تُكرسُ الانقسام والانفصال بين غزة والضفة

خبر بعد خصم الرواتب.. محللان يتوقعان إجراءات خطيرة تمس كل الغزيين

الساعة 07:53 م|04 ابريل 2017

فلسطين اليوم

 أكد محلل اقتصادي وآخر سياسي أن ما قامت به حكومة الحمدالله من خصومات على رواتب الموظفين في غزة، والتي طالت العلاوات يحمل مخاطر جمة على جميع الصُعُد، وينعكسُ سلباً على جميع القطاعات في غزة.

وأوضح المحللان في تصريحات منفصلة لـ« فلسطين اليوم » أن إجراء الخصومات من رواتب الموظفين والتي تشكل ما نسبته حوالي 30% من رواتبهم، قد تتبعه العديد من القرارات الصارمة تجاه قطاع غزة من قبل الحكومة، وأنه يوحي بأن السلطة بدأت تنسحب من قطاع غزة بشكلٍ تدريجي، مشيرين إلى أن القرار يعزز مبدأ الفصل بين الضفة وقطاع غزة.

الخبير الاقتصادي د. أسامة نوفل يرى أن اجراء حكومة التوافق يأتي في سياق الانسحاب التدريجي للسلطة من قطاع غزة، مشيراً إلى أن السلطة بدأت منذ فترة بتصدير أخبار عبر وسائل الإعلام المختلفة أنها في حالة عجز متراكم، وأنها ستلجأ إلى قرارات صارمة تجاه القطاع.

ويوضح نوفل أن إنفاق السلطة منذ عام 2007 بدأت ينخفض بشكلٍ ملحوظ وازدت وتيرته في الفترة الأخيرة، مستشهداً بالعديد من الدلائل التي من بينها وقف التعينات في قطاع غزة، مع استمرارها في الضفة المحتلة، إذ عينت السلطة أكثر من 27 الف موظف بين مدني وعسكري في الضفة المحتلة منذ أحداث الإنقسام.

وبين أن حجم إنفاق السلطة على قطاع غزة ضئيل جداً مقارنة بما يقدمه القطاع من إيرادات لخزينة السلطة الفلسطينية من خلال الضرائب التي تفرض على الواردات (المقاصة)، لافتاً إلى وجود مغالطات كبيرة بالأرقام التي تُصَدِرَهُا السلطة وحكومة الحمدالله فيما يتعلق بحجم الإنفاق من الموازنة العامة على قطاع غزة.

وبين أن الخصم بتلك الطريقة وبهذا التوقيت يحمل مغازي كبيرة، خاصة أنه يتزامن مع تهديدات رئيس السلطة محمود عباس بانه سيرد بخطوات غير مسبوقة على تشكيل اللجنة الإدارية العليا لإدارة قطاع غزة.

وتوقع الخبير الاقتصادي ان يتبع ذلك الإجراء التعسفي قرارات أكثر صرامة تطال قطاع التعليم والصحة، وأجزاء أخرى من الرواتب، وأن يتم إحالة اعداد كبيرة من الموظفين أو جميعهم إلى التقاعد إجبارياً.

كما، وتوقع ان يلحق بإجراء الخصومات تقليصات أخرى على الخدمات في قطاع غزة، وأن ترفض الحكومة رفع الضرائب عن الوقود الخاص بتشغيل محطة الكهرباء، أو اجراء يمس برنامج الضمان الاجتماعي الخاص بالفقراء، الأمر الذي يعد بمثابة عقوبة جماعية.

وقال: في حال وصل الامر إلى قرارات تتعلق بالمساس ببرنامج الضمان الاجتماعي الخاص بالفقراء، فسندخل في مشاكل كبيرة، تتحمل السلطة المسؤولية الكاملة عنها.

وأوضح أن انعكاسات خطيرة ستصاحب الخصومات من الرواتب من بينها، تراجع القوة الشرائية لدى الموظفين، إذ سيضطر موظف السلطة للتقليل من مشترياته في مقابل ادخاره لراتبه بعد الخصومات خشية من عقوبات جديدة في المستقبل، الأمر يشل حركة الاقتصاد في غزة.

