هي المنافسة لسائقي سيارات الأجرة والأطباء، بل برمجيات حاسوب ذكية تسيطر على سيارات الأجرة وتسجل وصفات طبية دون الحاجة إلى استخدام اليدين والقدمين. لذا في غضون وقت معقول، من المتوقع أن يتفوق الفهم الاصطناعي على الإنسان في كل مهنة أساسية تستند إلى تحليل المعلومات والتعرّف إلى أنماط معينة.

فيما يتعلق بالسياسة، يبدو أن تعيين روبوتات في منصب وزراء ورؤساء حكومة بعيدا، ولكن منذ وقتنا هذا نشهد عمليات سياسية كثيرة تحددها أجهزة الحاسوب. لا يسيطر المنطق على السياسة، بل مشاعر الإنسان. السياسيون الناجحون في يومنا هذا هم الذين يعرفون كيف يتعرفون إلى مشاعر المواطنين ويؤثرون فيها. في غضون وقت قصير، سيكون الفهم الاصطناعي قادرا على القيام بذلك أفضل من أي سياسي بشري. مثلا، في انتخابات عام 2020 للرئاسة الأمريكية ستستطيع لوغاريتمات في الفيس بوك (إذا أرادت شركة فيس بوك ذلك) التعرف مسبقا على الدول الهامة والمؤثرة في النجاح في الانتخابات، التعرف إلى 54,759 مواطنا في بنسلفانيا الذين لم يقرروا بعد أي مرشح يدعمون، وما على حزب معين أن يصرح أو يعلن لكسب أصوات هؤلاء المنتخبين. ليس من المستبعد في المستقبَل القريب، أن تقرر أجهزة الحاسوب كل كلمة يصرح بها السياسي ».‎ ‎

 

 

كلمات دلالية