ودعا نوفل القوى الوطنية والإسلامية للتدخل والتداعي والتواصل مع السلطة وحكومة الحمدالله لحل الأزمة، التي ستؤثر سلباً على جميع مناحي الحياة.

بدوره، اتفق الكاتب والمحلل السياسي د. ناجي شراب مع سابقه الاقتصادي في خطورة الإجراء الذي قامت به حكومة الحمدالله، قائلاً « خطورة الإجراء بتداعياته، وبمساسه بمبدأين أساسيين يتعلقان بالموظف ».

ويرى شراب أن إجراء الخصومات يمسُ بالموظف من خلال مبدأ أساسي وهو أن راتب الموظف حق للموظف لا يمكن المساس به تحت أي ذريعة أو أي مبرر من المبررات، كما أن الإجراء يمس بمبدأ وحدانية الموظف في الضفة وغزة التابع للسلطة الفلسطينية، قائلاً « لا يجوز فرض خصومات على موظف دون آخر، مع التأكيد على المبدأ الأول أن الراتب حق وليس منحة ».

ويشير شراب إلى ان التبريرات التي قدمتها حكومة الحمدالله كتفعيل لجنة لإدارة القطاع هي تبريرات ضعيفة، لافتاً إلى ان الحكومة تُجني الشيء الكثير من وراء قطاع غزة من خلال السلع المستوردة (المقاصاة) بمعنى أن غزة تساهم بجزء كبير من خزينة الحكومة، إضافة إلى وجود منح وتبرعات خاصة بالموظفين، وهذا الدعم لا يقتصر للموظف دون آخر.

وبين ان تبرير الحكومة للخصومات بموضوع أن الموظفين في غزة لا يعملون يخالف المنطق، إذ أن الموظف بغزة لا علاقة له بأي خلافات، وليس رهينة للتجاذبات السياسية، قائلاً « الموظف يجلسُ في بيته ليس بإرادته، وإنما استجابة لقرار سياسي لا يتحمل وزره ».

وذكر أن خطورة الإجراء تكمن في توقيته الذي يتزامن مع تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) التي هدد فيها بإجراءات قاسية رداً على تشكيل اللجنة الإدارية الخاصة بإدارة القطاع، مشيراً إلى أن القرار الذي قد يُربط مع التصريح يشكل خطورة من زاويا أخرى، وفقاً للتفسيرات والتأويلات المختلفة.

وأكد شراب أن الإجراء يحمل تداعيات سياسية على الحكومة ويفقدها المصداقية بالهدف الذي وجدت من اجله وهو إنهاء الانقسام، مشيراً إلى ان قرارات مشابهة لذلك من شأنها على المدى البعيد تعزيز الانقسام وتكريس حالة الانفصال بين الضفة وغزة، مبيناً أن ما يربط السلطة والضفة في قطاع غزة هو ملف الموظفين فقط.

وبالإضافة إلى التداعيات السياسية، يرى شراب أن الإجراء سيجرُ معه تداعيات اقتصادية واجتماعية وخيمة على قطاع غزة، وسيعمل على خفض قدرة الموظف على الاستجابة لمتطلبات المعيشة، الامر الذي سيولد مزيداً من الإحباط واليأس في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في غزة، وقد يكون ذلك دافعاً لانتشار الجريمة والعنف في القطاع، وهدد اساسي للبنية الأٌسرية.

وذكر أنه ينبغي معالجة الأزمة الجديدة على أكثر من صعيد، منها القانوني، وذلك من خلال رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية والعليا للنظر في قانونية القرار الذي أقدمت عليه الحكومة، والعمل على تحويل الموضوع إلى قضية رأي عام من خلال الإعلام، ووسائل التواصل، والمُفكرين، والمُثقفين، والكُتاب، وضرورة أن يكون لدى الفصائل الفلسطينية خاصة فصائل منظمة التحرير دور في مناقشة الموضوع مع الحكومة والرئاسة وقيادة المنظمة.

كلمات دلالية